ننشر أسماء المرشحين على القائمة الوطنية فى غرب الدلتا بانتخابات مجلس النواب    نتنياهو يمثل أمام المحكمة فى تهم فساد غدا    مع بدء تجهيزات الافتتاح .. مشاهد جوية ترصد مشروع المتحف المصرى الكبير وتطوير المنطقة المحيطة.. فيديو    السجن المشدد 3 سنوات ل متهمين بالتزوير في المنيا    إنستجرام: حماية المراهقين بقصر مشاهداتهم على المحتوى بي جي-13    منال خليفة: اعتراف باريس بدولة فلسطين مهّد لتوافق دولي بشأن حل الدولتين    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    من «اللايف» لقفص الاتهام.. سوزي الأردنية تواجه المحاكمة لنشرها محتوى فاضح (القصة الكاملة)    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    سعر مواد البناء مساء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    ضبط 8.6 طن لحوم ودواجن فاسدة خلال حملات بأوسيم وكرداسة والعجوزة    موعد مباراة قطر ضد الإمارات والقنوات الناقلة    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    مصر تستعد لطرح مزايدة عالمية للبحث عن البترول والغاز بالبحر الأحمر    بثلاثية في 7 دقائق.. سوريا تتأهل ل كأس آسيا 2027    خبر في الجول - الزمالك يعتذر عن عدم المشاركة في البطولة العربية لسيدات الطائرة    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    السويد تقيل مدربها جون دال توماسون بعد هزيمة كوسوفو    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    مواصفة امتحان مادة الدين فى اختبارات الشهر للمرحلة الابتدائية    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    تضامن الشرقية: استمرار متابعة مشروعات التمكين الاقتصادى بقرى جزيرة سعود    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    لطيفة: شكرا للقائد الحكيم فخر الأمة الرئيس السيسى فى إنجاز هذا الحدث التاريخى    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    محمود مسلم: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام واستقرار الشرق الأوسط.. وحماس لن يكون لها تواجد سياسي في غزة    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    سوريا تحجز مقعدها في كأس آسيا 2027 بثلاثية ضد ميانمار    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    اجتماع موسع في أسيوط لبحث تفعيل دور الجمعيات التعاونية لتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    كامل الوزير يسلم شهادات التحقق من تقارير البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    المدرب العام للمنتخب: شريف ليس في حساباتنا.. ونحتاج للاعب يخلق الفرص لنفسه    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    القائمة الوطنية تتقدم بأوراق ترشحها لانتخابات النواب اليوم    الحركة الوطنية: قمة شرم الشيخ نقطة تحول استراتيجية.. وتأكيد على ريادة مصر    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    عاجل- ماكرون بعد لقائه الرئيس السيسي بقمة شرم الشيخ: "معًا من أجل السلام" (فيديو)    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    خالد الغندور: مصر زعيمة الأمة العربية ولها دور فعال فى إنهاء الحرب بغزة    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة اختراع السياسة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 03 - 2011

حسمت ثورة 25‏ يناير مشكلة العجز الديموقراطي في مصر‏,‏ والذي تمثل أساسا في تجفيف منابع السياسة نتيجة لهيمنة النظام السلطوي‏,‏ وهذه الهيمنة تمثلت أساسا في سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية, وتغول شديد للسلطة التنفيذية علي السلطة التشريعية, ومحاولات خفية للنيل من استقلال القضاء, وانفراد الحزب الوطني الديموقراطي بالسلطة طيلة ثلاثين عاما, وتهميش الأحزاب السياسية المعارضة, ومنع نشوء أحزاب سياسية حقيقية جديدة, والقمع المنهجي لمن يعارض السلطة من السياسيين والمثقفين.
هذه قائمة طويلة حقا تكشف بوضوح عن مفردات النظام السلطوي, والذي أدي في الواقع الي وقف العمل بالسياسة بمعناها الحقيقي!
والسياسة في أي مجتمع ديموقراطي تقوم علي أساس التعددية الفكرية والتعددية الحزبية, في سياق يسمح بتداول السلطة بعد انتخابات رئاسية ونيابية شفافة, لا يشوبها التزوير, ولا تحمل في طياتها تزييف إرادة الجماهير.
في ضوء ذلك كله إذا ظننا أن مجموعة من التعديلات الدستورية مهما تكن أهميتها في مجال توسيع إطار المشاركة السياسية وضمان نزاهة الانتخابات, وانتخاب رئيس جديد للجمهورية, ومجلسين للشوري والشعب, ستحل مشكلة انسداد الآفاق الديموقراطية في البلاد نكون مخطئين خطأ جسيما.
وذلك لأننا في حاجة الي إعادة اختراع السياسية بعد أن جفت مياهها, وأنا هنا استعيد عنوان كتاب لي صدر عام5002 إعادة اختراع السياسة من الحداثة الي العولمة( ميريت5002).
وحين أعود الي فصوله المختلفة أجدني أثير من المشكلات مايستحق إعادة إثارته اليوم, ولكن في سياق جد مختلف!
لقد كنت أتحدث من منظور الاصلاح السياسي لا من منظور الثورة, والتي كان وقوعها في جيلنا يمثل ضربا من ضروب الخيال!
والدليل علي ذلك أنني كتبت مقالا بعنوان محنة التحول الديموقراطي العربي تحدثت فيه عن عملية التحول الديموقراطي, والتي هي بحسب التعريف الانتقال من السلطوية الي الديموقراطية.
وقررت أنه في هذه المشكلة بالذات تبدو محنة التحول الديموقراطي العربي وذكرت بالنص إذا كان هناك إجماع عالمي علي أن عهد الثورات والانقلابات قد ولي, وأننا نعيش في عصر الاصلاح بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, فإن التحدي الحقيقي يكمن في أن معظم النظم السياسية العربية لن يجدي بصددها أي تغييرات جزئية, بل لابد من تغيير طبيعة نظمها السياسية حتي يحدث التحول الديموقراطي.
وهاهي ثورة52 يناير تثبت صدق هذه المقولة. ذلك أن عملية الاصلاح السياسي في عهد الرئيس السابق حسني مبارك تعثرت وتجمدت بحكم تشبث نظامه بالسلطة المطلقة, ورفضه القاطع لمسألة تداول السلطة.
وهكذا جاءت الثورة لتبدأ مصر طريقها الحقيقي إزاء الديموقراطية. والديموقراطية ليست مجرد نظام سياسي ولكنها أسلوب حياة.
وفي ضوء ذلك ينبغي التفرقة بين إجراءات الديموقراطية وقيم الديموقراطية, إجراءات الديموقراطية قد تتمثل في الانتخابات وفي إجرائها بصورة دورية, إشارة الي أن ممثلي الشعب ينبغي أن يتم اختيارهم من قبل الجماهير. غير أنه إذا جرت انتخابات في غيبة الالتزام بقيم الديموقراطية نصبح أمام موقف جد خطير.
وإذا كنا ناقشنا من قبل مسألة أن أولي خطوات الاصلاح السياسيي العربي هو تحول الدول البوليسية العربية الي دول قانونية في ضوء التفرقة الدستورية المستقرة بين دولة البوليس التي لا يطبق فيها مبدأ سيادة القانون, ودولة القانون بكل المباديء التي تقوم عليها, من وجود دستور ومدونات قانونية ومحاكم مستقلة وضمانات للمتقاضين, إلا أنه هذه هي مجرد خطوة أولي حاسمة في تفكيك البنية السلطوية السائدة في المجتمع العربي المعاصر.
ولاشك أن هناك قائمة طويلة تشكل مفردات الديموقراطية, وعلي رأسها احترام حقوق الإنسان واحترام التعددية.
ويمكن القول إننا نعيش في عصر العولمة بتجلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاتصالية. وشعارات العولمة المرفوعة هي الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان والتعددية.
وحقوق الإنسان تثير في التطبيق مشكلات شتي وخصوصا في الوطن العربي, وذلك لأن الوضع السلطوي السائد أدي في التطبيق عبر الخمسين عاما الأخيرة الي اعتداءات جسيمة في هذا المجال, وخصوصا في طرق إدارة النظم السياسية السلطوية العربية لصراعها مع خصومها السياسيين.
والتاريخ السياسي العربي المعاصر زاخر بوقائع تعذيب الخصوم السياسيين ونفيهم وسجنهم غير المشروع, بل إنه في بعض البلاد العربية تعرضت بعض الجماعات السياسية الي إجراءات قمع بالغة العنف, وكانت أشبه بمحاولة إبادتهم تماما!
هذا السجل المخزي هو الذي دفع عديدا من الأنظمة السياسية السلطوية العربية الي مقاومة الموجة العالمية العارمة التي تطالب بتطبيق حقوق الإنسان.
