سار عيسي قاصدا المعبد.. يسير الناس في الشوارع حوله وهم يتخايلون في ملابسهم الملونة الثمينة.. وهو يسير في ردائه المصنوع من الصوف الفقير الخشن فيبدو عليه أعظم بهاء من ملابس ملوك الرومان. كان عيسي يعلم أن الديانة الحقيقية ليست هي طاعة الشكل الخارجي, بينما القلب بعيد عن التواضع.. ولهذا السبب كان عيسي ينزع قشور الثمار ويطعم المخلوقات يوم السبت.. وكان يشعل النار للعجائز حتي لا يقتلهم البرد. وصل عيسي إلي المعبد ووقف داخله, وطاف ببصره حوله.. كان عيسي يشبه نقطة الضوء الوحيدة في المكان.. وكان الله لم يأمره بعد أن يفرش هذا الضوء لأكبر عدد من الفقراء والتعساء والحزاني. كان كلما أدار وجهه حوله وجد كهنة.. كان هناك عشرون ألف كاهن, أسماؤهم مسجلة في الهيكل.. يتعيشون منه, ويقبضون مرتباتهم من خزائنه,وكانت حجرات المعبد تمتليء بالآلاف منهم في ملابس الحفلات.. هؤلاء هم اللاويون بقبعاتهم المدببة, وهؤلاء هم الفريسيون بملابسهم البنفسجية الواسعة ذات الأطراف المنسوجة بالذهب. وهؤلاء هم خدم الهيكل الرسميون في ملابسهم البيضاء, وهؤلاء هم الصدقيون, وهم طائفة الكهنة الأرستقراطيين التي تتحالف مع السلطة الحاكمة وتثري عن طريق هذا التحالف. لاحظ عيسي أن عدد زوار الهيكل أقل من عدد الكهنة ورجال الدين. كان المعبد يمتليء بالخراف والحمام التي يشتريها زوار المعبد لتقديمها قرابي إلي الله.. قرابين تذبح داخل المعبد فوق المذبح. كانت كل خطوة داخل المعبد تكلف السائر نقودا.. هنا في المعبد اليهودي يتكشف جوهر الحياة آنذاك.. إن القيمة الحقيقية التي عبدها الناس في هذا الزمان كانت هي النقود.. صار الترف المادي أو الثراء هو القيمة الوحيدة التي يتصارع عليها الناس جميعا, لا فرق في ذلك بين رجال الشريعة أو رجال الحياة.