الآلاف يشاركون في احتفالات عيد «أم النور» بكنائس الأقصر (صور)    رئيس جامعة الإسكندرية يفتتح معرض أخبار اليوم للتعليم العالي في نسخته الرابعة (صور)    في مؤتمر صحفي.. قائمة المستقبل تعلن عن مرشحيها وبرنامجها لخوض انتخابات نقابة الأطباء    "حماة الوطن" يبدء أولى اجتماعات الترتيب لخوض انتخابات النواب 2025    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا؟ أعلى شهادات البنك الأهلي الآن    البترول: 3 من كل 10 لترات بنزين يستهلكها المواطن تنتجها شركة مصرية خالصة    شقق للإيجار في أكتوبر.. اختر منزلك بجانب أفضل فرص العمل والتعليم    تقارير: أمريكا طلبت من إسرائيل تقليص عملياتها في لبنان    تقارير: قاعدة صواريخ نووية سرية في كوريا الشمالية تهدد أمريكا    «الدراسات المستقبلية» بجامعة القدس: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء ولا تهتم بأي مواقف إقليمية أو دولية    موعد مباراة الزمالك المقبلة بعد ثنائية مودرن سبورت    جماهير الزمالك توجه رسالة للاعبي الفريق خلال مباراة مودرن سبورت    عمر مرموش يكشف عن أصعب خصم واجهه في الدوري الإنجليزي    مارسيليا يوافق على رحيل جوناثان روي إلى بولونيا الإيطالي    زوجة ضحية الإسماعيلية: قلوبنا هدأت.. وعزاء زوجي السبت    تنفيذ الإعدام بحق المتهم الرئيسى فى جريمة اغتصاب سيدة أمام زوجها بالإسماعيلية    وزير البترول يشارك نجل بطل حريق العاشر فرحة زفافه بمسقط رأسه بالدقهلية (فيديو)    بالصور| رانيا يوسف وسيد رجب يحتفلان ببدء تصوير مسلسل "لينك"    بدرية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء.. اعرف التفاصيل    محمد فايز فرحات: إرادة مشتركة بين مصر والسعودية للحفاظ على العلاقات الثنائية وتطويرها    بالصور.. دينا الشربيني تخطف أنظار الجمهور في أحدث ظهور بفستان قصير    استخراج مقص من جمجمة مريض في جراحة دقيقة ببنها    قرارات هامة لمواجهة الإهمال الطبي داخل قطاع الصحة بالمنيا    نائب وزير الصحة: الحضانات تكلف مصر 87 مليار جنيه سنويا بسبب الولادة القيصرية    فحص 1051 متردد خلال قافلة طبية مجانية بالمنيا    مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    لم يرحمهم السيسي .. قانون الإيجار القديم يهدد بتشريد سكان المقابر فى الشوارع    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    قصور القلب- دلليك الشامل للتعرف عليه    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    مصدر ليلا كورة: أعمال استاد الأهلي مستمرة والتربة الصخرية لا تعيق الحفر    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    أحكام ب8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    غلق الستار الأليم.. تشييع جثمان سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول مواجهة بين التيارات الإسلامية والأقباط فى معركة الدستور

ربما تكون المرة الأولى فى تاريخ مصر الحديث، أن يخرج الشعب المصرى بكل طوائفه ومراحله العمرية ليشارك فى معركة الاستفتاء على مواد الدستور، نختلف أو نتفق إذا كان الذين خرجوا ليدلوا بأصواتهم قد استوعبوا وفهموا مواد الدستور المعدلة أم لا، ولكن الذى نؤكده أن خروج 18 مليون مصرى إلى الشارع فى يوم واحد فى جميع المحافظات هو المكسب الكبير لمعانى المشاركة، والمدلول الأهم.. لماذا كان الشعب يرفض الخروج فى صناديق التزوير الانتخابية فى العهد السابق، ولكن هناك تفسيرات وتأويلات وتحليلات كثيرة عن قول المصريين «نعم».. ولماذا تحولت المشاركة فى الاستفتاء على تعديلات الدستور بين الجنة والنار، وكيف استطاعت التيارات الإسلامية أن تحشد كل هذه الأعداد، ولماذا أيضاً خرجت جموع الأقباط للمرة الأولى للمشاركة والمساهمة لتقول «لا».