غير أن هذه النظم السياسية العربية السلطوية لم تجرؤ علي أن تعترض جهارا علي تطبيق مواثيق حقوق الإنسان والتي وقعت علي أغلبها, لذلك ومن قبيل المراوغة رفعت حجة الخصوصية الثقافية في مواجهة عالمية حقوق الإنسان, ومحتوي هذه الحجة أنه مع التسليم بعالمية حقوق الإنسان إلا أنه في التطبيق لابد من مراعاة الخصوصيات الثقافية للدول العربية والاسلامية, مما يمنع من تطبيق بعض قواعدها.
وهناك اتفاق علي سبيل المثال علي أن أي متهم ينبغي أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي, ولابد له أن يتمتع بضمانات قانونية تكفل له محاكمة عادلة, ومن بينها ضرورة استعانته بمحام, وعدم تعرضه للتعذيب, والالتزام الدقيق بقواعد الإجراءات الجنائية المتفق عليها في كل بلاد العالم المتحضر. في هذه المجالات وغيرها ليس هناك مجال للتعلل بحجة الخصوصية الثقافية لعدم تطبيق قواعد حقوق الإنسان العلمية.
وإذا أضفنا الي ذلك حقوق الإنسان السياسية, وحق المواطنين في الانتخاب الحر المباشر لمن يمثلونهم في المجالس المحلية والنيابية, لأدركنا أن إعمال هذه الحقوق بشكل صحيح إنما يمثل ضربة حقيقية لصميم بنية النظام السلطوي الذي يقوم علي القهر السياسي للجماهير, والذي حين يريد أن يتجمل ويلبس أردية الديموقراطية, فإنه يلجأ الي الاستفتاءات والانتخابات المزورة هروبا من قاعدة تداول السلطة.
غير أن حقوق الإنسان لا تتعلق فقط بالحقوق القانونية أو السياسية ولكنها أكثر من ذلك تتعلق بالحقوق الاقتصادية. وفي هذا المجال فإن الدولة السلطوية العربية التي تسيطر علي عملية صنع القرار فيها العشوائية التي أدت الي إهدار المال العام, بالاضافة الي الفساد المنظم الذي تمارسه النخب السياسية الحاكمة, كل ذلك أدي الي حرمان الجماهير العربية العريضة من حقها في العمل المنتظم, وفي التمتع بالتأمينات الاجتماعية والصحية, والتي هي حق من حقوق الإنسان في أي مجتمع معاصر.
غير أن احترام حقوق الإنسان ليست سوي جانب من جوانب الديموقراطية, أما الجانب الثاني المهم فهو ضرورة احترام التعددية. والتعددية ليست تعددية سياسية فقط, ولكنها قد تكون تعددية دينية وعرقية ولغوية.
ولاشك أن جزءا من مشكلة التعددية السياسية كانت أو دينية أو لغوية, هو غياب حرية التنظيم من ممارسات عديد من الدول العربية.
ولذلك يمكن القول إن كفالة حرية التنظيم في مجال الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المحاصرة, مطلب أساسي من مطالب الديموقراطية في الوطن العربي الآن. وحرية التنظيم بما تتيحه من تعددية سياسية من شأنها أن تجعل الانتخابات المحلية والنيابية آلية فعالة من آليات تداول السلطة.
وذلك لأن الظاهرة السائدة في الوطن العربي هي ديمومة النخب السياسية الحاكمة في ظل نظم سياسية لا تسمح إطلاقا بتداول السلطة, وباستخدام آليات مختلفة غير ديموقراطية لتحقيق هذا الهدف. وقد أدي هذا الوضع الي تجمد السياسات العربية, وظهور مراكز القوي السياسية, واحتكار السلطة والمال والنفوذ, بل وأدي الي شيوع ظاهرة الفساد. ولذلك لم يكن غريبا ان تتصاعد في العقد الأخير الدعوات العالمية لضرورة تطبيق قواعد الحكم الرشيد في الوطن العربيGOVERNANCE, باعتبار أن هذا النمط من الحكم هو الذي سيحقق قيم المثال الديموقراطي الذي تحدثنا عنه من قبل بكل مفرداته, في ظل تطور المجتمع المعلوماتي العالمي, والذي يقوم أساسا علي حرية تداول المعلومات والشفافية, التي تكفل للمحكومين أيا كان نظام الحكم أن يراقبوا أداء الحكام.
ومازلنا في سياق تتبع إمكانيات تطبيق مفردات الديموقراطية الأخري في ضوء كونها ليست مجرد نطام سياسي, ولكنها ينبغي أن تكون اسلوب حياة.
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.