قائمة الاتهامات لتغطية التليفزيون المصري لثورة25 يناير طويلة وتطرح تساؤلات حرجة عن الاداء والمهنية والخط الفاصل بين الدولة والنظام والذي نراه تضاءل جدا الي حد التلاشي في حالة التليفزيون المصري اختفي انس الفقي وزير الاعلام من المشهد. وألغيت وزارته واحتجز ومعه اسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون قيد التحقيق وبقي عبد اللطيف المناوي وحده في مكانه رئيسا لمركز اخبار مصر, ليجيب عن تساؤلات قطاع عريض من المصريين. لماذا لم تتقدم باستقالتك رغم الاتهامات التي وجهت للاعلام الرسمي واحتجاجات العاملين بالتليفزيون ضدك؟ طلبت الاستقالة أكثر من مرة لكن الطلب رفض وانا حاليا مكلف بمهمة ولا استطيع مغادرة منصبي قبل ان يتم اعفائي من العمل او قبول طلبي وقيل لي' خليك مكانك' لكني استطيع القول ان وجودي مؤقت حتي تنتهي المهمة التي كلفت بها وأنا ملتزم بمسئولياتي في تسيير الاعمال حتي اشعار آخر وحتي يجد المسئولون بديلا مناسبا. ومن الذي يدير التليفزيون الآن وفي اي اطار؟ التليفزيون يديره اللواء طارق المهدي ومعه رئيس الاتحاد وقطاعات التليفزيون نفسها وهو مازال تليفزيون الدولة وله سياسة عامة محددة, صحيح الاطار اوسع لكنه مازال موجودا والخط الذي نلتزم به هو الاتجاه نحو البناء وحماية المجتمع, والتوجيهات تأتينا من القوات المسلحة, والجيش يدير المكان بفلسفة محددة وهي انه' الداعم لاي مسئول في مكانه والضامن لحسن ادارة العمل وحقوق العاملين والحازم في تسيير عجلة العمل وتطبيق ما يلزم لذلك'. دفاعك عن مهنية الاداء العام للتليفزيون المصري خلال ايام الازمة..عناد ام قناعة؟ انا مقتنع ان ما ظهر علي شاشة التليفزيون المصري كان افضل ما يمكن الحصول عليه في مرحلة شكلت نقطة فارقة في تاريخ مصر ووسط ضغوط كبيرة وقرارات متضاربة لجهات عديدة ادارت الازمة وكل منها يتحدث باسم مصلحة البلد ويراها بطريقته. وهل تتضمن مصلحة البلد ترويع الناس وتخوين شباب التحرير والتحريض عليهم والتقليل من شأنهم لدرجة الاصرار علي ان أعداد المتظاهرين في التحرير لا تتجاوز بضعة آلاف في حين كانت الفضائيات الاخبارية الاخري تتحدث عن ملايين؟ لم يحدث أننا خوناهم, والحديث عن الاجندات الاجنبية والاموال والوجبات كان علي لسان شخصيات عامة لا نستطيع الحجر علي ما تقوله وهذه الاصوات لجأت للتليفزيون المصري لتعبر عن رأيها لأنه تليفزيون الشعب المصري وغرفة الاخبار تحولت الي غرفة عمليات عسكرية لنقل استغاثات المصريين وتوجيه وحدات الجيش اليهم ولا احد ينكر حالة الذعر والفزع والبلطجة التي عمت مصر في الايام الاولي لانهيار الشرطة وفتح السجون وكانت جميعها استغاثات حقيقية لم نتدخل فيها واذا لم يلجأ المصريون لتليفزيون بلدهم فلمن يلجأون؟! والاستغاثات كانت موجودة حتي علي الشاشات العربية والاجنبية التي تحتاج لاتصالات دولية وبالتالي لا معني لاتهامنا بتعمد الترويع, ولم نحرض احدا للهجوم علي الشباب والناس خرجت الي الشارع متعاطفة فعلا ومتأثرة بالخطاب الثاني للرئيس وكانت مشاعرهم حقيقية ولسنا مسئولين عن أعمال البلطجة التي حدثت وعن موقعة الجمل وهناك جهات تحقق وستكشف المتورطين فيها وعندما اذعنا تحذيرات للشباب كان الخبر مؤكدا من عدة جهات. وأما إعداد المتظاهرين فلم يحدث ابدا وكان في التحرير مليون شخص وذلك بحساب المساحة الفعلية لميدان التحرير بالمتر المربع واستبعاد الشوارع الجانبية التي كانت مغلقة وقسمتها علي الحيز الذي يشغله الشخص الواحد واقفا, وعليه فإن السعة الفعلية للميدان لا تتجاوز ربع مليون شخص, الملايين خرجت في شوارع القاهرة والمحافظات ولم يكن ميدان التحرير إلا رمزا للثورة. في حوارك مع محمود سعد اعترفت بوجود اخطاء..ما هي؟ أعترف بأن الاصوات المعارضة كانت اقل ورغم ذلك كانت جهات تتدخل لمنعها وكنت اناور كي تظهر علي الشاشة علي مسئوليتي الشخصية, كما ان قرار رفع الكاميرات من ميدان التحرير كان قرارا خاطئا مائة بالمائة حاولت منعه لكن الامر كان اقوي مني, وبعد موقعة الجمل والخدعة التي تعرضنا لها عندما تصورنا انهم من المؤيدين السلميين للرئيس مبارك اتخذت القرار علي مسئوليتي الشخصية بعودة الكاميرات واعترف بتأخر القرار وهو ما جعل مهمة المراسلين صعبة ولم يعد وجودهم مقبولا في الميدان. تتحدث دائما عن جهات عديدة تدخلت في عملك فهل تحددها؟ في الأيام الأولي كانت هناك وزارة الداخلية وما بقي منها بعد يوم28 يناير ورئاسة الجمهورية عبر الوزير أنس الفقي والقوات المسلحة وقيادات الحزب الوطني عبر مجلسي الشعب والشوري, كل هذه الجهات كنت أتعامل معها في نفس الوقت وكانت الاخبار تأتيني منها جميعا وكان مركز اخبار مصر هو النقطة التي تلتقي عندها جميع الاطراف, والتحكم في دقة الاخبار او الحكم عليها كان امرا صعبا والتحقق منها كان اصعب في خضم الفوضي العارمة التي عشناها ثم ان الحكم علي تليفزيون الدولة لايكون بنفس مفردات القنوات الخاصة علما بان جميعها كانت تسير علي نفس الخط العام للنظام الحاكم في ذلك الحين مع الفارق في اسلوب الطرح والأخذ في الاعتبار الطابع الرسمي للتليفزيون المصري. حديثك عن المصادر المتضاربة للأخبار هل يعني ان انقسامات وقعت بين مؤسسات النظام اثناء التعامل مع الأزمة؟ دعينا نعترف بأن ما حدث فاجأ الجميع والفوضي اربكت جميع الحسابات والتضارب حدث بالفعل وليس من سلطتي كشف التفاصيل. ذكر اللواء اسماعيل عتمان في الحلقة التي استضافك فيها الاعلامي محمود سعد انك قدمت عملا بطوليا وخدمة عظيمة للقوات المسلحة.ماذا كان يقصد؟ يسأل في ذلك اللواء اسماعيل عتمان. سمعنا انك منعت تصريحات للدكتور نظيف ومنعت فيديو لوزير الداخلية حبيب العادلي, لماذا كان المنع ان كان قد حدث؟ نعم المنع حدث كانت هناك تصريحات للدكتور نظيف وحديث عن انجازات وزارته رأيت انها مستفزة للرأي العام وستزيد من حدة الغضب فقررت عدم عرضها برغم الضغوط التي تعرضت لها من اكثر من جهة وكذلك فيديو جاءني يوم السبت29 يناير لحبيب العادلي يتفقد ما تبقي من قواته بعد يوم الجمعة ويؤكد انه مازال موجودا وكذلك تصريحات لرئيسي مجلسي الشعب والشوري واتخذت هذه القرارات جميعها علي مسئوليتي الشخصية رغم معارضة اطراف كثيرة. تردد انك كتبت خطاب الرئيس الأخير؟ لا لم يحدث لكني تقدمت بمشروع خطاب تفويض سلطات الرئيس لنائبه عمر سليمان قبل الخطاب الثاني للرئيس مبارك, واقترحت ان يتوجه الرئيس بخطابه الي الشباب من منطلق قناعته بقدرتهم علي الخروج بالبلاد من الازمة وتجنيبها الفوضي وقدمته لجهتين سياديتين في ذلك الوقت قبلته واحدة ورفضته الاخري, ثم تقدمت بمشروع ثان قبل الخطاب الأخير بمبادرة شخصية مني لكني فوجئت بخطاب آخر إتسم بقدر كبير من التعالي والتمسك ورفض التنحي وكانت تلك هي الفرصة الاخيرة. وما الدليل علي صحة ما تقوله؟ أنا لا أتحدث عن أناس ذهبوا بل هم لايزالون في مناصبهم وأنا لست قافزا علي جثة احد بل جميعهم موجودون وبإمكانهم الادلاء بشهاداتهم. تعرضك للضغوط التي تحدثت عنها ألم يدفعك للتفكير في القفز من السفينة الغارقة؟ أسهل شئ يقوم به الانسان في ذلك الوقت هو القفز او الاختباء كما فعل كثيرون لكني اعتبرت ان واجبي وقناعاتي تحتم علي القيام بعملي حتي النهاية مهما كانت الخسائر فلست بطلا من ورق ولا من مدعي البطولات وكانت لدي مسئوليات قمت بها ولم اغادر مكتبي طوال خمسة عشر يوما ومعي فريق من الزملاء لم يتركوا أماكنهم طوال ايام الازمة, وعندما مرضت لم اغادر مبني التليفزيون لاني خشيت ان يفسر غيابي علي انه مرض سياسي وبقائي في مكاني أشرف لي الف مرة من القفز كالفئران من السفينة. منذ الاثنين24 يناير وحتي28 يناير كنت تخاطب في برنامجك' ملف خاص' عقلاء الامة لإنقاذ الوطن مما اعطي انطباعا ان النظام في حالة ارتباك فهل توقع احد ما حدث؟ لم يكن احد في مصر يتوقع ما حدث ولكني وجهت حديثي لعقلاء الامة لاني استشعرت الخطر وكانت اشد مخاوفي ان تطلق الداخلية النار علي المتظاهرين وهو ما حدث وحذرت منه لكن احدا لم يستمع, وتقدمت بطلب لاستضافة الشباب يوم24 ورفض الطلب وتقدمت من قبل بطلب استضافة البرادعي في التليفزيون المصري واستقباله رسميا في المطار عند عودته الي مصر وعدم استعداء النظام له ورفض الطلب وتبنيت مشروعا لمناظرات بين رؤساء الاحزاب في الانتخابات الاخيرة شاركت فيه جميع الاحزاب وأزعم انها كانت التجربة الاولي من نوعها والوحيدة في مصر, وصدقت ان النظام لديه رغبة في الاصلاح وكنت مقتنعا بضرورة الاصلاح من الداخل حفظا للبلد من الفوضي لكن كل هذه الجهود ذهبت ادراج الرياح وكانت هناك حالة من الاستعلاء والغرور والقوة الذاتية والاحساس بالسيطرة و'ان البلد في ايدينا' من جانب القائمين علي الامر. أريد العودة معك الي قطاع الاخبار مرة اخري وملف الفساد في ماسبيرو وتفاوت الاجور. كم يبلغ أجرك في الحلقة الواحدة؟ 7000 جنيه يصل بعد الخصومات الي5000 جنيه مع العلم بأنه نفس أجري قبل ان اتولي رئاسة القطاع وبدأت بالقناتين الاولي والثانية والفضائية ثم ضمت لنا اخبار الاذاعة والشبكات المحلية وقناة النيل والنيل الدولية وراديو مصر الذي تحملت وزارة الاتصالات والهيئة الفنية لمجلس الدفاع الوطني نفقاته بالكامل دون تحميل مليم واحد لميزاينة التليفزيون دون زيادة تذكر في راتبي ووفقا للتقارير الرسمية الصادرة عن اتحاد الاذاعة والتليفزيون, فإنا الاسم قبل الاخير في قائمة أجور رؤساء القطاعات في ماسبيرو والاسم الأخير هوأحمد شوقي رئيس القطاع الاقتصادي وتولي منصبه قبل ثلاثة اشهر فقط كما ان ميزانية قطاع الاخبار علي ضخامته الاقل في التليفزيون. وماذا عن البلاغ المقدم من عدد من العاملين بالقطاع يتهمك بالفساد ومحاباتك للبعض وتقاضيهم مكآفات كبيرة والاستعانة بصحفيين من الخارج وتجاهل الكفاءات؟ البلاغ حفظته النيابة لعدم صحة ما فيه وأؤكد لكم ان جميع مشروعات التطوير والتعاقدات قامت بها الهيئة الفنية لمجلس الدفاع الوطني ولا يمكن ان توجد بها شبهات للفساد واما المكافآت الكبيرة فقد تأكد المعترضون بأنفسهم من عدم وجودها بعد اطلاعهم علي الكشوف الرسمية, وقطاع الاخبار به اقل عدد من المتعاملين من الخارج مع العلم ان هناك دائما وفي اي مكان مهارات نوعية وذلك جزء من ادارة الميديا وليست مقصورة علي قطاع الاخبار. هل تدخلت لوقف برنامج' كلام والسلام' لمحمد صلاح لانه مؤيد للثورة وهل منعت خالد يوسف من الظهور علي شاشة التليفزيون المصري ليلة اقتحام المتحف المصري؟ محمد صلاح برنامجه ألغي كجزء من السياسة الجديدة للتليفزيون بإنهاء التعاقدات مع الصحفيين من الخارج بناء علي رغبة العاملين بماسبيرو ولم يكن الوحيد بل تم انهاء التعاقد مع عمرو عبدالسميع وعبدالمنعم سعيد وعمرو الليثي واما خالد يوسف فقد جاءني اثناء اذاعة نشرة الثانية عشرة ليلا ولم يرغب في الانتظارحتي نهايتها واستعضنا عن ذلك بمداخلة تليفونية والمهم ان رسالته وصلت. هل لديك تصور معين للمرحلة المقبلة؟ انا بحاجة لاستراحة أعيد فيها التفكير فيما جري وتقييم الامورمن جديد واستيعابها وكم يؤلمني ان أجد نفسي مضطرا للدفاع عن شرفي بعد سنوات طويلة من الجهد وامشي اقول للناس' والله العظيم انا موش حرامي'.