أولاً: جاءت صيحات وهتافات الأقباط أثناء تظاهرهم أمام التليفزيون على كورنيش النيل إنذاراً مهماً التقطته التيارات الإسلامية عندما طرحوا رغبتهم فى إلغاء المادة الثانية فى الدستور، والتى تؤكد أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وإذا كان بعض المسلمين تعاطفوا فى بادئ المظاهرات بسبب إعادة بناء كنيسة صول بأطفيح، فإن التحولات التى صاحبت طلبات الأقباط قد غيّرت كثيراً فى نفوس المسلمين بعدما أعلن الأزهر وشيخه الجليل د. أحمد الطيب أن المساس بالمادة الثانية من الدستور يثير الفتن، وأكد د. على جمعة، مفتى الديار المصرية، أنه من الصعب إلغاء المادة الثانية من الدستور، لأنها تمثل هوية ومكانة مصر الإسلامية، ويرتبط بها عدد من مواد الدستور، علاوة على تأثيرها فى وزن مصر على مستوى العالم الإسلامى. وعلى ما يبدو أن هذه التصريحات الدينية الواضحة كانت إيذاناً بتغيير مسارات الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
ثانياً: الميديا بكل ألوانها سقطت فى توجيه الرأى العام نحو «لا» للتعديلات الدستورية، فقد كانت معظم برامج التوك شو السياسى تناشد وتتجه نحو «لا»، وربما كانت الأنشط والأشهر قناة ON TV التى يملكها رجل الأعمال القبطى نجيب ساويرس, والذى قاد فريقاً كبيراً تجاه رفض التعديلات, واستطاع بنفوذه المالى وعلاقاته المتعددة مع الليبراليين أن يستخدم كل الطرق لفرض «لا», حتى أنهم اشتروا صفحات فى بعض الجرائد للإعلان عن «لا»، ولكن جاءت الحقيقة موجعة ومؤلمة، وأكدت أن التلاحم المباشر مع مصالح الناس والخطاب المباشر معهم أشد فتكاً وتأثيراً من مناظرات وتنظيرات النخب السياسية، ويبدو فى المشهد السياسى أيضاً أن تأثيرات «الفيس بوك» التى كانت من مولدات ومحركات ثورة 25 يناير، قد تراجعت أيضاً بعد حالة التراشق الكلامى بين المسلمين والمسيحيين، والاتهامات المتبادلة بينهم، فالمسلمون راحوا يتهمون المسيحيين بأنهم يريدونها دولة علمانية، والآخرون اتهموا المسلمين بأنهم يريدونها دولة دينية يستحوذون عليها، ولا حياة فيها للأقليات الدينية.
وعموماً انتهزت التيارات الإسلامية الوضع، وطفت بشكل غير مسبوق على المشهد السياسى المصرى، فربما تكون المرة الوحيدة التى نشهد فيها ائتلافاً بين الإخوان المسلمين والسلفيين والجهاد الإسلامى، رغم تأكدنا من المتناقضات والصراعات بينهم على مدار تاريخهم فى كل المواقف. ويبدو أن خروج عبود الزمر فى هذا التوقيت من السجن، جاء رهاناً آخر للدخول فى هذا الائتلاف، والدليل على ذلك تصريحاته عقب خروجه مباشرة بأنه سيقول نعم، وسيدعم حكومة د. عصام شرف، واستطاعت التيارات الإسلامية أن تصل إلى المنازل والشقق وإلى مقار العمل المختلفة، واستطاعت المنتقبات، سواء من السلفيين أو الإخوان، الوصول إلى السيدات فى المساجد والبيوت، وظهر ذلك واضحاً بقوة يوم 19 مارس، يوم الاستفتاء، بعدما لوحظ وجود منتقبات فى كل لجنة فى الداخل يدعون السيدات إلى علامة «نعم»، غير الرجال الموجودين أمام المقار الانتخابية لتوجيه الناخبين لضرورة «نعم»، واستطاعت التيارات الإسلامية أن تلخص للشعب المصرى التعديلات الدستورية فى علامات الموافقة فى بطاقة إبداء الرأى، فالذى يقول نعم للدائرة الخضراء سيكون مصيره «الجنة،» وعلامة الرفض لأهل «النار، ولذا فمن الواضح أن الذين خرجوا للاستفتاء لم يدققوا ولم ينظروا ولم يفهموا شيئاً عن هذه التعديلات، لأن وسائل الإعلام لم تستطع إيجاد صيغة شعبية للدستور، تكون مبسطة لكى يفهمها العوام من الشعب، ولكن الغالبية مالت