سيأتي يوم يخلو فيه ميدان التحرير من الذين احتشدوا به طوال الأيام الماضية من شباب التقي كثيرون منهم ببعضهم لأول مرة في هذا الميدان جمعهم حماس السن وحيويتها والأفكار المتقاربة التي عبروا عنها, ومع ذلك استطاعوا لأول مرة في تاريخ مصر تغيير صورة الحكم بعد أن كان التغيير يأتي بعمل عسكري. لكن الواضح أن هذا الشباب جمعتهم أفكارهم بدون اتفاق وبدون تنظيم. بدا هذا في صعوبة خروج ممثلين منه يشاركون في الحوار, ليس لأنه ليس بينهم من يصلح ولكن لأنهم كانوا يتزايدون كل يوم في الوقت الذي يجدون أنفسهم في صف واحد, وهو ما يجعلني أشعر بحيرة شديدة تجاه استثمار تلك الانتفاضة النقية التي لم تتلوث بعد بمصالح الكبار والمنتفعين من العمل السياسي. سبب حيرتي أن هذا التوافق الذي أراه بين هذا الشباب يمثل أساسا طبيعيا لحزب جديد اسمه حزب ميدان التحرير تعبيرا عن وقفة تاريخية قادوها وجعلت هذا الميدان الصغير صورة ثابتة ودائمة علي شاشات جميع القنوات الإخبارية العالمية حتي أصبحت شهرة ميدان التحرير أكبر من ساحة تاين آين مين في بكين, والميدان الأحمر في موسكو وتايمز سكوير في نيويورك!. وليس في مصر حزب نبع من الشارع ومن حركة وطنية مثل حزب الوفد الذي ولد عفويا وطبيعيا من رحم ثورة1919, ولكن الفرق أنه كانت لهذه الثورة رموزها التي طلبت من السفير البريطاني في مصر السفر إلي لندن في وفد يفاوض حول مطلب جلاء الإنجليز عن مصر. فلما جاء رد السفير البريطاني بوقاحة: من أنتم حتي تمثلون الشعب جاءته الإجابة فورية في ملايين التوكيلات التي وقعها الشعب لتفويض الوفد في تمثيله ومن ثم ولد حزب الوفد برياسة سعد زغلول. مع ذلك فأنا أخشي أن يجرف, العمل السياسي هذا الشباب النقي قبل أن يكمل مشوار تعليمه الذي أري أهميته لنفسه وأيضا لبلده ومن هنا كانت حيرتي وخوفي عليه, وإن كنت واثقا أنه لن يطول الانتظار ويبرز من يحمل الراية مستقبلا من حزب ميدان التحرير!. [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر