تتعرض الأمة الإسلامية لكثير من المحن والشدائد خصوصا فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية, ولايمكن ارجاع هذه الأسباب إلي نقص الموارد سواء من حيث السكان أو الموارد الطبيعية التي تملك منها الدول الإسلامية الكثير.. الدكتور محمد عبدالحليم عمر الاستاد بكلية التجارة جامعة الأزهر يقول: الحقيقة أن أسباب هذا التخلف الاقتصادي وما يستتبعه من زيادة الفقر يمكن تلخيصه في عبارة واحدة وهي الإعراض عن منهج الله سبحانه وتعالي, لأن كل هذه الموارد مرهونة بسلوك الأفراد تجاهها, هذا السلوك الذي نظمته الشريعة الإسلامية في منهج متكامل لم يأخذ به المسلمون في حياتهم, ولذلك وصلوا إلي هذا الحد من التخلف والفقر, وذلك ليس من عندي ولكنه من عند الله عز وجل الغني القادر الحكيم, فلقد نبه سبحانه وتعالي إلي مظاهر الإعراض وبين النتائج المترتبة علي ذلك في كتابه الكريم علي الوجه التالي, فعن الإعراض العقائدي يقول سبحانه وتعالي ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا أما عن الإعراض الاجتماعي فيقول سبحانه وتعالي آمرا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ولذلك فإن لم تجتمع الكلمة ونتوحد علي منهج الله فالنتيجة حددها الله سبحانه وتعالي في قوله واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم, وعن الإعراض الاقتصادي يأتي قوله سبحانه وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون, ويلاحظ هنا أن الآية قالت فكفرت بأنعم الله ولم تقل فكفرت بالله, وإذا كان معنا الكفر الجحود وعدم الاعتراف, فإنه يتضح أن أهل القرية المضروب بها المثل لديها الكثير من نعم الله, ولكنها أهملتها ولم تستفد منها, ونحن في العالم الإسلامي اليوم لدينا من الموارد التي أوجدها الله لنا الكثير, ولكننا لا نستفيد بها, فكانت النتيجة ما قرره القرآن الكريم, الجوع والخوف] وهذا هو حال كثير من الدول الإسلامية اليوم. وربما يتساءل البعض انه في الدول المتقدمة اعراض عن منهج الله ومع ذلك هم أحسن حالا بالنسبة لمشكلة الفقر من الدول الإسلامية, فكيف يتم تفسير ذلك؟, والإجابة علي ذلك تظهر في الأيات نفسها, فالمعيشة الضنكة موجودة مع الغني في هذه الدول, فهذه الآيات تعبر عن سنن الله في كونه في المجال الاقتصادي يستوي فيها المسلم وغير المسلم, وهكذا يتضح صدق سنن الله عز وجل, فالدول المتقدمة لديها الوفرة المادية, ولكنها لإعراضها عقائديا يعيشون في بحبوحة من العيش خالية من البهجة, وهي المعيشة الضنك.