تواجه الانسانية إفلاسا مائيا.. تحذيرات أطلقتها جهات متعددة متخصصةفي قضايا المياه من أن نصف سكان العالم سوف يواجهون عجزا شديدا في المياه خلال العشرين عاما المقبلة. ومايتبع ذلك من موت الملايين وزيادة الصراعات علي مصادر المياه. حيث بات استهلاك المياه يجري بوتيرة أسرع من الزيادة السكانية. ففي خلال القرن العشرين زاد عدد السكان أربعة أضعاف, بينمافي المقابل زاد استهلاك المياه تسعة أضعاف. حول هذا الموضوع جاء حوارنا مع د. ضياء الدين القوصي مستشار وزير الري لشئون المياه الأسبق والذي أوضح فيه أن العالم أصبح يعاني من مأزق وهو أن كمية هطول المطر علي سطح الكرة الأرضية شبه ثابت سنويا, في الوقت الذي يتزايد فيه السكان بمعدل غير متناسب ويقال إن سنة2070 سوف يكون العدد10 مليارات نسمة وتمثل المياه75% من مساحة الكرة الأرضية. وكلماارتفع مستوي معيشة البشر زاد استهلاكهم للمياه للأنشطة المختلفة من الشرب والصناعة والزراعة وإنتاج الغذاء وانتاج الكساء الي جانب أنشطة أخري مثل ملاعب الجولف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه وصناعات أخري, كما سوف يحدث في مصر, حيث تعد الآن لأن تكون مصنع أسمنت العالم ليصل انتاجنا إلي50 مليونا بدلا من25. إذن هناك انماط جديدة من الاستهلاك المائي علي مستوي مصر والعالم كله. وبالنسبة لإفريقيا وحوض النيل واضح والكلام للقوصي ان الأفارقة عرفوا كيف يتخلصون من المشاكل التقليدية مثل الايدز وبدأت الحروب المحلية تتقلص بشكل أو بآخر وبدأت هذه الدول تتجه نحو التنمية. البلاد جميعا أصبحت مستهلكة للماء وتعمل علي تلويثه من صرف صناعي وزراعي وأسمده كيماوية, إذن أي تنمية في إفريقيا تؤثر علي مصر كما ونوعا. هذا بالإضافة إلي تأثير التغيرات المناخية. فمعظم المؤشرات تقول إن أحزمة المطر تنتقل من الجنوب الفقير مائيا الي الشمال الغني مائيا, فلو أن هذه النبوءة تحققت فسوف تكون هناك مشكلة لايعلم بها إلا الله. أما بالنسبة للبلاد العربية فهناك مشكلة حقيقية وهي إسرائيل, لأنها مجتمع ينمو سرطانيا بما لايوازي أي زيادة في الدول العربية بسبب الهجرة والتي تصل الزيادة فيها الي5% مما يؤدي بدوره إلي زيادة استهلاك المياه وهي ليست لديها مياه, فإنها تلجأ بحسب مايقوله الدكتور ضياء القوصي للإستحواذ علي المياه من المناطق التي تحت سيطرتها كما يحدث في لبنان وفلسطين وسوريا والأردن وأيضا السحب الكبير من الخزان الجوفي. إذن مشكلة البلاد العربية الحقيقية هي إسرائيل. ولمصر مشكلة لابد من النظر اليها بقدر كبير من الشفافية والتخوف مما يمكنه أن يحدث.فمياه النيل تم الاتفاق عليها مع السودان سنة1959 ولايمكن المساس بها تحت أي ظرف من الظروف ونأمل أن يكون هناك اتفاقيات جديدة لاستقطاب الفواقد في حوض النيل في مناطق الجنوب وزيادة الايراد الطبيعي لمصر والسودان. واليوم تقول تصريحات المسئولين ان اجمالي انتاج محطات المياه في مصر وصل الي25 مليون متر مكعب في اليوم وهو مايزيد علي9 مليارات متر مكعب في السنة, ولو ان استهلاكنا اليوم أكثر من9 مليارات فعلي سنة2050 علي أقصي تقدير سوف نكون50 مليونا. إذن فنحن في حاجة الي تخفيض هذه الكمية بما يعني20 مليار متر مكعب. ونحن لدينا صناعة واعدة والعائد منها كبير, وسياحة واعده فلدينا12 مليون سائح والهدف20 مليونا في المستقبل القريب وهذا السائح يريد مساحات خضراء وملاعب فقد جاء من دول متقدمة. فإذن من الذي سيدفع هذه الفاتورة؟ أتوقع أن تدفع الزراعة الثمن. فلابد من زراعة مساحات أكبر وزيادة الإنتاج بما يوازي الضعف واستهلاك نصف استهلاك اليوم, ولذلك يجب علي الزراعة أن تطور نفسها, ولابد أن يكون لدينا نظم ري متطورة مثل الري بالرش والري بالتنقيط ونعيد النظر في تركيبة المحاصيل بحيث ننتج محاصيل ذات عائد اقتصادي أكبر وتستهلك مياها أقل. ولابد من إنتاج محاصيل تصديرية مثل القطن, والخضروات والنباتات الطبية والنباتات العطرية. لابد أن نقول للجميع إننا لانستطيع أن ننتج محاصيل زراعية بكمية المياه الموجودة لدينا. كذلك لابد أن يكون لدينا حد أدني من الأمن الغذائي, وأن نحافظ علي المزارعين في القري الذين يعملون في الأرض, لأنهم لو تركوا مواقعهم وذهبوا للمدن سوف يمثلون مشكلة كبيرة جدا, ولابد أن ننفذ الأطر التي تزيد من القيمة المضافة للماء بمعني البحث عن الناتج الزراعي الذي يعني أكبر عائد اقتصادي من وحدة الحجوم من الماء( المتر المكعب). فالمتر المكعب من الماء ينتج كيلو جراما واحدا من الحبوب, ونفس المتر المكعب من الماء ينتج100 جرام من اللحم لو زرعت به أعلافا وينتج100 جرام سكر و300 جرام من الأرز و2 كيلو جرام من القطن و5 كيلو جرامات من الموالح وقد ينتج10 كيلو جرامات من الخضروات. ويختتم القوصي حديثه قائلا: إذن لابد أن يكون التفكير في كيفية الاستفادة بأكبر قدر من الماء لتحقيق أكبر قدر من الانتاج الزراعي وتحقيق أمن غذائي بحيث لا نلجأ للدول المجاوره لتوفير الماء اللازم للري والشرب.