موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام يفتح ملفات الشرق الأوسط مع وزيرة خارجية فرنسا
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 01 - 2011

بالرغم أنها تولت حقيبة الخارجية في شهر نوفمبر الماضي‏,‏ إلا أن ميشيل إليو ماري وزيرة خارجية فرنسا لم تضع وقتا كثيرا لكي تقوم بأول زيارة لها في المنطقة وهي تحمل صفتها الجديدة‏. حيث إنها عبر تاريخ طويل من توليها العديد من الوزارات‏(‏ العدل ذ ذ ذ‏).‏ ا ب حوارا خاصا مع تلك الوزيرة المثقفة التي تحمل درجة الدكتوراة في القانون‏,‏ وتقوم بالتدريس في أرقي الجامعات الفرنسية‏,‏بعد وصولها إلي مصر أمس في زيارة تستغرق ساعات تجتمع خلالها مع كبار المسئولين‏,‏ حيث لم تمانع السيدة في فتح كافة ملفات المنطقة‏,‏ وهذا نص الحوار‏...‏
الأهرام‏:‏ جولتكم الحالية في المنطقة هي الأولي‏,‏ فهل ستكون استكشافية أم حملتم مقترحات محددة لكسر الجمود‏,‏ خاصة علي الصعيد الإسرائيلي الفلسطيني؟
ماري‏:‏ هي الأولي بالفعل منذ توليت وزارة الشؤون الخارجية والأوروبية في نوفمبر‏2010‏ إلا إن مناصبي الوزارية السابقة قادتني لزيارات منتظمة للشرق الأوسط‏.‏ ونظرا للأهمية الإستراتيجية لهذه المنطقة ولروابط الصداقة العديدة القائمة منذ زمن قديم للغاية بين فرنسا والعالم العربي‏,‏ أردت للزيارة الأولي أن تتم بأسرع وقت ممكن‏,‏ حيث إنها فرصة لتوجيه رسالة صداقة وتضامن مع بلدان لدينا معها علاقات قوية ومبنية علي الثقة‏.‏
الأهرام‏:‏ حاول سلفكم وزير الخارجية الفرنسي السابق جاهدا الحصول علي موافقة إسرائيل علي زيارته غزة وفشل‏,‏ فما المتغير الذي طرأ لتغير إسرائيل موقفها السلبي في هذا الخصوص معكم؟ وهل تعتقدون بأن إسرائيل تسعي كي يعينها طرف علي النزول من فوق شجرة تسلقتها بنفسها ولا تستطيع النزول منها؟
ماري‏:‏ ذهبت لغزة لإظهار تضامن باريس مع شعبها ضحية الحصار‏;‏ ففرنسا لا تنسي غزة‏.‏ أما عن إسرائيل‏,‏ فقد اتخذت إجراءات لتخفيف الحصار‏,‏ بعد أن وعت بشكل تدريجي عدم جدواه‏,‏ وهي الإجراءات التي أشدنا بها‏,‏ ويتعين أن تطبق بصورة ملموسة وأن تستكمل بإجراءات أخري تسمح باستئناف الصادرات وحرية انتقال الأشخاص‏.‏
الأهرام‏:‏ماذا سيكون موقف بلادكم في حال ممارسة الفلسطينيين حقهم المشروع لإعلان قيام الدولة علي الأراضي المحتلة عام‏1967‏ أو أن تلجأ الجامعة العربية لطرح القضية برمتها علي مجلس الأمن؟
ماري‏:‏ فرنسا‏,‏ كما أوروبا‏,‏ ترغب في قيام دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية وقابلة للعيش‏,‏ وهو ما يحتم تناول المفاوضات قضايا الوضع النهائي‏,‏ مرتكزة علي مرجعيات محددة‏,‏ وهو الأمر الذي يجب أن يقود في‏2011-‏ كما التزمت بذلك اللجنة الرباعية‏-‏ إلي قيام دولة فلسطين بناء علي حدود‏1967‏ وكذلك لضمان أمن إسرائيل واندماجها في المنطقة‏,‏ولتسوية تتضمن القدس عاصمة لدولتين‏.‏ وبالنسبة إلي موقفنا من الاستيطان‏,‏ فإنه واضح وثابت‏,‏ وقد جدده الرئيس نيكولا ساركوزي بوضوح خلال استقباله الرئيس محمود عباس في باريس سبتمبر الماضي‏,‏ من أن الاستيطان هو أمر غير قانوني‏,‏ ويجب بالتالي أن يتوقف‏.‏ بيد أننا نري‏,‏ كما سبق وأن قلنا لأصدقائنا الفلسطينيين‏,‏ إنه من المهم تحقيق تقدم نحو استئناف المفاوضات‏,‏ وهناك اتساق كامل في وجهات النظر بين فرنسا ومصر حول هذه المسألة‏.‏
الأهرام‏:‏ فرنسا كانت من أوائل الدول التي اعترفت بإعلان كوسوفو أحادي الجانب بالاستقلال بالرغم من أن مفاوضاتها مع صربيا استغرقت خمس سنوات فقط‏,‏ وبتجاهل تام لقرارات مجلس الأمن الدولي من ضرورة الوصول إلي الاستقلال من خلال عملية تفاوضية‏.‏ وفي نفس السياق جاء دعم فرنسا لتقرير مصير جنوب السودان بالرغم من عدم كون الشمال قوة محتلة‏.‏ في رأيك لماذا لا يصلح مع الفلسطينيين ما صلح مع ألبان كوسوفو والسودانيين بالنظر إلي أن قضيتهم تخطت ال‏60‏ عاما بسبب تعنت إسرائيل؟‏!‏
ماري‏:‏ كل وضع له سماته الخاصة‏,‏ وقد ضربتم مثلا باستقلال كوسوفو الذي اعترفنا به‏;‏ فهذا الاستقلال جاء كنتيجة تتعلق بمسيرة تاريخية ذات سمات خاصة‏,‏ ألا وهي تفكك جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية والذي أسفر عن نتائج دامية رأيناها في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو‏.‏ أما بالنسبة لاستقلال جنوب السودان‏-‏ في حال كان ذلك هو نتيجة الاستفتاء‏-‏ فإنه سيمثل إحدي المراحل الرئيسية التي تم إنجازها وفقا لاتفاق السلام الشامل لعام‏2005‏ ألا وهي حرية جنوب السودان في تقرير مصيره لوضع نهاية لحرب أهلية مروعة‏.‏ أما فيما يتعلق بفلسطين‏,‏ فأكرر أننا مصممون علي قيام الدولة في أسرع وقت ممكن‏.‏ ولكن ألن تكون مغامرة أن يتم إعلان دولة من دون الاتفاق علي حدودها‏,‏ ومن دون ضمان المبدأ الذي يحكم طريقة تعايشها مع جيرانها‏,‏ ومن دون الانتهاء من عمليات بناء مؤسساتها‏,‏ وهو المشروع الذي يقوده سلام فياض رئيس وزراء السلطة الفلسطينية بعزم كبير إن فرنسا تري‏-‏ كما هو حال الاتحاد الأوروبي والعديد من الشركاء‏-‏ أن أولويتنا يجب أن تتجه لاستئناف المفاوضات بهدف توفير شروط قيام دولة فلسطين خلال العام الحالي‏.‏
الأهرام‏:‏ يدور لغط حاليا حول خطط أوروبية لتطبيق‏'‏ قواعد الاشتباك السياسية‏'‏ التي أسفرت عن تقرير المصير في جنوب السودان علي السودانيين في إقليم دارفور‏,‏ فما نسبة الحقيقة في هذا‏,‏ وما المقاصد النهائية له علي السودان ومصر والمنطقة بأسرها؟
ماري‏:‏ أعلم أن هناك العديد من التساؤلات حول سلامة أراضي شمال السودان إذا ما تم إعلان انفصال الجنوب‏,‏ وفي هذا المقام‏,‏ أكرر أن الاستفتاء يأتي اتساقا مع اتفاق تم توقيعه بين الشمال والجنوب لوضع نهاية لعشرين عاما من الحرب الأهلية‏.‏ أما عن الوضع في دارفور‏,‏ فإنه مأسوي‏.‏ وحتي إذا ما كان هذا الوضع يتحسن علي المستوي الإنساني‏,‏ فقد تم ارتكاب جرائم جماعية‏,‏ تتطلب العدالة‏.‏ ومع ذلك‏,‏ فإن فرنسا تري ان ما يتعين تحقيقه بصفة عاجلة في دارفور يتمثل في أن تتمكن الأطراف المعنية من وقف أعمال العنف‏,‏ وإشاعة السلام‏,‏ وهو جوهر الوساطة المشتركة التي يجريها كل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ودولة قطر‏,‏ والتي نساندها‏,‏ وهو أيضا الشرط الرئيسي لاستعادة أبناء دارفور حياتهم العادية‏,‏ وهو ما أعتقده طموحهم بالمقام الأول‏.‏
الأهرام‏:‏ بالرغم من أن حصة مصر من مياة النيل‏50‏ مليار متر مكعب من أصل‏1700‏ وبالرغم من أن هذه الحصة تسد‏96%‏ من احتياجاتها لكونها دولة شديدة الجفاف‏,‏ بالمقارنة مع دول حوض النهر التي تعتمد أساسا علي الأمطار وأنهار أخري‏,‏ فإن هذه الدول الشقيقة تحاول ضاغطة لإعادة النظر في حصة مصر‏.‏ في رأيكم‏,‏ هل لدي فرنسا والاتحاد الأوروبي ما يمكن أن يقدموه للمساعدة علي تسوية هذه المسألة تقنيا وقانونيا؟
ماري‏:‏ إن الأهمية الحيوية لتأمين مصر حصولها علي مياه نهر النيل هي بديهية تاريخية وجغرافية وديموجرافية‏;‏ فالشعب المصري يعتمد أكثر من غيره علي هذا النهر‏,‏ وهو ما يفسر قرار مصر ودول حوض النيل إدارة هذه الموارد في إطار مبادرة مشتركة‏.‏ وبالفعل‏,‏ فإن الأمر يعود لهذه الدول كي ترسي معا قواعد إدارة تتوافر فيها عناصر الانسجام لهذه الملكية المشتركة‏.‏ وتساند فرنسا‏-‏ كما هو حال كافة الممولين لمبادرة حوض النيل‏-‏ مصر في تصميمها للتوصل إلي حل من خلال التفاوض‏.‏ وفي هذا السياق‏,‏ فإن استخدام دول حوض النيل لهذه الموارد المشتركة يتم وفقا لمبادئ تنسيقية معترف بها بواسطة الأسرة الدولية‏.‏ ونحن نري‏-‏ كما هو حال بقية المانحين مثل البنك الدولي‏-‏ أن هذه المبادئ يجب أن يتم تطبيقها في حال باتت مصالح كل دولة من دول الحوض علي المحك بسبب مشروع يمكن أن يؤثر علي الموارد المائية‏.‏
الأهرام‏:‏ في ضوء العلاقة الخاصة بين البلدين‏,‏ هل تعتقدون بأن الدفع بقوة للعدالة في قضية اغتيال الحريري بالشكل الحادث يمكنها أن تدفع لبنان إلي حافة حرب أهلية‏,‏ ولمصلحة من؟
ماري‏:‏ إن الجهود الهادفة لتحقيق العدالة الدولية‏,‏ وتلك الرامية للحفاظ علي استقرار لبنان هي كلها جهود تتكامل‏.‏ أن تفلت جريمة بمثل هذه الجسامة ولها تداعيات سياسية قاسية للغاية علي لبنان من العقاب‏,‏ قد لا يكون أفضل طريقة لبعث رسالة سلام للبنانيين‏.‏ وأنا أعلم أن فرنسا ومصر متفقتان في هذا الموقف‏.‏ لدينا التزام ثابت لتحقيق العدالة الدولية‏,‏ ومنع إفلات الجرائم من العقاب‏,‏ وذلك من خلال مساعدتنا للعمل الذي تقوم بها المحكمة الخاصة بلبنان‏,‏ التي أنشأتها الأمم المتحدة والتي‏-‏ كما هو حال باقي المحاكم الجزائية الدولية‏-‏ تعمل بصورة مستقلة وحيادية‏,‏ اتساقا مع أعلي المعايير القانونية‏.‏ ويجب أن تتمكن هذه المحكمة من استكمال عملها من دون عوائق‏,‏ كما نري أنه علي كافة الأطراف في لبنان والمنطقة احترام استقلال هذه المحكمة ورفض استغلالها كأداة سياسية‏.‏ونحن نعمل بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية الفاعلة الرئيسية للمساهمة في حل الأزمة اللبنانية وتجنب مخاطر خروج الأمور عن نطاق السيطرة ميدانيا‏.‏ وتظل فرنسا في الأزمة الحالية متمسكة باحترام المبادئ الديمقراطية والإطار المؤسسي اللبناني كما هو محدد في اتفاقات الطائف‏.‏ وتذكر فرنسا بأهمية الحفاظ علي وحدة واستقرار وسيادة لبنان‏,‏ وضرورة منع العنف‏;‏ فالمخرج يجب أن يتم من خلال الحوار‏.‏
