اختلطت دموع الفراق بفرحة الاستشهاد في وقت واحد, من مقلتي والدة كل شهيد من أسرتين لأسر الشهداء الذين قتلتهم رصاصات الغدر والخيانة, حينما كانوا يعبرون عن آرائهم وهم عزل.. استشهد إسلام عبدالوهاب12 سنة طالب بالفرقة الثانية بحقوق القاهرة, أثناء قيامه بتصوير قسم شرطة السيدة زينب بالموبايل, من رصاصة غادرة من أحد أفراد الحراسة الذين كانوا يقومون باطلاق النار من أعلي قسم شرطة السيدة زينب. والشهيد الثاني سامح علي 24سنة موظف بأحد الفنادق لقي مصرعه في الرابعة فجرا يوم الثلاثاء عندما هرب من والدته ليلا حيث انه وحيدها لمساعدة الشباب الذين كانوا يرابطون بميدان التحرير, بعد واقعة الخيل والجمال, وأثناء قيامه بالتصدي للبلطجية الذين كانوا يلقون قنابل المولوتوف اليدوية علي شباب ميدان التحرير وبالتحديد بميدان عبدالمنعم رياض, اصيب بثلاث رصاصات بالصدر والرأس, ولقي حتفه في الحال, وعندما استيقظت والدته بعد صلاة الفجر, وذهبت الي حجرته لم تجده وقامت بفتح التليفزيون وشاهدته مصابا يحملونه علي الاعناق, حيث شعرت به لانه ابنها الوحيد علي شقيقتين له, فصرخت بأعلي صوتها, ولم تكذب مشاعرها. وفي لقاء للأهرام مع أسرتي الشهيدين اسلام وسامح كان هذا الحوار: رصاصة في الرأس قالت الحاجة ألفت محمود دسوقي(58 عاما) والدة اسلام عبدالوهاب(21 عاما), إن اسلام توفي والده وعمره6 سنوات وهو الأوسط بين شقيقه وشقيقته, وكان متفوقا في دراسته الجامعية, وحصل علي تقدير إمتياز بالفرقة الأولي بكلية الحقوق, حيث كانت أمنيته أن يكون وكيلا للنائب العام. وقالت الأم الثكلي والدموع تتدفق من عينيها: الحمد لله.. أنا سعيدة باستشهاد ابني, لأنه سوف يدخلني الجنة التي لم أكن أحلم بها. وقالت الأم إنها تعيش بقلعة الكبش بالسيدة زينب, وان ابنها اسلام أنهي امتحانات نصف العام بتفوق, وانها طلبت منه عدم المشاركة في المظاهرات أو الذهاب الي ميدان التحرير لأنهم بسطاء جدا فوافقها.. ويوم الحادث بعد صلاة ظهر الجمعة شاهد الدخان يتطاير من منطقة السيدة زينب. فطلب منها السماح له بالنزول للاستفسار عن الأمر, والسؤال عن شقيقه.. وبعد نزوله الي الشارع بساعة واحدة فقط قالت الأم انها شعرت بقبضة في قلبها فطلبت من شقيقتها الاتصال بشقيقه هاتفيا, فلم يرد هاتف إسلام ولا شقيقه أيضا, فاتصلت بشقيق الأم الذي اتصل بها بعد ساعة وأبلغها بأن اسلام اصيب بطلق ناري في رأسه أثناء وقوفه أمام قسم السيدة زينب.. فهرولت وهي لا تدري حيث وجدت إبنها في حالة غيبوبة بداخل مستشفي أحمد ماهر, وكانت الساعة تقترب من الخامسة مساء, ولم يتدخل الأطباء لاسعافه, حيث انه كان مصابا بطلق ناري في رأسه من الخلف. وأضاف, أنسي محمد دسوقي(39 سنة) شقيق والدة إسلام, ان الأطباء بمستشفي أحمد ماهر أبلغوه بأن حالته خطرة والرصاصة بالمخ, فأجري اتصالاته علي