استجابة لشكاوى أولياء الأمور.. مدير تعليم القاهرة تتفقد مدرسة الأبطال    وزير السياحة يتابع مستجدات العمل بمنظومة التأشيرة السياحية عند الوصول استعدادا للتشغيل التجريبي بالمطارات    القناة 14 الإسرائيلية: من غير المستبعد أن تتزايد هجمات إسرائيل على لبنان وصولا إلى تصعيد كامل    أحمد عيد عبد الملك يعلن رحيله عن تدريب الداخلية    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخر إثر اصطدام لودر بسيارة ملاكي في البحيرة    نتنياهو: إيران تحاول إعادة بناء محور التهديد وسنمنع ذلك فى لبنان وغيرها    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي    رئيس مجلس الدولة يستقبل وفدًا من كلية الحقوق بالجامعة الخليجية    شيخ الأزهر يهنئ السلطان هيثم بن طارق والشعب العماني باليوم الوطني    مساعد وزير الخارجية يشيد ببرامج الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول الخارجة من النزاعات    دموع الإيمان تهز القلوب، الشرقية تكرم عبد الله رغم عدم فوزه في "دولة التلاوة" (صور)    مهرجان شرم الشيخ المسرحى يكرم مخرجى الألفية الثالثة.. تفاصيل    سانوفي تطلق دواء "ساركليزا" في مصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما المتعددة أملًا جديدًا في العلاج    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    عضو الحزب الجمهورى: إسرائيل لا تعترف بأى قرار ولا تحترم أى قرار دولى    سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار في بنك الخرطوم المركزي (آخر تحديث)    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    الداخلية تضبط صاحب فيديو «عصا البلطجة» بالجيزة    يونيفيل: استقرار هش على طول الخط الأزرق ونسير دوريات مع الجيش اللبناني    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    فقرة بدنية في مران الزمالك قبل مواجهة زيسكو    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الشيخ رمضان عبد المعز: العمل الصالح هو قرين الإيمان وبرهان صدقه    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    مستشفى الناس تحتفل بتدشين أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط وتعلن تحولها لمدينة طبية    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    وزير الرياضة: نمتلك 55 محترفاً في دوري كرة السلة الأمريكي NBA    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 نوفمبر 2025    الموسيقار عمر خيرت يتعافى ويغادر المستشفى    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    حل الأحزاب السياسية في مصر.. نظرة تاريخية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    عقوبات قاسية على نادي "ألو إيجبت" بعد أحداث مباراة القناطر الخيرية    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    والده ل في الجول: أشرف داري لا يفكر في الرحيل عن الأهلي    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    ماذا يحدث لجسمك بعد الإقلاع عن التدخين؟.. الصحة توضح مراحل التعافي    سبورت بيلد: صلاح هو المشكلة الأكبر أمام تألق فيرتز في ليفربول    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    د. شريف حلمى رئيس هيئة المحطات النووية فى حوار ل«روزاليوسف»: الضبعة توفر 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا والمحطة تنتقل إلى أهم مرحلة فى تاريخها    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن و الآخرون و كواشف الهوية
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 02 - 2010

يبدأ المرء حياته بالتعرف المباشر علي أفراد أسرته‏,‏ ولكنه لا يلبث كلما تقدم في مراحل النمو أن تتزايد شيئا فشيئا أعداد الأفراد‏'‏ الآخرين‏'‏ الذين ينبغي عليه التفاعل معهم‏.‏ وتتفاوت أنماط التفاعل المطلوبة تفاوتا كبيرا بين الحب والكراهية‏, بين الهجوم والدفاع‏,‏ بين الإقدام والإحجام‏...‏ إلي آخره‏.‏ وليس من شك في أن اختيار النمط المناسب للتفاعل مع شخص بعينه يقتضي أولا معرفة هذا الشخص‏:‏ من هو ؟ ماهي خصائصه النفسية والاجتماعية والأخلاقية ؟ هل هو عدواني ينبغي مهاجمته ؟ هل هو رقيق حساس ينبغي توخي الرفق في التعامل معه؟ هل هو خبيث ينبغي التحسب له ؟ هل هو طيب لنا أن نأمن جانبه؟ إلي آخر تلك المعلومات الضرورية التي لابد منها لكي نحسن التعامل مع الآخرين‏.‏ وغني عن البيان أن نقص مثل تلك المعلومات‏,‏ و ما يؤدي إليه من تعامل خاطئ مع الآخر‏,‏ قد يكلف المرء حياته بالفعل إذا ما حسب العدو صديقا فأمن له واقترب منه‏,‏ وقد يكلفه خسارة فادحة إذا مابادر صديقا بالعدوان بحسبانه عدوا‏.‏ وإذا ماكان الأمر كذلك تري كم من الجهد ومن الوقت ينبغي علي المرء أن يبذله ليحقق الحد الأدني من تلك المعرفة المطلوبة والضرورية؟ و هل يمكن تأجيل الاختيار إلي أن يتحقق ذلك؟ وإذا ما استحال ذلك التأجيل‏,‏ فما هو البديل ؟
