ارتفاع عدد ضحايا حريق الأبراج في هونج كونج إلى 94 قتيلا وعشرات المصابين    حصيلة ضحايا كارثة الأبراج في هونج كونج تقترب من 100    سوريا.. شهداء وجرحى في توغل عسكري إسرائيلي بريف دمشق    بعثة منتخب مصر تغادر اليوم إلى قطر للمشاركة في كأس العرب    الأهلي يواجه الجيش الملكي.. صراع النجوم على أرض الرباط    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    بالأقدام العربية.. روما يهزم ميتييلاند ب "العيناوي والشعراوي"    الرئيس البولندي يصدق على مشروع قانون لزيادة ضريبة البنوك    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    حبس سيدة وابن عم زوجها 4 أيام بالفيوم بتهمة علاقة غير شرعية بالفيوم    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    نائب محافظ البحر الأحمر تشارك في احتفال شركة أوراسكوم لتسليم شهادات الاعتماد للفنادق (صور)    تفاصيل صادمة.. زميلان يشعلان النار في عامل بسبب خلافات بالعمل في البحيرة    جامعة مطروح تشارك في المؤتمر الدولي لصون الطبيعة والموارد الوراثية بشرم الشيخ    تعليم القاهرة تواجه الأمراض الفيروسية بحزمة إجراءات لوقاية الطلاب    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مصر تستقبل بعثة صندوق النقد: اقتراض جديد لرد أقساط قديمة... والديون تتضخم بلا نهاية    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    عماد الدين حسين: سلاح المقاومة لم يردع إسرائيل عن غزو لبنان واستهداف قادته    سفير روسي: العالم يشهد أخطر أزمة أمنية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية    ترامب يعلن وفاة مصاب في حادث إطلاق النار قرب البيت الأبيض    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    والدة الإعلامية هبة الزياد تكشف ل مصعب العباسي سبب الوفاة    ستيف بركات يقدم جولة "Néoréalité" العالمية على مسرح دار الأوبرا المصرية    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    متحدث مجلس الوزراء: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تركز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    تعرف على شخصية كريم عبد العزيز في فيلم "الست" ل منى زكي    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    بين الإبهار الصيني والمشهد الساخر الإيراني... إلى أين تتجه صناعة الروبوتات مؤخرًا؟    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    شعبة السيارات: نقل المعارض خارج الكتل السكنية يهدد الصناعة ويرفع الأسعار مجددًا    مرشح لرئاسة برشلونة يوضح موقفه من صفقة ضم هاري كيم    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    قفلوا عليها.. سقوط طفلة من الطابق الثاني في مدرسه بالمحلة    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطباعات صغيرة حول حادث كبير‏(4)‏

في الصباح‏,‏ كانت العجوز تفتح أبواب الشرفة الطويلة في الطابق الذي يرتفع قليلا عن أرض الطريق‏.‏ كانت تضغط الزر في الجدار الجانبي وتضيء لمبة الفانوس القديم المعلق في عز النهار‏,‏ بعد ما تكون أضاءت نور الشقة كلها‏. وتروح تزيل الغبار الأصفر الناعم. أما بقية النهار, فقد كانت تترك أبواب الشرفة مفتوحة والنور مضاء, وفي الشتاء تترك الشيش وتغلق الزجاج. وإذا ما وقف أحدنا في شرفتنا المقابلة, كنا نلمحها عبر هذا الزجاج المضاء, وهي تمر وحيدة من هنا إلي هناك داخل الشقة.
في الصباح كنت أنتبه إلي صوت ضربات الفوطة الكبيرة وهي تنفض الأبواب والمقعدين والطاولة بينهما, كنت أراها هناك بحجمها الصغير في جلباب البيت والروب المفتوح, وشعرها الأبيض المنكوش أسفل الإيشارب المربوط, وهي ترفع الغابة الطويلة بنهايتها التي ثبتت فيها اللوفة الكبيرة, تمررها علي بقية الجدران والسقف العالي.