الأهرام‏:‏ فرنسا كانت ومازالت في مقدمة الجهود الدولية الساعية لاحتواء طموحات إيران النووية‏,‏ فكيف تستشرفون فرص الحل‏:‏ هل من خلال وسائل عسكرية أم اقتصادية؟
ماري‏:‏ نحن مقتنعون ومصممون علي أن تسوية تفاوضية للأزمة النووية الإيرانية قابلة للتحقيق‏,‏ بما يضمن عدم حصول إيران علي قدرة عسكرية نووية‏,‏ وألا تؤدي الأزمة في الوقت نفسه إلي تدخل عسكري ضد طهران‏.‏ نحن لا نريد أن نجد أنفسنا في يوم ما أمام بدائل وصفها رئيس الجمهورية بال‏'‏كارثية‏',‏ بين‏'‏ قنبلة إيران‏'‏ و‏'‏ضرب إيران‏'.‏ إن أفضل وسيلة لتجنب هذا الوضع هو إقناع الإيرانيين بالامتثال لالتزاماتهم الدولية الصادرة من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن‏.‏ وتحقيقا لهذا الهدف‏,‏ تحركنا دائما اتساقا مع المقاربة التي بلورتها مجموعة‏'‏ الدول الأوروبية الثلاث والتي تسير علي خط مزدوج يجمع بين الحوار والحزم‏.‏ الحزم معناه تعزيز الضغط الدولي من خلال العقوبات‏,‏ مثل ما حدث خلال الأشهر الأخيرة‏,‏ والتي نستشعر نتائجها‏.‏ ولكننا دائما ما أعلمنا السلطات الإيرانية باستعدادنا للحوار‏.‏ لقد قلنا دائما إن الإيرانيين لهم الحق في الحصول علي الطاقة النووية المدنية السلمية‏,‏ ولكن عليهم في الوقت نفسه التزامات في هذا المجال‏.‏ في هذه الذهنية‏,‏ نحن ننادي بصفة منتظمة إيران بتعزيز تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرد علي التساؤلات التي تطرحها الوكالة في تقاريرها من أجل القضاء علي قلق الأسرة الدولية بخصوص الغرض النهائي من البرنامج النووي الإيراني‏.‏ وفي هذا السياق‏,‏ تأتي إعادة إطلاق المحادثات بين إيران والدول الست بجنيف في شهر ديسمبر وعقد اجتماع في اسطنبول حاليا أخبارا سعيدة‏.‏
الأهرام‏:‏ مع الوضع في الاعتبار وجود اختلافات‏,‏ في رأيكم لماذا فشلت الانتفاضة الشعبية في إيران ونجحت في تونس مؤخرا؟ وهل تعتقدون بأن فرنسا أدارت المسألة التونسية بالشكل الأمثل؟
ماري‏:‏ لا يبدو لي ممكننا عمل مقارنة بين الاعتراضات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في‏12‏ يونيو‏2009‏ في إيران وتونس‏.‏ وهناك العديد من روابط الصداقة بين فرنسا والشعب التونسي‏,‏ وفي هذه الأيام الحاسمة في مستقبل تونس‏,‏ فإن فرنسا تقف بجانب الشعب التونسي‏.‏ نحن نقول بمنتهي الحسم أن تطلع التونسيين لمزيد من الديمقراطية ومزيد من الحرية لا يمكن الوصول إليه إلا إذا تم إجراء انتخابات حرة في أسرع وقت ممكن‏.‏ نحن نريد مساعدة شعب صديق بقدر استطاعتنا‏,‏ ولكن من دون التدخل في شئونه الخاصة‏.‏ إن المبادئ الثابتة لسياستنا الدولية هي بالفعل عدم التدخل في شئون الغير ومساندة الديمقراطية والحرية واحترام القانون‏.‏