أيضاً إلى قبول الحد الأدنى فى طلباتها، فالبعض أكد أن «نعم» تعنى تسيير الحياة، وعودة لقمة العيش، ورفض الذين يريدون «وقف» حال البلاد، ولكن أصعب المواقف التى قابلت التيارات الدينية، عندما أعلن محمد رجب، أمين عام الحزب الوطنى، أنه سيقول نعم للتعديلات الدستورية، وهو ما هدد التيارات الدينية، وتخوفها، بعدما استغل أصحاب دعوة «لا» تصريحات رجب، وراحوا يرددون أن ذيول الحزب الوطنى تحاول العودة سريعاً، ويريدون التعديلات لكى يعودوا إلى كراسى مجلس الشعب والسلطة سريعاً. ثالثاً: ربما تكون المرة الأولى التى يخرج فيها الأقباط للمشاركة السياسية بقوة، وكانت الدعوة وجوبية داخل مقار الكنائس، والتنبيه بشدة على ضرورة خروج كل أفراد العائلة، وبات على الجميع ألا يتركوا الدولة تذهب للإخوان المسلمين والسلفيين والجهاديين، وباتت معركة حياة أو موت، حتى إن أحد رجال الأعمال قال فى جلسة أنه سيفكر فى الرحيل إذا نجحت التيارات الإسلامية فى قبول الاستفتاء لصالحها، لأن مصر ستتحول إلى دولة دينية كاملة المعالم، واستطاعت الكنائس أن تنظم أتوبيسات كبيرة لكى تأخذ أبناء الشعب القبطى إلى مقار الانتخابات، وظهرت تلك التنظيمات فى محافظة الأقصر بشكل كبير، وكان يذهب على كل أتوبيس قسيس أو راهب ليتأكد من الحضور، ويتابع الذين تغيبوا، ويؤكد شاهد عيان أن الأقباط ذهبوا إلى المقار الانتخابية مبكراً فى الساعة 8 صباحاً، ولكن سرعان ما أنهوا تصويتهم الساعة 12 ظهراً، وبعدها ظهرت قوافل المسلمين التى ظلت فى طوابير منتظمة حتى الساعة التاسعة ليلاً، وتم إغلاق المقار الانتخابية بعد أن شعر القضاة بالإرهاق والتعب، واعتذروا للذين لم يأخذوا نصيبهم فى التصويت، ولكن على ما يبدو أن نصيب «لا» كان الأكبر، والأكثر فى بعض دوائر القاهرة، مثل حى الزمالك وجاردن سيتى وجزء من شبرا التى حصلت فيها «لا» على 51 % مقابل 49 % ل«نعم». أما الوجه البحرى والقبلى فكانت الغلبة للمسلمين الذين احتشدوا ضد المسيحيين بشكل مباشر، بعدما استطاعت الكنيسة والتيارات الإسلامية تأجيج الصراع وإشعال المعركة، وربما تضيّع هذه المواجهة مكاسب ثورة 25 يناير بعد حالة التفكيك التى حدثت لها، لتعود نغمة الدولة الدينية مرة أخرى.
رابعاً: الخدعة الكبرى التى نخشاها الأيام القليلة القادمة، أن يصدق الإخوان المسلمين والسلفيون والجهاد الإسلامى أنهم يملكون 14.192 مليون مواطن، هم الذين قالوا نعم للتعديلات الدستورية، والكارثة أيضاً أن يظن الأقباط أنهم يملكون 4.174 مليون، هم الذين قالوا «لا». والحقيقة لا الأقباط ولا الإخوان قادرون على ذلك، ولكن لا ننكر أن الأقباط باتوا جزءاً مهماً فى المعادلة السياسية المصرية، بعدما خرجوا للمشاركة التصويتية السياسية، وننتظر أن يفكروا بشكل عقلانى دون عواطف فى استمرار المشاركة، ونحن على أعتاب انتخابات مجلس الشعب، بعدما عرفوا طريق المقارات الانتخابية لأول مرة. وإذا كانت نسبة 22.8 % من الذين قالوا «لا» هى النسبة الأقل، فعليها سريعاً أن تحترم الأغلبية التى حصلت على نسبة 77.2 %، ولا تحاول التشكيك فيها مثلما يحدث الآن فى بعض البرامج الفضائية التى تدعى أن الإخوان ضحكوا على الشعب، والبعض راح يشكك فى التصويت وبطاقات إبداء الرأى، وبدأت علامات الهزيمة تسيطر على مشاعر الذين تبنوا حملة «لا»، رغم أن الانتصار الحقيقى والعرس الكبير للديمقراطية هو خروج أكثر من 18 مليونا للتصويت بنسبة تصل إلى 41 %، وهى نسبة غير مسبوقة حتى أيام التزوير فى عهد مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.