منذ ان اعلنت نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, طفت علي السطح كتابات تولول, وتثير البلبلة بين ابناء الشعب, وتزرع المخاوف في قلوب الاخوة الاقباط, بدعوي ان نعم للتعديلات التي قالها77.2 % من الناخبين المشاركين في الاستفتاء سوف ينجم عنها وصول الاخوان المسلمين الي سدنة الحكم, وقيامهم حسب تصور أصحاب هذه الكتابات بتأسيس دولة اسلامية في مصر, والحجر علي الرأي والتنكيل بالمخالفين, وحرمان الاقباط من حقوق المواطنة, ومعاملتهم معاملة المواطن من الدرجة الثانية!! واستغل اصحاب هذا الرأي الزفة الاعلامية التي رافقت الافراج عن مخطط عملية قتل الرئيس السادات عبود الزمر وتصريحات الاخير عن تفكيره انشاء حزب ومن ثم الترشح للرئاسة!! متجاهلين ان معظم ابناء الشعب المصري تعاملوا باستنكار مع تصريحات الزمر, وبخاصة حين اعلن انه غير نادم علي قتل السادات! وتمادوا في محاولاتهم تأكيد زعمهم بقرب قيام دولة دينية الي درجة بث الفتنة بين ابناء الشعب, بمطالبتهم إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص علي ان الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع تحت ادعاء ان هذه المادة تكرس الطائفية وتدعو الي قيام دولة دينية. وهو زعم يثير الضحك لان هذه المادة موجودة في دستور1923, الذي شارك في وضعه وصياغته اقباط, فضلا عن انها ليست بدعة اختص بها الدستور المصري وحده, فلو عاد هؤلاء الي دساتير دول اوروبا التي يعتبرونها واحة الديمقراطية لوجدوا نصوصا مشابهة اذ ينص الدستور الاسباني في مادته السابعة علي ان يكون الملك اوالرئيس من اتباع الكنيسة الكاثوليكية, وتشير المادة التاسعة منه بصراحة إلي أن الكاثوليكية هي المذهب الرسمي للدولة, امافي الدنمارك فيشترط البند الخامس من المادة الاولي ان يكون الملك من اتباع الكنيسة اللوثرية, ويعلن البند الثالث من نفس المادة ان الكنيسة اللوثرية هي الكنيسة الام المعترف بها في البلاد. والامر ذاته يقال عن الدستور السويدي الذي يشترط في مادته الرابعة ان يكون الملك من اتباع الكنيسة الانجيلية, والدستور اليوناني الذي تنص مادتة الاولي علي ان المذهب الرسمي للدولة هومذهب الكنيسة الارثوذكسية الشرفية, وتشترط مادته السابعة والاربعون ان يكون من يعتلي عرش اليونان من اتباع الكنيسة المذكورة!! وبرغم وجود هذه النصوص في دساتير البلدان التي ذكرتها وبلدان اوروبية اخري, فإن احدا لم يزعم يوما تعارضها مع الديمقراطية, بل رأوا فيها شيئا طبيعيا يعبر عن رأي الاغلبية ويحقق الديمقراطية في ارقي صورها. فلماذا الافتراء علي المادة الثانية من الدستور, وبخاصة مع علم من يروجون لذلك انه لايوجد في شريعة الاسلام مايسمي دولة دينية فعلي امتداد عصور الاسلام وتاريخ المسلمين لم نعرف قيام مثل هذه الدو لة, فمنذ ان انتهي عصر الخلفاء الراشدين, قامت دولة ملكية تحت مسمي الخلافة لم تتسم قط بالطابع الديني, بل تولاها في معظم الاحيان خلفاء ماجنون من امثال يزيذ بن معاوية, والشريعة الاسلامية لم تشترط ان يكون الحاكم فقيها, ولايوجد في الاسلام السني الذي تعرفه مصر مايسمي عصمة الفقيه فالمقارنة مع النموذج الايراني غير موجودة اصلا, وهناك فرق بين المطالبة بتطبيق الشريعة وبين قيام حكومة دينية. والشريعة بالفعل مطبقة في معظم نصوص القانون المصري باستثناء الحدود, فما الجديد الذي أحال المادة الثانية رجسا وكفرا ؟! في وقت هي في حقيقتها تمثل حماية للأقليات غير المسلمة وتؤكد حقوقهم لقوله صلي الله عليه وسلم. اتركوهم ومايدينون و من اذي ذميا فأنا خصمه يوم القيامة و لهم مالكم وعليهم ماعليكم وغير ذلك من الاحاديث النبوية الشريفة التي حثت علي إعطاء الاقليات غير المسلمة حقوقها كاملة. ان الخطأ الذي يقع فيه اصحاب هذه الكتابات المغرضة يتمثل في عدم ادراكهم طبيعة المرحلة, فثورة25 يناير لم تقم فقط لاسقاط نظام فاسد, وانما قامت ايضا لتمحو كل مايرتبط به من مظاهر الوصولية والنفاق الاجتماعي والسياسي, والتي غلفت الحياة والبشر في مصر علي امتداد ستة عقود. فلتصمت كل الاقلام المريضة..وليكتب فقط عن مصر كل من يتسامي بروحه الي احلامها في دولة تقوم علي العدالة والمساواة والحرية, ليتذكروا ماقاله الزعيم الكبير مكرم عبيد انا مصري قبطي الديانة مسلم الهوي والهوية.