أما في الأيام الأخري, فقد كنت أقلق من نومي علي الضربات القوية للعصا القصيرة في السجادة المطوية علي سور الشرفة الحجري. وكانت هذه مهمة شبه يومية لا تنتهي أبدا.
وقبل أيام كنت أتفرج علي الدبابة التي جاءت صباحا واستقرت في الجانب أمام شرفتها, عندما فتحت وخرجت تستأنف العمل, وأنا استنتجت أنها فوجئت بالدبابة الكبيرة التي جثمت بمدفعها الذي يمتد بعيدا, بينما الجندي يطل من برجها العالي بخوذته الحديدية المصقولة, لقد رأيتها تنكمش ثابتة ثم تتراجع مسرعة وتغلق الأبواب وراءها. غابت زمنا لا نراها, وأنا افتقدتها مع الأيام.
ظلت الدبابة ثابتة مكانها بجرمها الهائل وجنازيرها القوية, وقد بدت في مكانها ثقيلة وراسخة, إلا أن تضاريسها كانت متناغمة وفي لون الرمال حتي بدت غاية في الرشاقة والخفة لأنها لا تلامس الأرض من الخلف وتشب بصدرها كأنها علي وشك النهوض بينما يمتد مدفعها الطويل مائلا إلي أعلي قليلا. وكانت حركة الجندي في برجها العالي تضفي عليها شيئا من الحيوية والألفة.
كنت أري الشباب الذين يتناوبون الحراسة ليلا يتركون مواقعهم ويتجمعون حولها يتحدثون مع قائدها وبعض من زملائه الذين يظهرون يشربون الشاي, قبل أن يعود كل إلي موقعه, ثم علمت أن قائدها اعتاد علي تلقي بلاغات الأهالي الذين يأتون من مناطق أخري للاستغاثة من هجمات تتعرض لها مناطقهم من البلطجية أو المساجين وأنه كان يحتفظ بأرقام مواقع أخري يتصل بها.
أما في النهار فقد بدأ الأولاد يلتفون حولها ويتحدثون مع قائدها ويشبكون الأعلام فيها ويتسلقونها ويتعلقون في مدفعها, وقد رأيت رجلا كبيرا يركب علي المدفع ويدلي ساقيه من الجانبين ويضع أمامه طفلا صغيرا, بينما وقف رجل آخر يلتقط لهما صورا, الأمر الذي ذكرني بتلك الدبابات التي كانت تتجول بين المتظاهرين في ميدان التحرير وقد حملت علي صدرها كتابة كبيرة ومعوجة تقول: يسقط حسني مبارك. الدبابة فعلا كائن جميل.
أصبح المكان مختلفا. ولم تمر سوي أيام إلا وسمعت ضربات الفوطة وهي تعمل في الأبواب. كانت فتحت وخرجت تواصل عملها اليومي. في بعض المرات خيل إلي من هنا أن قائد الدبابة يلتفت إليها ويتبادلان الكلام. وعندما انتهت من تنظيف السقف رأيتها تمد الغابة خارجا وتمرر اللوفة لتزيل بها الغبار عن جسد الدبابة من خلف ومن أمام. ولما مدت الغابة أكثر لتنظف المدفع راحت اللوفة تنزلق علي استدارة الماسورة وتتفلت ناحية الأرض. ظلت تحاول بلا فائدة حتي سحبت غابتها ودخلت.
في الصباح, كنت سمعت صوت الدبابة القوي وهي تبتعد. خرجت ولحقتها تنحرف آخر الطريق, ولم ألبث أن رأيت العجوز تخرج هي الأخري. ثبتت مكانها قليلا, ثم تقدمت وأمسكت بالسور الحجري واستندت عليه بصدرها, ومالت تبحث في الناحية التي هنا, ثم مالت تبحث في الناحية التي هناك.
المزيد من مقالات إبراهيم اصلان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.