أجري الحوار: سمير السيد كشف مصطفي النجار المنسق العام لحملة البرادعي ومطالب التغيير أحد الأطراف الرئيسية التي شاركت في تنظيم أحداث25 و28 يناير علي الأرض, تفاصيل تنشر لأول مرة عن الجهات التي خططت لتنظيمها وأعداد المحركين لها علي المستويين الحركي والتنظيمي وحقيقة التنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين وحجم مشاركتهم في صناعة الثورة, والقوة الحقيقية لنشطاء الفيس بوك في الواقع, ويروي النجار في حوار ل' الأهرام' رؤيته لمستقبل الثورة وابعاد التغيير الإجتماعي في مصر, وإلي نص الحوار: مصطفي النجار:30 سنة طبيب أسنان مدون وناشط في مجال حقوق الإنسان متي بدأت إرهاصات الثورة من وجهة نظرك؟ بدأت موجة الحراك السياسي في الصعود بقوة منذ عودة الدكتور محمد البرادعي إلي مصر في فبراير عام2010 والتفاف آلاف الشباب حول فكرة التغيير والتحول الديموقراطي, وأخذ هذا الزخم في التزايد مع مشروع جمع التوقيعات لمساندة مطالب التغيير والتي وصلت إلي ما يقرب من مليون شخص, في أكبر خطوة للتعبئة السياسية في تاريخ مصر الحديث, وجاء ذلك بالتوازي مع حالة من الحراك الاجتماعي المتصاعد عبر الاعتصامات والاحتجاجات العمالية, ومع هاتين الحالتين وصلت درجة الاحتقان إلي ذروتها عقب انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي أسفرت عن برلمان بلا معارضة, شهد إقصاء الجميع عبر عمليات تزوير واسعة وبلطجة غير مسبوقة أصابت المجتمع المصري باليأس من إمكانية الإصلاح لهذا النظام, مما دفع الشباب لاستغلال هذه الفرصة وقرروا أن يصعدوا من مطالبهم إثر نجاح نموذج الثورة التونسية الذي كان ملهما لكل المصريين, إذ أعطاهم دفقة أمل في إمكانية حدوث التغيير رغم وجود نظام بوليسي قمعي, ومن هنا جاءت حركة الشباب. كيف تم التخطيط ل مظاهرات25 يناير؟ علي نهج حركة' شباب6 أبريل' التي كانت تنظم فعالية سنوية في يوم عيد الشرطة من كل عام, قامت حملة دعم البرادعي ومطالب التغيير وحركتا' العدالة والحرية'' و6 أبريل' وشباب أحزاب الجبهة والغد والكرامة بالتعاون مع صفحة خالد سعيد علي الفيس بوك, بترتيب فعالية علي الصفحة دعت إلي تنظيم يوم احتجاجي في يوم25 يناير تزامنا مع عيد الشرطة, لتوصيل رسالة مفادها رفض ممارسات الشرطة القمعية وتعذيبها للمواطنين, وتم الاتفاق علي النزول إلي الشارع بكثافة بعد أن انضم للفعالية عشرات الآلاف من الناشطين علي الفيس بوك, وشكلنا لجنة ضمت ممثلين عن شباب الحركات والأحزاب السابقة, وحددت اللجنة أربع مناطق بالقاهرة وزعت مسئوليتها علي قيادات من هذه الحركات والأحزاب وهي شارع جامعة الدول العربية وجامعة القاهرة وشبرا والقصر العيني, وفي المحافظات تحركت حملة البرادعي في20 محافظة, و6 أبريل في الإسكندرية. ما هو عدد نشطاء هذه الحركات والأحزاب علي الأرض؟ عدد النشطاء الذين اشتركوا في تنظيم الحدث علي الأرض في جميع المحافظات من هذه الحركات والأحزاب نحو500 ناشط علي المستوي التنظيمي و10 آلاف علي المستوي الحركي. كيف كانت خطة التحرك يوم25 يناير؟ تحرك قائد كل مجموعة مع عناصر مجموعته نحو المناطق المستهدفة لتحفيز المواطنين علي المشاركة في المظاهرات, ثم تم كسر الحواجز والكردونات الأمنية لتنطلق المظاهرات تحت شعار' عيش حرية- كرامة إنسانية' إلي ميدان التحرير في نفس اللحظة بعد أن انضم إليها آلاف المواطنين, وحدثت مواجهات دامية في أماكن مختلفة وتم اعتقال المئات ولكن صممنا أن نمضي إلي ميدان التحرير مهما كان الثمن وقبل غروب الشمس استطعنا احتلال الميدان بالكامل بعد أن تراجعت قوات الشرطة وتركت لنا الميدان, وأنشأنا إذاعة يوم الثلاثاء25 يناير سميناها إذاعة' الميدان' وأشرفت عليها أنا وعبد الرحمن يوسف المنسق العام السابق لحملة البرادعي, وأصدرنا بيانا حددنا فيه مطالبنا بضرورة إعلان رئيس الجمهورية عدم ترشحه ونجله لرئاسة الجمهورية وحل مجلسي الشعب والشوري وإلغاء حالة الطوارئ, واستمر الاعتصام في الميدان حتي الساعة الثانية عشر والنصف من صباح الأربعاء, لنفاجأ بعدها بهجوم عنيف من الأمن عبر إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي, وتم إخلاء الميدان واعتقالي في الساعة الواحدة صباحا بعد إصابتي برصاص مطاطي في قدمي وتم اقتيادي إلي مكان مجهول تعرضت فيه للاعتداء بالضرب قبل أن يفرج عني يوم الأربعاء, وقررنا إعادة الكرة بالدعوة إلي جمعة الغضب. هل تم التنسيق مع الإخوان في يومي25 و28؟ تلقينا أخبار بأن الإخوان سيشاركون كأفراد وليس كتنظيم ولكننا لم ننسق معهم. ما هو تقديرك لحجم مشاركة الإخوان علي الأرض يوم25 ؟ لا أستطيع أن أحدد نسبة لحجم مشاركة الإخوان يوم25 لأنهم شاركوا كأفراد, فيوم25 كان نشطاء الفيس بوك من غير المنتمين لحركات أوأحزاب هم القوة الأساسية علي الأرض, أما يوم28 فخرجت جموع الشعب بالملايين فيما بلغت نسبة مشاركة الإخوان من15 إلي20 في المئة وهذا هو الحجم الحقيقي للجماعة في ميدان التحرير الآن. كيف تقدر قوة نشطاء الفيس بوك علي الأرض قبل وبعد25 يناير؟ قبل25 يناير كانت قوة نشطاء الفيس بوك علي الأرض من غير المسيسين تبلغ نحو10 آلاف شخصا فقط أما في يوم25 فوصلت إلي مئات الألوف والدليل علي ذلك نجاح شباب ثورة25 يناير في تنظيم أربع مظاهرات مليونية خلال أسبوعين منذ بدأ الاعتصام في الميدان يوم28 يناير. كيف تم التخطيط ليوم28 ؟ تم توزيع مئات الآلاف من المنشورات لدعوة الناس للخروج لجمعة الغضب وتم تعبئة15 ألف متطوع من حملة البرادعي في20 محافظة عبر الاتصال التليفوني ورسائل الموبايل. هل ارتفع حجم القوة التنظيمية للحملة وشباب الحركات والأحزاب الأخري بعد25 يناير؟ نعم إذ ارتفع عدد التنظيميين في حملة البرادعي إلي1500 شاب ومثلهم من مجموع الحركات والأحزاب التي شاركت في تنظيم الحدث علي الأرض, إضافة إلي دوائر تضم عدة آلاف من المتطوعين. من الذي قاد جموع الشعب الغاضبة إلي ميدان التحرير يوم28 ومن أطلق الشعار التونسي' الشعب يريد إسقاط النظام'؟ المتظاهرون توجهوا تلقائيا إلي ميدان التحرير لتكرار ما فعلناه يوم25 قبل فض الاعتصام, أما عن الشعار فقد خرج عفويا مساء يوم الثلاثاء25 يناير ليصير الشعار الأساسي لجمعة الغضب. كيف انتقل نشطاء الفيس بوك من الفضاء الإفتراضي إلي عالم الواقع؟ الفيس بوك أتاح فرصة لبناء شبكات إجتماعية في مصر وزيادة التفاعل بين الشباب الذين يتعاملون معه ثم يتقابلون علي الأرض ويقومون بعملية التشبيك, وعندما تتم التعبئة حول فكرة معينة, يقوم كل ممثل لشبكة اجتماعية بحشد الأفراد الواقعين في دائرة تأثيره والتربيط معهم للنزول للشارع في نفس الوقت وبشكل غير مركزي ومن هنا تتكون الشبكة الإجتماعية الضخمة. هل فاق حجم المشاركة الشعبية في مظاهرات25 و28 يناير توقعاتكم؟ نعم فقد كنا نتوقع أن يشارك في مظاهرات يوم25 تأثرا بالحالة التونسية نحو20 في المئة من حجم الذين شاركوا أي مئة ألف فقط من جموع الشعب, لكن خرج مئات الآلاف, وكنا نتوقع أن يخرج مئات الآلاف يوم28 فخرج الملايين. ما هو تفسيرك لهذه الاستجابة الشعبية؟ هذه المشاركة الكبيرة جاءت نتيجة لتراكمات من الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وهل الخطاب السياسي متوحد الآن؟ نعم فجميع المعتصمين يطالبون باستقالة الرئيس مبارك, وحل المجالس النيابية والشعبية, وإلغاء حالة الطوارئ, وتشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط, وإجراء تعديلات دستورية وقانونية مرحلية تسمح بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة, وانتخاب هيئة دستورية تقوم بإعداد دستور جديد للبلاد. هل حدثت مزايدات وهجوم عليك بعض لقائك ضمن مجموعة ضمت6 من شباب الثورة, نائب الرئيس عمر سليمان؟ نعم حدثت مزايدات من البعض إما جهلا أو رغبة في الشهرة أو بحسن نية خوفا من الإلتفاف علي الثورة, لكننا أخبرناهم بتفاصيل اللقاء واستمرارنا في الاعتصام حتي تتحقق المطالب فشكروا لنا موقفنا, إلا أن البعض مازال مستمرا في الهجوم علينا لأغراض غير معلومة رغم توضيح الحقائق. ما هو دور الطبقة الوسطي في صناعة الثورة من وجهة نظرك كباحث في الحركات الاحتجاجية؟ الطبقة الوسطي الجديدة من العاملين في مجالات الاتصالات وإدارة الأعمال والمهن النوعية والتي يشكل الشباب النواة الأكبر لها هي التي الصانع الأول للثورة التي استجاب لها بقية طبقات المجتمع, فقد ساهم ارتفاع حجم الاستثمار المالي الأجنبي المباشر في تكوين هذه الطبقة التي بدأت في الظهور مع نهايات عام.2005 هل تفكرون في إنشاء حزب سياسي؟ قال لنا السيدعمر سليمان في لقائنا معه فكروا في إنشاء حزب سياسي, فأخبرته بأننا لن نتقدم للحصول علي رخصة من لجنة الأحزاب, وطالبناه بإلغاء هذه اللجنة وأن يكون إنشاء الأحزاب متاح للجميع بالإخطار مثل بقية دول العالم الديموقراطية, فرد علينا نائب الرئيس بأنه سيبحث هذا الأمر في لقاءات الحوار المقبلة.