ضربة قوية للإرهاب في ليلة الميلاد.. استطاع حادث كنيسة القديسين ان يفعل ما فشلنا فيه سنوات.. أعادنا إلي أنفسنا, وبدأت تتواري كلمة أنا وحلت محلها كلمة نحن.. نحن المصريون.. وضعنا يدنا علي قلوبنا الجريحة وانتفضنا لإنقاذ مصرنا, وشكلنا جميعا درعا واقيا لمواجهة الإرهاب الذي يريد النيل من أمننا وسلامتنا, يريد أن يغتال ابتسامتنا وإيماننا بالله ومن كل حاجة حلوة في حياتنا.. هذا ما أبرزته الفضائيات التي أبكاها فداحة الحادث, فعزفت سميفونية رائعة أبرزت حالة حب كانت غائبة أو قل كانت كامنة, وكأننا كنا بخلاء علي أنفسنا لنصرح بما نحمله لبعضنا من مشاعر فياضة امتزجت فيها الوطنية بالإنسانية بالحب لبعضنا ولمصرنا.. أكدت الفضائيات المصرية بمختلف انتماءتها أنه رغم فداحة حادث كنيسة القديسين والجرح العميق في قلب كل مصري, استطاع أن يلملم شمل المصريين, كأن المصريون الذين استشهدوا في حادث كنيسة القديسين, دفعوا حياتهم ثمنا من أجل أن نستيقظ مما نحن فيه من أفكار وأهداف مشتتة, عدنا ثانيا لبعضنا, وعلت الكلمة التي أموت فيها حبا مصر لكل المصريين, هي نفس الصورة التي عاصرناها عندما اكتوينا بهزيمة67 وأيقظتنا من وهم كنا نعيشه, وسارعنا نلملم نفسنا كل المصريين فكان نصر73.. ثم غابت هذه الروح البناءة ولكنها أطلت علينا هذه الأيام, علينا أن نتمسك بها وألا نفرط فيها, هذا ما أكدته الفضائيات وضيوفها بمختلف الطوائف والميول السياسية وبرزت دعوة التخلص من بعض الكلمات التي تجسد الأمراض التي أصابت مجتمعنا في الفترة الأخيرة وتعمل علي انفراط العقد المصري مثل: انت مش عارف أنا مين التي تعد إهانة للمواطنة, أو معك قرش تساوي قرش, فأصبح للمال سيطرة مخيفة تتبعها بالضرورة غياب العدالة الاجتماعية في نواح كثيرة من حياتنا, أما أخطر ما نواجهه هو ازدراء الأديان, وعلينا تفعيل القانون الخاص به لنحيي كلمة الدين لله والوطن للجميع, والتي تجسد في إبراز عناق الهلال والصليب واتخذته قنوات دريم شعارا لها طوال الأسبوع الماضي, ووضعه شباب مصر علي صدر صفحاتهم بالفيس بوك, ثم هذه الشمعة المضيئة التي أنارتها قنوات الحياة علي شاشتها لتبث ضوءها علي مدار اليوم مع كتابة أسماء شهداء حادث كنيسة القديسين, وعبارة انتم في قلوبنا دائما, لن ننساكم. أنس الفقي وزير الإعلام.. تعامل مع الحدث بحرفية عالية, بقراءته مشاعر المصريين جميعا عندما جمع كل مقدمي برامج التوك شو في ليلة ميلاد المسيح في ساحة الكاتدرائية المرقسية, كانت بحق ليلة المصريون, ليلة ساحرة فاضت فيها مشاعر الحب, أشعرونا فيها مقدمو التوك شو بالحميمية مع كلماتهم التي لم تكن تحتاج إلي إعداد وسكريبت كما هي العادة, فهم وضيوفهم المصريون يتحاورون بطبيعتهم وتلقائيتهم في ظل العلم المصري والتغني باسم مصر والمصريين, كان التصوير الخارجي والديكور والإخراج واختيار المكان رائعا, والمذيعون والمذيعات بكامل لياقتهم الذهنية, وتحدث الضيوف بعفوية فخرجت ليلة جميلة.. وزاد الصورة حيوية بأداء هذا الفريق الذي كان يطل علينا في الفواصل, بقيادة الفنان انتصار عبدالفتاح من قلب حي الحسين والأزهر قصر ثقافة الغوري وامتزجت الأناشيد والموسيقي بالألحان الوطنية والتراتيل والتواشيح التي توجت بكلمة الله أكبر وأجراس الكنائس ومصر التي في خاطري أحبها بكل روحي ودمي. كلمات علي الشاشة.. توقفت عندها وقد اختلطت فيها كل ألوان المشاعر: {{ عبدالناصر والبابا كيرلس: جمعت بينهما صداقة حميمة, قام البابا بزيارة ناصر في بيته, دخل عليهما أولاد الرئيس عبدالناصر ممسكين حصالة يدخرون فيها قروشا تبقت من مصروفهم الخاص, وقال جمال أنا علمت أولادي, أن التبرع للكنيسة هو تبرع للجامع, فأخرج البابا كيرلس منديلا واخذ التبرع من أطفال عبدالناصر, للمساهمة في بناء الكاتدرائية. {{ د.أمنة نصير: أحذر من عودة حالة الاسترخاء والإلهاء.. أخشي ما أخشاه علي مصر من حالة الإلهاء, حنا ومحمد ودميانة وزينب, قلقانة عليهم كلهم. {{ عادل حمودة: من الخطأ الشديد أن تلدغ من نفس الجحر10 مرات. {{ الموسيقار عمار الشريعي: الحمد لله الشعب المصري فاق وكلنا علي قلب واحد, القنبلة كأنها انفجرت في أنا.. الشهداء هم في خير.. الجرح بيوجع المسلم والمسيحي.. هناك مشاكل ينبغي حلها. {{ يسرا: طاقة الحزن تحولت إلي طاقة ايجابية. {{ عادل إمام: بكيت, وأحسست أن مراتي عايزة تنزل الشارع وتحضن أي مسيحي. {{ فكري نجيب ناشد.. الذي تعتصره الآلام لفقد ابنتيه وزوجته وشقيقتها: أنا مؤمن, علمنا الإنجيل أن نجاهد في الحياة من أجل هذه اللحظة.. لحظة الاستشهاد.. كان صديقي في الجامعة مسلم ملتحيا, وبسبب صعوبات الحياة, كنا نشتري معا كتابا واحد, ونقسمه نصفين, ونتبادل النصفين الآخرين فيما بعد.. هكذا كانت حياتنا.. شخص واحد.. علي الأزهر أن يعيد النظر في الخطاب الديني لبعض المساجد.. لا أتمني أن يكون أحدا في موقفي, أن يفقد أسرته في لحظة. ولد الحب يوم ولد عيسي.. قالها امير الشعراء أحمد شوقي, استعان بها البابا شنودة في كلمته ليلة الميلاد, كانت كلمته رسالة الحب التي أوصانا بها السيد المسيح, بينما اتشحت الكاتدرائية من الداخل بالسواد, وجمعت فئات مختلفة من طوائف الشعب, سياسيون وفنانون وأدباء ومختلف الحرف.. مصر كلها داخل الكاتدرائية, لا تعرف من يعزي من, الجرح أصاب الجميع.. إنها ليلة مصرية تحولت إلي سيمفونية حب.. وأبرزت الفضائيات في هذه الليلة وحدة(80 مليون مصري) فكانت ضربة قوية لخفافيش الظلام من الإرهابيين.. ولهم نقول من القرآن والإنجيل: انتم قصدتم لي شرا والرب قصد لي خيرا.. عسي أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم.. إذا كان الله معي فمن علي؟!.. إن مع العسر يسرا.. المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة.