في ظل الإطار القانوني الإجرائي السائد حاليا أصبحت الجداول الانتخابية, أصبحت مصابة بخمس نقاط ضعف وفساد هيكلية وبنيوية لا سبيل إلي تفاديها إلا بإعدام هذه الجداول, ثم إعادة بنائها وفق أسس مختلفة, وتتضمن هذه النقاط فجوات القيد وتدني في جودة البيانات وغياب كود موحد للناخب وذلك علي النحو التالي. 1 أن النصوص القانونية جعلت المواطن هو مصدر التغذية الرئيسي بالبيانات, وعمليا أحجمت قطاعات واسعة من المواطنين عن المبادرة وتسجيل أنفسهم بسبب سوء سمعة الانتخابات وسوء المعاملة بأقسام الشرطة والسجل المدني وصعوبة الإجراءات, والنتيجة أن عدد المسجلين بالجداول فعليا أقل كثيرا من عدد الذين لهم حق التصويت, وهذه تمثل فجوة معلوماتية بالجداول تتيح فرصا واسعة للقيد العشوائي لمواطنين بغير علمهم أو باختلاق أسماء وهمية وإضافتها للجدول علي اعتبار أنها بيانات مواطنين سجلوا أنفسهم حديثا, وهو ما تكرر كثيرا في الانتخابات الماضية ويمكن أن يتكرر مسقبلا. 2 لا يوجد بهذا النظام كود تعريفي غير متكرر للناخبين بالجداول علي مستوي الجمهورية, ويكون مرتبطا باسم الناخب سواء كان ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا وجزءا من هويته الانتخابية, والأسماء التي ترد حاليا من قاعدة بيانات الرقم القومي ينزع عنها الرقم ككود تعريفي, وهذا يعد بابا واسعا لإضافة الموتي والمغتربين والأطفال وتكرار أسماء الأحياء, وهو ما بات من أفدح نقاط الضعف المعلوماتية بالجداول الحالية. يضاف لذلك أن تعديلات عام2005 اهتمت بالتفاصيل الشديدة فيما يختص بقضية الجداول الانتخابية, لكنها قفزت فوق مرحلة التحقق من شخصية الناخب التي تعد أحد أهم ضمانات صحة العملية الانتخابية. 3 أدي التدوير الرأسي المغلق للبيانات الانتخابية إلي عدم وجود صلات مناسبة بين نظام بناء الجداول وجهات ومؤسسات المجتمع ذات العلاقة بالبيانات الانتخابية المسئولة عما يمكن تسميته بالحق التصويتي المتغير الذي يمنح أو يمنع عن المواطن لفترة مؤقتة, كتأدية الخدمة العسكرية الالزامية أو الانتماء لمؤسسة عسكرية وأمنية أو الوقوع تحت طائلة أحكام قضائية تمنعه من التصويت أو الهجرة والعمل بالخارج, وهذه الجهات هي: الدفاع الأمن القومي العدل الهجرة الخارجية وليس الصحة فقط. وقد أفرز هذا الوضع فجوة معلوماتية تتعلق بأوضاع هذه الفئة من الناخبين الذين تتغير أوضاعهم الانتخابية من وقت لآخر دون أن يؤخذ ذلك في الاعتبار بالنسبة لأوضاعهم داخل الجدول, وهو ما يفتح بابا للتزييف, إذ لا يعرف علي وجه الدقة كيف يتم التصرف في أسماء وأصوات هؤلاء وهم يزيدون علي عشرة ملايين مواطن. 4 أدي تلقي بيانات الناخبين مباشرة من أصحابها يدويا إلي تدني الجودة المعلوماتية للبيانات الخام المستخدمة في إنشاء الجداول, ويتجسد هذا التدني في أن نسبة كبيرة من أسماء الناخبين مسجلة بالاسم الثلاثي أو الثنائي أحيانا, ومن ثم لا تدل بشكل قاطع علي هوية الناخب, وفي شيوع ظاهرة تكرارية الأسماء التي تصل في بعض الأحيان لأكثر من10%, فضلا عن أن نسبة غير قليلة من الأسماء الموجودة بالجداول لا تتطابق مع بيانات البطاقة الشخصية أو الرقم القومي أو البطاقة الانتخابية, ومن ثم لا تعبر بدقة عن هوية المواطن, وتربك الناخبين والقائمين علي الانتخابات أثناء التصويت وتفتح بابا واسعا للتزوير. 5 لا تتوافر لنظام بناء الجداول الحالي مرجعية معلوماتية قومية مركزية موحدة موثوق فيها ويتم علي أساسها مراجعة وتدقيق بيانات الجداول عند التنقية, وهذه المرجعية تتكون من: القوائم الكاملة الدقيقة للوفيات وتحديثاتها المستمرة. القوائم الكاملة للعسكريين والأمنيين والمغتربين وتحديثاتها المستمرة. القوائم الكاملة لمن تنقلوا من مكان لآخر داخل الجمهورية وتحديثاتها المستمرة القوائم الكاملة لمن صدرت ضدهم احكام تمنعهم من التصويت ومن انتهت مدة محكوميتهم وأعيد لهم حق التصويت. القوائم الكاملة لمن بلغوا السن القانونية وتحديثاتها. ومن شبه المؤكد أن القوائم الأربع الأولي غير متاحة بشكلها الكامل وبتحديثاتها الدورية لدي العاملين في النظام الحالي, أما القائمة الخامسة, فتتم الآن من قاعدة بيانات الرقم القومي لمواليد ما بعد عام1982 فيما يعرف بالقيد التلقائي بالجداول, ولذلك فإن جميع التنقيات والتحديثات التي أجريت علي بيانات الناخبين في الجداول الحالية غير جديرة بالثقة ولا يجب الاعتداد بها. والخلاصة أننا لسنا بصدد جداول مطلوب تنقيتها أو علاجها, ولكن بصدد نظام كامل لإعداد الجداول وتداول البيانات المستخدمة في بنائه, يتسم بتعدد الفجوات المعلوماتية والبيانية وتعدد فرص الفساد والتزوير في كل مرحلة وكل خطوة, ولذلك فإن أي حديث عن استفتاءات أو انتخابات دون إعدام الجداول الحالية وبناء أخري جديدة وفق منهج مختلف هو حديث يصب في صالح التزوير لا النزاهة, حتي وإن توافرت النزاهة والإرادة ونبل القصد من القائمين علي الانتخابات.