صوت طلقات الرصاص مازال مسموعا ليلا.. الكثير من المحال تم نهبها.. القصور والفيلات التي يسكنها الأغنياء تم الاستيلاء علي معظم محتوياتها.. أما الشباب والجيش هناك فيعملان سويا داخل المدن والشوارع ايضا لإعادة الهدوء وحالة الاستقرار في البلاد ولكن بعضا من قوات الأمن الرئاسي والحرس الوطني الذي كان يحمي الرئيس المخلوع مازالت تقاوم التغيير وتقف في مواجهة الجيش والشعب كل ليلة. الأهرام التقت بعدد من المصريين والتونسيين وعدد من الجنسيات الأخري الذين وصلوا علي متن رحلتي طيران قامت بتسييرهما مصر للطيران والخطوط التونسية لنرصد شهاداتهم علي الأحداث الدامية في تونس التي لم يكن يتوقعها أحد ولكنها وقعت في ساعات لتتحول تونس الخضراء بين ليلة وضحاها إلي حالة من الفوضي والعنف في مواجهة نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.. لقد أصبحت رئيس تذرف الدموع. هل ما أكده العائدون من تونس.. يقول عصام المرجوش وهو أحد المصريين كان قد ذهب الي تونس في رحلة سياحية وله بعض الأقارب هناك : أنا من عشاق تونس بكل ما فيها من طبيعة رائعة وشعبها الطيب الذي لا يقبل في الوقت نفسه ان يحتقره أحد أو يتجاوز في حقه. الهجوم علي القصور وأضاف المهندس محمد سلامة الذي كان في زيارة لتونس: تطورت الأحداث بشكل أسرع مما يتخيله أحد وأصبحت في حالة من العشوائية علي كل المستويات وانتشرت السرقات في المحال ومنازل الأغنياء وقصورهم وفيلاتهم, وهكذا تعرضت تونس للأسف الشديد إلي عمليات سطو ونهب واحترقت الكثير من البيوت التي اضطر أصحابها إلي بناء حوائط أمامها حتي لاتظهر معالمها أمام راغبي السرقة. وكان النصيب الاكبر لعمليات السطو موجها ضد عائلة الطرابلسي التي تنتمي إليهم زوجة الرئيس التونسي المخلوع ليلي الطرابلسي انتقاما مما فعلوه داخل البلاد خلال السنوات الماضية. دوي الرصاص ليلا ويقول رشاد عطعوط وهو مصري يعمل ابنه في تونس وكان في زيارة له ورفض ابنه ان يعود معه رغم هذه الأحداث: حتي يوم مغادرتنا تونس ونحن نسمع دوي طلقات الرصاص في الشوارع ليلا, والكثير منا لايعرف مصدرها, لكن الاخبار المتواردة إلينا ان هناك مواجهات تحدث كل ليلة بين قوات الجيش التونسي الوطني ومعه الآلاف من الشباب الذين يحبون بلدهم في مواجهة فلول قوات الأمن الرئاسي التي مازالت موالية للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.. أما في النهار فالأمور تكون هادئة رغم أن الكثير من المحال تكون مغلقة وغير مهيأة للعمل بعد أعمال الحرق والنهب التي تعرضت لها في الايام الاولي. معاملة خاصة للمصريين أما عن معاملة المصريين هناك من الأشقاء التوانسة فقد أجمع كل القادمين علي أنها طيبة للغاية فيقول عصام المرجوش: كنا أربعة مصريين داخل سيارة أجرة ونسير بها داخل العاصمة التونسية وفجأة خرج علينا مجموعة من الاشخاص ليحصلوا علي المتعلقات والنقود التي كانت معنا ولكن عندما عرفناهم أننا مصريون دعونا نمر بسلام ولكنهم أكدوا علينا عدم ركوب مثل هذا النوع من سيارات الأجرة التي قام الرئيس المخلوع بإطلاق المئات منها منذ اليوم الأول للتظاهر ضده لكي يركبها من يهتف له ويطالب بالإبقاء عليه..!! ولا انسي انهم ألقوا علينا التحية قبل أن يتركونا نسير..! عالقون داخل المطار أما الوضع في المطار وحوله فلم يكن الامر يختلف كثيرا, فيقول محمد أنور نور, العائد من هناك: لقد بقينا ثلاثة أيام داخل المطار الذي انتشرت حوله الفوضي وعربات الشرطة وقوات الجيش في انتظار أي رحلة طيران تتنتشلنا من داخل المطار وكنا علي اتصال دائم برئيس الجالية المصرية في تونس مصطفي منصور, الذي قام بمجهود كبير للغاية مع السفير المصري هناك لنقلنا من المطار بتونس وإجراء الاتصالات اللازمة مع شركة مصر للطيران ورئيسها المهندس حسين مسعود الذي فوجئنا بأنه كان في انتظارنا بمطار القاهرة, وهو أمر يحسب له وللسفارة المصرية في تونس ولكن كان بودنا أن تكرر مصر للطيران رحلتها الي تونس ان كان يمكنها ذلك. تونس ستعود أفضل مصري آخر كان في زيارة لزوجته التونسية وابنه المقيمين هناك وقد بدت عليهما حالة من الحزن الشديد رفض ذكر اسمه وقال: المشهد من بدايته حتي الآن كان صعبا للغاية ومفاجئا للجميع حتي إن زوجتي التي كانت تحب أن تبقي بتونس بلدها وأذهب أنا إليها لاضطراري للبقاء في القاهرة بسبب عملي جاءت معي هذه المرة, وداخلها يرفض ما يحدث الآن في تونس التي شهدت خلال الايام الماضية حالة من الرعب والفوضي لم تشهدها منذ جلاء الاحتلال عنها, ولكنها أكدت ان بلادها ستعود أفضل مما كانت. لأن الشعب التونسي قادر بتاريخه وقدراته علي تجاوز الأمر بسرعة والعودة مرة أخري الي حالة الاستقرار ولكن بعد فرض إرادته التي سيحققها كما يريد. انتفاضة حقيقية إبراهيم زغلول أحد المصريين العائدين من تونس قال: كنت في زيارة لبعض اصدقائي هناك منذ15 يوما وقد لمست عقب نزولي الي العاصمة التونسية أن هناك حالة من الغليان بين أفراد الشعب.. ويضيف أن ما حدث هناك لم يكن وليد اللحظة وتوقعته عقب وصولي وما حدث هو انتفاضة ولكنها تحولت الي فوضي تحتاج الي وقوف ابناء الشعب التونسي صفا واحدا لتجاوزها والعودة الي المناخ الهاديء الجاد للنهوض بالبلد مرة اخري. مصريون لم يفكروا في العودة! من ناحية يؤكد مصطفي شوقي مصري يعمل بتونس أن الشعب التونسي شعب مسالم للغاية ومنظم وان ما حدث يجب ألا يعطي انطباعا غير ذلك, وهو شعب يحب المصريين للغاية ولذلك فإن معظم المصريين الذين يعملون بتونس لم يفكروا في العودة وهم في انتظار هدوء الأحوال هناك وعودة الأمور الي طبيعتها.. استغاثة وعودة الي بلد الأمن والأمان ويقول محمد أنور أحد العائدين من تونس: نعم كانت الظروف هناك في غاية الصعوبة فما ان نجحنا في الخروج من البلاد الي المطار للسفر حتي اضطررنا للانتظار هناك وبقينا عالقين داخل المطار حتي نجحنا في الوصول للمهندس حسين مسعود رئيس الشركة القابضة وارسلنا له رسالة علي هاتفه نستنجد بشركتنا الوطنية التي استجابت لنا وقامت بإرسال رحلة خاصة لنقلنا رغم انها وعبر الأيام الماضية لم ترسل أية رحلات الي تونس. ويضيف: الحمد لله اننا عدنا الي مصر بلد الأمن والأمان في أقرب وقت, وهي اللحظة التي أخذنا نحلم بها وسط مانراه من طلقات الرصاص والحرق والنهب, ونتمني لشعب تونس الشقيق تجاوز كل هذه الظروف الصعبة علي خير.