«مصر للمعلوماتية» تطلق تطبيقا إلكترونيا لإدارة الكافتيريات الجامعية    إحباط مخطط إرهابي لحركة "حسم" الإخوانية.. محمد رفيق إبراهيم مناع محكوم عليه بالسجن المؤبد    اليوم آخر موعد لتنازلات مرشحي «الشيوخ».. وبدء الدعاية الانتخابية    محافظ الأقصر في جولة صباحية لمتابعة النظافة بعدد من شوارع المدينة    بعد تقديم استقالتها من الحكومة: رئيس الوزراء يهنىء الدكتورة ياسمين فؤاد بمنصبها الأممي الجديد    أسعار الأسماك اليوم الأحد 20 يوليو في سوق العبور للجملة    حكومة غزة: نحن على أعتاب مرحلة الموت الجماعي.. وأمام أكبر مجزرة في التاريخ    كوريا الجنوبية: مصرع 14 شخصا وفقدان 12 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة    راحة 24 ساعة للاعبي الزمالك من معسكر العاصمة الإدارية    ليفربول يتوصل لاتفاق مع فرانكفورت لضم إيكيتيكي    ريال مدريد يصدم فينيسيوس.. تجميد المفاوضات    خططت لاستهداف منشآت حيوية.. الداخلية تعلن إحباط مخطط إرهابي لحركة "حسم" الإخوانية | فيديو    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    إصابة 4 أشخاص في تصادم بين دراجتين ناريتين بطريق سنهور الزراعي بالفيوم    مصرع عجوز سقطت من شرفة الطابق الثامن بالإسكندرية.. وأسرتها تكشف السبب    أمير كرارة في حوار خاص ل«بوابة أخبار اليوم»: نفسي أعمل كل حاجة والجمهور يفضل يحبني    دارين حداد: 5 ساعات ميك أب وساعة لإزالته بسبب «فحيح»| خاص    وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني تحصل على الاعتماد الدولي    أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات.. «الغرف التجارية» توضح    تنفيذًا لخطة ترشيد استهلاك الكهرباء| ضبط 143 مخالفة لمحلات غير ملتزمة بقرار الغلق    عودة الزحام الرسمي.. خطة مرورية محكمة لتأمين شوارع العاصمة بعد الإجازة    «الداخلية»: ضبط 293 قضية مخدرات وتنفيذ 72 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    تقرير حكومي: مصر أصبحت وجهة جاذبة لتجميع السيارات بدعم من استقرار الاقتصاد والسياسات الصناعية    إلغاء أكثر من 200 رحلة طيران بسبب الطقس في هونج كونج    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    قبل انطلاقه بساعات.. تفاصيل حفل افتتاح الدورة ال 18 ل المهرجان القومي للمسرح    توافق إيران والترويكا الأوروبية على استئناف المحادثات النووية    كونتكت للوساطة التأمينية تنضم رسميًا لعضوية الميثاق العالمي للأمم المتحدة    «الوزير»: ملتزمون بحماية الصناعة الوطنية من ممارسات الإغراق وترشيد فاتورة الاستيراد    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    مصرع العشرات في غرق قارب سياحي بفيتنام    دير السيدة العذراء بالمحرق يتهيأ لإحياء تذكار الأنبا ساويروس    أوكرانيا: ارتفاع قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى مليون و41 ألفا    عرض أخير من برشلونة للتعاقد مع لويس دياز    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    بعد غياب عامين.. التراث الفلسطيني يعود إلى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    دعوى قضائية ضد حكومة بريطانيا لقرارها عدم إجلاء أطفال مرضى من غزة    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الري يتابع إجراءات اختيار قادة الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية 2.0    "100 يوم صحة".. خدمات طبية شاملة للكشف المبكر عن الأمراض بالعريش    جامعة القاهرة تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    كريم رمزي يفتح النار على أحمد فتوح بعد أزمة الساحل الشمالي    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    بنك التنمية الصناعية يحصد جائزة التميز المصرفي في إعادة الهيكلة والتطوير لعام 2025    ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا.. قارئ الملائكة    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    «مينفعش تعايره».. مجدي عبدالغني يهاجم الأهلي ويدافع عن الاتحاد الفلسطيني بشأن أزمة وسام أبوعلي    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    سيف زاهر: رغبة مدافع «زد» تحسم واجهة اللاعب المقبلة    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لويس جريس :‏
ضباط أمن الدولة تدربوا علي صناعة الشغب ومكافحته
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 03 - 2011

خطت مصر بفضل أبنائها خطوة هامة تجاه المستقبل علي أمل أن تلحق بشعوب العالم الحر‏.‏ وكتبت يوم‏25‏ يناير‏2011‏ بدماء الشهداء الطاهرة صفحة مضيئة في تاريخ الوطن بحروف من نور‏.‏ ولكن خفافيش الظلام التي تأنس بالظلمة وتبغض ضوء الحق لا تزال تعبث بمصير ومقدرات وطن. في محاولة منها للنيل من أمننا وسرقة كل غالي في حياتنا.
ممتلئه قلوبهم بالحقد والقبح, يسعي سفراء جهنم لبث الفتنة الطائفية بين المسلميين والمسيحيين, واضعين نصب أعينهم هدفا واحدا هو سرقة فرحتنا بالثورة المجيدة. وهو ما يعيد للذاكرة مقولة جبران خليل جبران: الويل لأمة كثرت فيها طوائفها وقل فيها الدين.. الويل لأمة مقسمة وكل ينادي أنا أمة. والدين في مصر حسب ما عرفناه- وسطي, آمن به المصري بالفطرة مع بزوغ أول خيط من خيوط فجر الحضارة الفرعونية علي وجه البسيطة.
في محاولة منا لفهم واستيعاب المرحلة التي نعيشها الآن وسعيا للكشف عن حقيقة هؤلاء ممن يعملون علي تقطيع نسيج وطن بأكمله, كان من المهم جدا أن نلتقي بالكاتب لويس جريس.. فقيمته تتجلي بقدر مصريته الصميمة التي تتضح, ليس فقط في ملامح وجهه الأصيلة, وإنما كذلك في كل ما كتب من أعمال تعلمنا منها.
في بداية حديثه, يقول لويس جريس:
منذ انطلاق الثورة كان يخالجني دائما إحساس بأن السويس هي من لعبت الدور الأول فيها, وهو ما دفعني لزيارتها منذ أيام قليلة. وهناك تأكدت بنفسي أن أول شهيدين للثورة سقطا علي أرضها, وأن ما شاهدناه في ميدان التحرير من غليان يوم25يناير كان قد تأجج في السويس أولا. لذلك أوجه كل التحية والتقدير لشعب هذه المدينة الباسلة.
وفي كل الأحوال, ما حدث يوم25 يناير كان لابد أن يحدث. ورغم كل شيء, ستظل دوما مصر باقية دون أن يتمكن أحد من النيل منها أومن أبنائها. لقد عاش الإنسان المصري منذ أكثر من ستين عاما أحداثا هامة مشابهة. فعندما إنطلقت ثورة23 يوليو1952, إستبشر الشعب خيرا. وقد لمست بنفسي فرحة الناس بالثورة التي تحمل شعار الإتحاد والنظام والعمل. تصورنا آنذاك أننا سنعيش في مجتمع أقرب إلي الجنة. لكن أحلامنا تحطمت علي صخرة الإستبداد, وكانت بداية النكسة الحقيقية في رأيي في مارس1954 حينما إنقض الثوار فيما بينهم علي الثورة وأمسك بتلابيبها فرد واحد, أصبح فيما بعد ديكتاتورا. لقد كان المصري آنذاك يتلفت خلفه عندما يتحدث إلي شخص آخر خوفا من أن يسمعه أحد. وهذا الوضع المتردي من كبت للحريات قادنا إلي نكسة أكبر عام.1967 لكنني استبشرت بأننا قادرون علي الخروج من المحنة والنهوض ببلدنا من جديد. فكانت حرب الإستنزاف التي ردت لنا كثيرا من كرامتنا المهدرة. إلا أن وفاة ناصر الزعيم شكلت صدمة وخيبة أمل.
ثم بدأ عهد جديد, ذهب فيه الشباب- آنذاك- إلي ميدان التحرير كي يعربوا عن ضيقهم من السياسات التي كان يتبعها السادات والتي لم تكن علي قدر الموقف المطلوب تجاه إسرائيل. الكل كان يريد تصعيد حرب الإستنزاف لكي نستعيد الأرض. إلي أن قامت حرب أكتوبر العظيمة, والتي عشنا بعدها مرحلة عزة وكرامة. غير أن البلد تهاوت مرة أخري بسبب سياسة الإنفتاح, وثار الشعب سنة1977 بسبب إرتفاع بعض أسعار المواد الغذائية. وهو ما وصفناه في روزاليوسف بالانتفاضة الشعبية بينما وصفها السادات ب انتفاضة الحرامية. وتعرضنا وقتها إلي ضغوط كبيرة من الحكومة, وصلت إلي حد هجوم البلطجية علي مبني مؤسسة روزاليوسف بالقصر العيني ومحاولة الاعتداء علينا.
ما أشبه اليوم بالبارحة.. ربما الأحداث تتشابه مع اختلاف الشخصيات والتفاصيل, لكن في النهاية تبقي مصر شامخة.
كيف كان عهد مبارك؟ وكيف استقبله الشعب المصري؟
بعد أن عاشت مصر لسنوات تحت وطأة الإنفتاح الذي كان إستهلاكيا أكثر منه إنتاجيا, جاء مبارك للحكم معلنا إلتزامه بشعار صنع في مصر. وأعلن أنه سيشجع الإنفتاح الإنتاجي وليس الإستهلاكي. اعتقدنا وقتها أنه صادق فيما يقول, ووقفنا إلي جانبه في البداية. إلي أن جاءت قضية خطف السفينة الإيطالية أكيلي لاورو من جانب مسلحين فلسطينيين في أكتوبر1985, وما تبع ذلك من خطف الولايات المتحدة الطائرة المصرية التي كانت تقل الخاطفين إلي تونس لتسليمهم إلي منظمة التحرير الفلسطينية إلي مطار سيكونيلا بالقاعدة الجوية التابعة لحلف الناتو في جزيرة صقلية,وما شكلته هذه القضية من علامة فارقة في العلاقة بين مصر وأمريكا. وقتها اختلف الرئيس الأمريكي ريجان مع مبارك بل ووصفه بالكذاب. وكان هذا في رأيي بداية الإنحراف عن المسار الصحيح في سياسة مبارك.
وبدا واضحا الانحرافات في السياسة التي تدار بها البلاد, وتجلت بشكل كبير في بداية التسعينيات عند إختيار المهندس محمد عبد الوهاب- وهو رجل محترم- كوزير للصناعة. وقد رفض الأخير بيع القطاع العام وأقدام علي إصلاحه بحيث يدار بعقلية القطاع الخاص. وشرع يفعل القوانين ويتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الحلم الوطني. وشاهدنا كيف نجح في تطوير الشركة القابضة للمصل واللقاح. لكن التجربة لم تستمر في نجاحها كثيرا. لأن الوزير محمد عبد الوهاب كان ضد بيع القطاع العام ومؤيدا لتشجيع الصناعة المحلية, وهذا كان سببا كافيا للإطاحة به من الوزارة.
ثم توالت الأحداث, وإنكشف لنا مدي تدهور دولة مبارك وسقوطها المؤكد من خلال إرساء مشروع التوريث لإبنه جمال, وطاعته العمياء لكل ما تطلب أمريكا وكل ما تقول, وهو ما لاحظناه في عدم معارضته لحربها ضد العراق, هذا بخلاف أنتشار سطوة جهاز أمن الدولة بشكل مبالغ فيه لقمع المصريين.
تصور كثيرون أن ملف الطائفية أغلق تماما بعد الثورة, لكننا فوجئنا بجريمة أطفيح.. ما هي رؤيتك للمشهد؟
لا شك أن أمن الدولة مازال يعبث. جميع الجرائم السابقة في حق الوطن تدين هذا الجهاز ودائما تشير إلي تورطه فيها بالبنان.
علما بأنه عندما حدثت جريمة كنيسة القديسين بالإسكندرية, لم أظن قط بأن لها علاقة بالمسلمين. وإنما كنت علي يقين من أنها صنيعة أمن الدولة لإلهاء الشارع عن قضية الساعة التي كانت تتعلق آنذاك بتزوير إنتخابات مجلس الشعب وإنشاء برلمان موازي. وعليه قرر أمن الدولة إشعال الفتنة وضرب قطبي الأمة ببعضهما البعض.
هذه سياسات متبعة منذ عهد السادات, وليست بجديدة. ربما كانت بناء علي نصائح مقدمه من أمريكا وإسرائيل إلي النظام المصري. فبدءا من عام1975 حصل بعض ضباط أمن الدولة علي دورات تدريبية في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا تعلموا منها كيفية عمل الشغب, وكيفية مكافحته, بما في ذلك من طرق عديدة لإثارة الفتن. والدليل علي صدق كلامي هو تضخم ميزانية وزارة الداخلية بشكل مبالغ فيه. كما إن أمريكا بعد11 سبتمبر أخذت ترسل إلي أمن الدولة في مصر أعداد كبيرة من المتهمين كي يمارسوا عليهم التعذيب وينتزعوا منهم الإعترافات.
أصبح معلوم للجميع أن مباحث أمن الدولة جندت متطرفين من المسلمين والمسيحيين علي السواء. وهو ما يتضح في المظاهرات المحدودة التي نشهدها مرة بسبب ضرب كنيسة, ومرة من أجل كاميليا شحاتة, ومرة.. ومرة...
وتأتي هذه المظاهرات أيضا كواجهة للديمقراطية المزيفة التي نتمتع بها منذ سنين.
هل التسامح- برأيك- ثقافة تكتسب أم إنه جزء من شخصية المصري؟
التسامح هو جزء أصيل من شخصية المصري. وما تزال هذه الصفة موجوده بداخلنا. أنا لا أقتنع بإدعاء وجود فتنة طائفية في مصر. فرغم ما نشهد من حوادث مفتعلة, يتعايش عنصرا الأمة في سكن واحد, ويلتقيان يوميا في المواصلات العامة, ويجلسان جنبا إلي جنب في الأفراح والمآتم.. وفي كل المحن سنجد المسلم والمسيحي علي قلب رجل واحد.
قد تكون محاولة عبث أمن الدولة في العلاقة بيننا أثر عليها بعض الشيء, وهو ما يتطلب تضافر جهود المسئولين في المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية لإزاحة التراب عن المعدن الأصيل للمصري والذي أساسه التسامح والرحمة.
في هذا السياق, أعجبني كثيرا كتابات للدكتور قدري حفني في جريدة الأهرام, حول مشروع تقدم به منذ25 سنة تقريبا إلي مركز البحوث الإجتماعية والجنائية. يتضمن هذا المشروع أن يجتمع رجال الدين المسلمون والمسيحيون والمفكرون كي يحددوا أهم القيم الروحية والأخلاقية في كل الأديان السماوية التي ينبغي أن نربي أولادنا عليها. ثم يتم وضعها في كتب وتدرس للطلبة في درس الدين بالمدرسة, بدلا من فصل المسلمين عن المسيحيين في كل حصص الدين, وهو ما يخلق نوعا من التمييز بينهما. لكن مع الأسف تم حفظ المشروع في الأدراج.
عاني المسلمون والمسيحيون علي السواء في عهد مبارك من ظلم واضطهاد.. لكن كمسيحي ما هي المشكلات التي تتمني أن تمحي تماما في مصر ما بعد الثورة؟
يحضرني هنا قصة مررت بها في حياتي بعد أن توليت منصب رئيس تحرير صباح الخير خلفا لصلاح جاهين الذي انتقل للعمل في الأهرام وقتها, فقد نقل لي الزميل والصديق الراحل محمود السعدني كلمة شعراوي جمعة وزير الداخلية السابق والذي اعتبر أنني علي قدر من الكفاءة والثقة لتولي منصب رئيس التحرير, لكنه أضاف: لويس لا يعيبه شيء سوي أنه مسيحي.
كذلك, حكي لي الأديب الكبير نجيب محفوظ قصة مر بها هو شخصيا عندما تقدم للحصول علي بعثة ما, فقال له الموظف الذي يستلم الأوراق, معتقدا أنه مسيحي: لقد اخترنا واحدا منكم. وهذا يكفي. ولو كان أكمل اسمه للنهاية كان عرف أنه مسلم يدعي نجيب محفوظ عبدالعزيز. من هنا أطالب بضرورة تغيير النظرة للمسيحي, وعدم تحديد المناصب وبعض الوظائف وفقا للدين. لابد أن تكون الكفاءة هي كلمة الفصل حتي تطبق بذلك العدالة والقانون دون تمييز عنصري.
كيف تري تأسيس الإخوان والسلفيين لأحزاب سياسية؟ وما هو تقييمك لمستقبل الحزب الوطني؟
كل من لديه رغبة في إنشاء حزب سياسي هذا حق له يكفله الدستور. من حق الإخوان وغيرهم أن يؤسسوا أحزابا. كذلك من حق رجال الحزب الوطني إعادة هيكلة حزبهم وتجديد خطابهم السياسي الشعب المصري بعد الثورة عرف طريقه, ولم يعد من السهل خداعه. وهو الآن قادر علي فرز العملة الجيدة والعملة الرديئة.
كيف تري مستقبل الصحافة القومية في مصر؟
النكسة الحقيقية والكبري في عهد مبارك كانت عندما عين رؤساء تحرير ومجالس إدارات للصحف القومية, وظل هؤلاء في مناصبهم لمدة عشرين عاما. بقاؤهم لسنوات علي الكراسي جعلهم يسبحون بإسم الحاكم ولي النعم, وأصبحت الصحف القومية تطالعنا بمصطلحات فريدة من نوعها مثل: الرئيس الملهم, والرئيس الحكيم, والقائد...ألخ, هذا بخلاف المدح والتسبيح بإنجازات الحزب الوطني ورجاله ولا أعتقد أن الثورة التي قامت لتطالب بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية, ستقبل هذا الأسلوب مستقبلا.
كما أن التجديد لبعض الصحفيين كي يستمروا في مناصبهم كان عائقا أمام ضخ دماء جديدة وإكتشاف المواهب الحقيقية الشابة في هذه المؤسسات.
ومن القضايا المهمة أيضا, أن تكون لكل مؤسسة شخصيتها المستقلة. وهنا أعيب علي الصحافة المصرية بشكل عام إفتقادها للمصداقية منذ سنين. لأنه غالبا ما يكون للصحفي علاقة وطيدة بمسئول أو حزب أو رجل أعمال. ويحضرني هنا علاقة مصر بأثيوبيا التي تردت بسبب الصحافة المصرية. فبعد أن أبرم د.بطرس غالي صفقة مع أثيوبيا لإستيراد100 طن لحوما, فوجئنا بأن الصحافة المصرية, تجامل أحد رجال الأعمال, وتقوم بحملة تشويه الصفقة وتصف اللحوم بأنها فاسدة!! وهو ما أفضي إلي حرمان مصر من هذه الصفقة, وكذلك أثر بالسلب علي مشكلة مياه النيل مع أثيوبيا.
لذلك, أناشد كل صحفي أن يكون مستقلا غير تابع لرجل أعمال أو وزير أو حزب.. إذا أراد لصحيفته أن يكون لها مصداقية لدي القاريء.
في ظل التغييرات المنتظرة للقيادات الصحفية.. ما هي برأيكم مواصفات رئيس التحرير الواجب توافرها؟
هذه الثورة قام بها شباب ومن العيب إختيار رئيس تحرير عمره يتجاوز الخمسين. لقد أخذت فرصتي في ثورة يوليو وتوليت منصب رئيس تحرير مجلة صباح الخير ولم يكن عمري يتجاوز24 سنة خلفا لعبد الرحمن الشرقاوي الذي كان يكبرني بثلاث سنوات فقط. كذلك حسنين هيكل عندما تولي الأهرام لم يكن قد تجاوز الثلاثين لذلك أري أن رئيس التحرير القادم في أي مؤسسة صحفية يجب أن يتوافر فيه الآتي:
أولا, ينبغي أن يكون شابا متفتح الأفق ويتحمل المسئولية.. مستعد للعمل بما يستحق من راتب مناسب دون مغالاه, وألأ يبحث عن جمع الغنائم من وراء منصبه.
ثانيا:ألا يجلس في البرج العالي ويغلق بابه علي نفسه ولابد أن يكون شغله الشاغل هو مستقبل مؤسسته وتكوين كوادر جديدة. ثالثا: أن يعتمد علي الدراسات العلمية واكتساب الخبرات في إدارته لخطة العمل.
ما هي النصيحة التي تتوجه بها لشباب الثورة؟
نحن لا نعرف عن بلدنا الكثير. نحن نأكل الجبن مثلا ولا نعرف أن المصري هو أول من صنعها في التاريخ. مع الأسف, في الخارج يعرفوننا أكثر ما نعرف نحن أنفسنا!! رغم أن الحضارة المصرية هي حضارة معرفة.
لذلك, أنصح الشباب بالتجول في مصر والغوص في تاريخها, وإعداد أنفسهم جيدا لمستقبل أفضل. كما أدعو الشباب ألا يرثون القديم. فالمصري علي مر التاريخ كان دائما مبتكرا وعبقريا. ومن جانبنا,علينا أن نعطيهم الفرصة كي يثبتوا أنفسهم, علي أن نراقب أداؤهم من بعيد. حتي لو أخطأوا مرة أو مر تين, في النهاية سيتعلمون من الخطأ ويشكلون إضافه حقيقية وطاقة في المكان الذي يعملون به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.