الأهرام‏:‏ أتيحت لي فرصة لمناقشة قضايا عقدية مع بعض المثقفين الأوروبيين‏,‏ لكي يتضح وجود خلط كبير بين ما هو صناعة إلهية من كتب سماوية‏,‏ وبين ما هو صناعة بشرية متمثلا في الفقه‏,‏ وهو الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان لسوء فهم بين حضارتينا‏,‏ في رأيكم كيف يمكن تجسير هذه الهوة؟
ماري‏:‏ فلنتفق حول معني سؤالكم‏.‏ هل يكمن الأمر في تشخيص‏-‏ كما فعل ذلك البعض‏-‏ صراع بين الثقافات بأنه يمكن أن يكون محرك التاريخ في القرن ال‏21‏ ؟ اعتقد أنه لا يوجد شيء قد يكون أشد خطرا وخطأ من النفخ في جمر الأزمات التي يتعرض لها عالمنا بتقديمها وكأنها صراع بين حضارات غير قابلة للتوفيق فيما بينها‏,‏ وهو ما يعني في هذه الحالة‏-‏ تجاهل التواصل والمبادلات والاتصالات الثقافية والتجارية والإنسانية‏.‏ لم تكن هذه الأمور أبدا بمثل هذا الازدهار إلا في عصرنا الذي تسوده العولمة‏.‏ أليست هذه بحق هي قراءة العالم التي يسعي الإرهاب أن يفرضها علينا عندما يضرب في النيجر أو الإسكندرية؟ تتشاطر فرنسا ومصر حول هذه النقطة قناعة مشتركة تتبلور من خلال كل مبادراتنا علي الساحة الدولية‏,‏ سواء تحالف الحضارات أو المنظمة الدولية للفرنكفونية‏:‏ إن الحوار بين الثقافات يمثل أفضل حماية ضد عدم التسامح والراديكالية‏.‏
الأهرام‏:‏ الوجود العسكري الفرنسي في مصر في بداية القرن ال‏19‏ كان فريدا من حيث كونه كان الأقصر‏,‏ ولكنه كان الأكثر سخاء علميا وثقافيا‏,‏ ناهيكم عن العلاقات الخاصة التي أسفر عنها هذا الوجود بين البلدين‏.‏ كيف يمكن للدولتين تعظيم استثمار هذا التاريخ الثري علي كافة الأصعدة؟
ماري‏:‏ لقد اعتدنا عند تناول الخصوصية والعمق التاريخي في علاقاتنا الثنائية أن نستند إلي حقبة الجنرال بونابرت في مصر والروابط الوثيقة للغاية التي سادت بين بلدينا طوال القرن ال‏19,‏ وهو ما اعتمدت‏-‏ في جانب منه‏-‏ مصر في عمليات التحديث والتنمية‏.‏ وفي سياق مختلف تماما‏,‏ لا يقل التاريخ الحديث لعلاقاتنا الثنائية ثراء‏,‏ حيث يشكل الطابع المتميز للحوار السياسي بين بلدينا أساسا لعلاقة ثرية ومتوازنة‏.‏ وتشمل هذه العلاقة كل المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية‏.‏ ومن دون الخوض في تفاصيل كل ما يشكل العلاقات الفرنسية‏-‏المصرية‏,‏ يبدو لي من المهم التذكير هنا أن الرئيسين ساركوزي ومبارك كانا قد أعلنا عام‏2010‏ العام الفرنسي‏-‏المصري للعلوم والتكنولوجيا‏.‏ فبعد مرور ما يزيد علي القرنين من مجيء الجنرال بونابرت‏,‏ كان عام‏2010,‏ وفي مجالات كانت بعيدة تماما أحيانا عن علم الآثار‏,‏ شاهدا علي مبادلات قوية ومثمرة بين علماء فرنسيين ومصريين‏.‏ وستؤدي هذه الأنشطة قريبا إلي إنشاء هيئة مشتركة مكلفة بتحديد وتنفيذ مشروعات مشتركة لصالح بلدينا‏.‏ اعتقد أن هذه المبادرة تمثل خير دليل علي قدرة بلدينا علي تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستفادة من تاريخنا المشترك وأن نستعد سويا للمستقبل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.