لقد ظهر التصنيف النمطي للآخرين لسد هذه الفجوة علي وجه التحديد‏:‏ اقتصادا للجهد والوقت اللذين تتطلبهما المعرفة المباشرة‏.‏ فبمجرد التعرف علي الملامح الظاهرية المميزة للآخر‏,‏ والتي يمكن من خلالها الاستدلال علي هوية الجماعة التي ينتمي إليها‏,‏ يتحدد بصورة أولية الموقف منه‏.‏ وهو موقف قابل للتطوير والتعديل بطبيعة الحال إذا ماسمحت الظروف بمزيد من التعرف المباشر وبصورة أعمق علي ذلك الآخر‏.‏ ويكفينا للتدليل علي مانقول أن نعرض بإيجاز لدلالات عدد محدود من تلك الملامح الظاهرية‏,‏ والتي تشمل الجنس‏,‏ والطول‏,‏ والوزن‏,‏ ولون البشرة‏,‏ والسن‏,‏ ونوعية الملابس وملحقاتها‏,‏ والملامح الجسمية المميزة‏.‏
إن التعرف علي جنس الآخر أمر لايقتضي كثيرا من الجهد والوقت‏.‏ فإلي جانب الملامح الجسمية المميزة للذكور والإناث يحرص كل مجتمع علي تزويد أبنائه بوسائل إشهار إضافية تفصح عن انتمائهم الجنسي‏,‏ كالملابس‏,‏ و تصفيف الشعر‏,‏ و أنواع من الحلي‏...‏ إلي آخره‏.‏ وفي نفس الوقت فإن المجتمع يزود أبناءه بصورة إدراكية عامة للذكور وللإناث بحيث تنسب لكل جنس صفات سلوكية معينة تيسر للمرء التفاعل بصورة أولية مع الآخر الذكر أو الأخري الأنثي حتي قبل التعرف الإنساني المباشر مع أي منهما‏.‏
كذلك الحال بالنسبة لخاصيتي الطول والوزن‏,‏ فالصورة الإدراكية للطوال مثلا قد تنسب لهم صفاتا عقلية وسلوكية تختلف عن نظيرتها في الصورة الإدراكية لقصار القامة‏.‏ والأمر بالمثل بالنسبة لأصحاب الأجسام النحيفة‏,‏ وأصحاب الأجسام البدينة‏.‏ ومن ثم فإن مجرد أن يكون الآخر القادم طويلا أو قصيرا‏,‏ نحيفا أو بدينا‏,‏ يخلق لدينا نوعا من التهيؤ النفسي الإدراكي للتعامل معه وفقا للصفات الشائعة عن الجماعة التي ينتمي إليها بصرف النظر عن صدقها أو زيفها‏,‏ وبصرف النظر أيضا عن مدي انطباق تلك الصفات عليه شخصيا‏.‏
ويلعب لون بشرة الآخر دورا هاما في تشكيل الصورة الإدراكية لصاحبه‏.‏ إن العديد من المجتمعات تنسب قائمة محددة من الصفات النفسية إلي أصحاب كل لون من ألوان البشرة فللزنوج صورة إدراكية تختلف عن صورة البيض أو أصحاب البشرة الصفراء أو السمراء‏...‏ إلي آخره‏.‏
وإذا كانت الملامح الظاهرية السابقة تندرج تحت ما يسمي بالملامح الطبيعية‏,‏ فإن ثمة ملامح أخري يصطنعها البشر وتلعب دورا أخطر في تشكيل الصورة الإدراكية‏,‏ ولعلها تعنينا أكثر في هذا المقام‏.‏ ولعل أبرز تلك الملامح يتمثل في الملابس وملحقاتها‏,‏ حيث تلعب الملابس دورا أساسيا في تصنيف الفرد قوميا و في تحديد الصورة الإدراكية للقومية التي ينتمي إليها‏,‏ كما قد تلعب دورا مهما في تشكيل الصورة الإدراكية للمجموعة التعليمية أو المهنية التي ينتمي إليها الفرد‏,‏ بل و تلعب أيضا دورا أساسيا في تحديد سلوكياته وفقا لصورته الإدراكية لدي الآخرين‏:‏ إن مجرد ارتداء المعطف الأبيض و في إطار بيئة اجتماعية معينة يفرض علي صاحبه أن يتصرف وفقا للمتوقع منه باعتباره طبيبا‏,‏ مما يسمح له بما قد لا يسمح به لغيره من تصرفات‏,‏ و يحظر عليه ما قد لا يكون محظورا علي غيره من أنواع السلوك‏.‏
و كذلك الحال بالنسبة لعمامة الشيخ‏,‏ أو قلنسوة القسيس‏,‏ أو غير ذلك من الأردية المميزة لرجال الدين‏,‏ فضلا عن النقاب والحجاب و الصليب و غيرها من كواشف الهوية الدينية لدي العامة‏,‏ فإنها ليست بحال مجرد ملابس أو مستلزمات‏;‏ بل هي إعلان عن الهوية الدينية‏,‏ و من ثم فهي رسالة موجهة للآخر ويتوقف تأثير تلك الرسالة علي ترجمة ذلك الآخر لها‏,‏ كما يتوقف أيضا علي التجسيد السلوكي لصاحبها كنموذج أخلاقي للفئة التي اختار أن يعلن انتماءه إليها‏,‏ و تتوقف تلك الترجمة وذلك التجسيد بدورهما علي ما غرسه المجتمع في نفوس أبنائه عبر عمليات التنشئة الاجتماعية من صور إدراكية جاهزة لتلك الرموز الدينية‏.‏
إن الإفصاح العلني عن الهوية الدينية يحمل صاحبه أو صاحبته مسئولية اجتماعية ثقيلة‏,‏ حيث إنه وقد وضع نفسه موضع الممثل لجماعته‏,‏ ومن ثم فإن أخطاءه السلوكية وهناته الأخلاقية لا بد أن تتضخم وأن تتجاوزه لتشوه صورة جماعته التي ارتضي إعلان نفسه ممثلا لها‏.‏
لعلنا نستوعب ذلك ونحن نتأمل ما يجري بيننا و حولنا من أحداث‏.‏
[email protected]
المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.