القضاء يستكمل استقلاله

بإعادة سلطة التفتيش القضائي الي المجلس الأعلي للقضاء‏,‏ الذي يرأسه شيخ القضاة رئيس محكمة النقض‏,‏ يكتمل للقضاء المصري كل عوامل استقلاله‏,‏ وينسحب كل سلطان يمكن أن يؤثر علي موقف السلطتين إلا سلطان ضميره‏,‏ وتتحدد بشفافية كاملة الحدود الفاصلة بين السلطتين التنفيذية والقضائية, ويصبح أمر القضاء من الألف الي الياء متروكا للقضاة أنفسهم, هم الذين يملكون سلطة التعيين والترقي والتفتيش والتقويم والتأديب والفصل, كما يملكون سلطة التصرف في موازنة السلطة القضائية بعيدا عن سلطة وزير العدل, الذي تنحسر مسئولياته الآن في تنظيم الإدارات المعاونة للسلطة القضائية وصياغة مشروعات القوانين التي تري الحكومة عرضها علي مجلس الشعب.
ولأن مطلب نقل سلطة التفتيش القضائي التي تقيم أعمال القضاة وتنظر في مخالفاتهم الي المجلس الأعلي للقضاء, كان مطلبا قديما يعود الي عام2891, تمت صياغته في هذا التاريخ بمعرفة ثلاثة مستشارين أفاضل كانوا ضمن إدارة التشريع في وزارة العدل تحت ضغوط القضاة هم المستشارون: سليم عبدالله وبدر المنياوي وعادل قورة, إلا أن وزراء العدل الذين تتابعوا علي المنصب منذ هذا التاريخ حرصوا علي أن يظل المشروع حبيس الأدراج تحت ذرائع وحجج مختلفة, أبسطها الحفاظ علي سلطة الوزير في تعيين دوائر بعينها لنظر قضايا بعينها, تهم الدولة أو لدواعي المواءمة السياسية, الصيغة التي يصطلحون علي استخدامها بدلا من كلمة التدخل!.
ولأن القضية جد واضحة والمطلب عادل وضروري, جاءت موافقة وزير العدل الجديد المستشار محمد عبدالعزيز الجندي علي نقل تبعية التفتيش القضائي للمجلس فور تسلمه مهام منصبه وفي أول أيام عمله تعكس روح حكومة جديدة نرجو أن تتميز بسرعة الإيقاع والانجاز.
وترتيبا علي قرار الوزير يصبح تعيين قضاة المحاكم الابتدائية الذين يشكلون عصب القضاء المصري وهيكله الأساسي من اختصاص المجلس الأعلي للقضاء, وليس وزير العدل, وتنتفي بذلك كل سلطات وزير العدل علي رؤساء المحاكم الابتدائية الذين يشكلون القوة الأساسية في الإشراف علي حيدة الانتخابات البرلمانية ونزاهتها.
المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد