اذن لقد رحل حسني مبارك بعد ثلاثين عاما من الحكم الفردي, بعد أن ظن كل من حوله, وأركان نظامه كل الظن انه عصي علي السقوط بهذه السرعة المفاجئة, وبهذه الثورة, التي تشبه زلزالا اختفي تحته للأبد عالم قديم, وبزغ معها عالم جديد ستمتد ظلاله لدول الشرق الأوسط المجاورة, وربما لدول اخري في العالم تعاني شعوبها الظلم والقهر, سقط نظام مبارك, الذي قد يكون اخر الفراعين المصريين الذين جلسوا علي كرسي الحكم في مصر فترة طويلة, وهو من المؤكد آخر حلقة في سلسلة الحكم العسكري الذي استمد شرعيته لنحو ستين عاما من ثورة الضباط الأحرار التي حدثت في عام.2591 سقط نظام مبارك وسقطت معه سيناريوهات توريث الحكم للانجال في الشرق الأوسط, التي خطط لها الدعاة لتركيز الثروة في ايدي القلة, وهي الافكار التي ادت لاتساع رقعة الفقر والظلم بين شعوب الأرض, سقط نظام مبارك بأيدي من لم يتوقعهم أحد, لا من كهنة الرئيس المحيطين به ليل نهار, ولا من علماء الاجتماع السياسي في ابحاثهم, ولا في السيناريوهات التي توقعوا بها سقوط هذا النظام حتي بعد ثورة الشعب التونسي., نعم لقد توقع بعض هؤلاء ان تحدث يوما ما ثورة او مظاهرات غضب عارمة تندلع من الاحياء العشوائية الفقيرة في اتجاه منتجعات الاغنياء, لذلك حصنوا انفسهم ومنتجعاتهم بفرق الحراسات الخاصة. كما استبعد هؤلاء نجاح سيناريوهات الدعوة للعصيان المدني يمكن ان تتطور لثورة عامة من مظاهرات فئوية لاطباء ومدرسين وموظفين مطالبين بزيادة اجورهم أو المطالبة برحيل وزير يتبعونه, فقد كان الامن يقوم بحصارها في اضيق الحدود بالمفاوضات والاستجابة لبعض المطالب, كما لم تنجح ايضا مظاهرات العمال المهددين بالفصل في شركات القطاع العام التي بيعت لمستثمرين اجانب, والمطالبين بزيادة اجورهم, للتحول لثورة شعبية عامة, فقد كانت قوات الأمن تتخلص من هذه الاحتجاجات تارة بالقمع, وتارة اخري بالاستجابة لبعض الطلبات, ولم يدر بخلد أحد أن تندلع ثورة شعبية جارفة من دعوة منظمة من شباب الفيس بوك للاحتجاج علي القمع الامني, واغتيال احد أعضائها. فقد نجح المتظاهرون في جمع الأمة علي مطلب واحد تم تلخيصه في شعار مختصر وهو الشعب يريد إسقاط النظام وليس مطالب فئوية ضيقة, وهو ما كان ايضا سببا وراء نجاح ثورة عام9191 التي جمعت الامة علي شعار واحد وهو الاستقلال التام أو الموت الزؤام وكما كان ابناء الطبقة الوسطي هم قادة ثورة91, فقد كان ايضا أبناء الطبقة الوسطي من الشباب هم ايضا قادة ثورة52 يناير.1102 ولم يخرج قادة الثورة الشعبية المصرية الجديدة, كما توقع البعض, من شباب الاحياء العشوائية, وان اعطوها, فيما بعد, زخما قويا بعد الانضمام السريع لها, اذن خرج قادة الثورة الجديدة من سكان احياء الطبقة الوسطي في مصر الجديدة ومدينة نصر وأن انضم لهم شباب من محافظات اخري كانوا علي اتصال بهم عبر صفحات الفيس بوك.