مستشفي القوات المسلحة بالمعادي, وتم نقله في سيارة اسعاف مجهزة, ولكن لم يتدخل الأطباء لخطورة حالته.. ولفظ أنفاسه بعد ثلاثة أيام من دخوله المستشفي. وتدخلت والدة اسلام في الحديث مرة أخري وقالت: إنها فخورة باستشهاد ابنها, مؤكدة ان شقيقته تركت دراستها بعد الثانوية من أجل استكمال تعليم اسلام بكلية الحقوق, لأن المعاش لم يكن يكفيها هي وأولادها, حيث كان والدهم رحمة الله عليه يعمل سائقا, وشقيقه الأكبر لا يعمل, وانها تطالب بالقصاص العادل من قاتل ابنها. طلب الشهادة فنالها قالت الحاجة فاطمة رسلان48 عاما والدة الشهيد سامح علي جمال, انها فخورة باستشهاد ابنها الوحيد علي شقيقتيه, وهو كان أوسطهما, حيث قامت علي تربيته حتي انهي تعليمه والتحق بالعمل بأحد الفنادق, وانها حذرته من النزول الي التحرير لأكثر من مرة بعد أن شاهدته يصلي في حجرته ويطلب في الدعاء ان ينال الشهادة في هذا العمل, فقالت له ليه ياسامح بتطلب كده.. فرد قائلا وذلك قبل الحادث بيومين فقط إنه سوف يشفع لها في الجنة هي وشقيقتيه لأن والده يعيش بعيدا عنهم منذ فترة, فقالت له لا توجع قلبي يابني لأنك ابني الوحيد وعايشة من أجل الفرح بيك.. وفي يوم الحادث هرب منها أثناء نومها بحجة الوقوف مع اللجان الشعبية, وانها استيقظت لصلاة الفجر, وشعرت بشيء غريب, فقامت بالبحث عليه داخل الشقة, وعندما سألت شقيقته دعاء قالت إنه صعد من الشارع الساعة 3.5 صباحا واستبدل ملابسه وتوجه الي الشارع مرة أخري. وأضافت الأم المكلومة, وهي تبكي قائلة: إنها قامت بمشاهدة نجلها وهم يحملونه وهو مصاب حيث عرفته من ملابسه. وأضافت شقيقته دعاء 20 سنة حاصلة علي كلية الخدمة الاجتماعية, ان شقيقها رحمة الله عليه كان يتحدث كثيرا عن الشهادة, ورغم انه وحيد فلم يدخل الجيش, وكانت أمنيته الذهاب الي التحرير والمشاركة مع الشباب, حيث كان يذهب مع صديقه هاني بدون علم والدته يوميا. وقالت إن شقيقها دفع حياته ثمنا لتحرير الوطن من الطغاة والظلمة والمفسدين الذين نهبوا ثروات الوطن وانها فخورة بشقيقها, وانها تشعر به انه علي قيد الحياة. وقال هاني7 2سنة إن سامح ليس صديقا وانما هو أخ شقيق, وكنا نجلس, وشاهدنا الضرب في الشباب بميدان بالتحرير, حيث اننا كنا نذهب اليهم يوميا لمساعدتهم, فقررنا الذهاب الساعة الرابعة صباحا, حيث كان هو يعمل في الصباح, وان العمل كان معطلا, وتوجهنا من المعادي بتاكسي, وعند وصولنا الي الميدان تمكنا من الدلوف اليه, ثم الذين انهالوا علينا بالزجاج والحجارة, وفوجئنا باطلاق الأعيرة النارية بعد القنابل المسيلة للدموع, وكانت اشعة الليزر الخضراء تطاردنا, ثم سقط من بيننا العديد وكان سامح بجانبي وفوجئت به مصابا بعدد من الطلقات, وسقط جثة هامدة. وقال إنه كان يتمني أن يستشهد معه, مطالبا وأسرة الشهيد بسرعة القصاص من القتلة الظالمين.