بعد قرابة عشر سنوات علي هجمات الحادي عشر من سبتمبر, مازالت الولاياتالمتحدة تحاول رسم صورة للإرهاب العابر للحدود بعد أن وصل تنظيم القاعدة إلي أراضيها . وأنهي الإستثناء الأمريكي- الحصانة من التهديد الخارجي بحكم الموقع الجغرافي والقوة العسكرية. في هدا الخصوص ليس من اليسير تقييم التجربة الأمريكية في تعقب الإرهاب الخارجي والخلايا النائمة التي تنمو محليا سواء علي مستوي التطرف الديني أو التطرف العنصري الأبيض الذي يري أمريكا دولة يجري اختطافها من قبل المهاجرين وتتهددها السياسات الليبرالية التي يمثلها اليوم الرئيس الأمريكي نفسه. وبصورة عامة, يحاول الداخل الأمريكي إضافة رصيد من الخبرات إلي ما يستجد من حوادث لمنع عمليات إرهابية كبري علي غرار هجمات سبتمبر الشهيرة مثلما حدث العام الماضي في قلب ميدان تايم سكوير في نيويورك حيث دق جرس إنذار جديد من نمو إرهاب محلي الصنع من حملة أفكار متطرفة لتنظيم القاعدة لأمريكيين يمارسون حياتهم العادية وهم يخططون لعمليات مدمرة ولم يكشف العملية إلا محارب سابق في حرب فيتنام يعمل بائعا متجولا في الميدان الشهير وهو صاحب التعبير الأكثر تداولا علي ألسنة الأمريكيين اليوم عندما يتصل الأمر بالتحوط من خطر الإرهاب عندما قال أرأيت شيئا..قل شيئا وهي العبارة التي صدمت الأمريكيين في أجهزتهم الأمنية التي لم تتمكن من رصد المنفد رغم زيارته لباكستان عدة مرات في السنوات الأخيرة. وفي تفسير نمو الخلايا المتطرفة الداخلية, هناك مؤشرات عدة منها احباطات الحرب في العراق وافغانستان والشعور بالملاحقة للأقليات في المجتمع الأمريكي خشية وقوع هجمات جديدة والازمة المالية التي تفاعلت مع عوامل أخري لدي بعض الأفراد لتقدم تراكيب نفسية غير مألوفة. الرأي العام الأمريكي صار اليوم أكثر دراية بدوره في مساندة جهود مقاومة الإرهاب الداخلي من منطلق الحرص علي سلامة الداخل دون التمادي في تبني نظريات المؤامرة في التعامل مع الجالية الإسلامية وهو خيط رفيع جدا لا تقدر عليه سوي المجتمعات الناضجة فكريا وثقافيا وسياسيا رغم شوائب الصورة الحالية التي يمثلها صعود تيار يميني رافض لتوطين مزيد من المهاجرين من ثقافات أخري بخلاف الثقافة الأنجلو-سكسون وهو تيار بارز في وسائل الإعلام ويصنع اخبارا مثيرة, ولكنه لا يملك عمقا في الشارع الأمريكي. وفي الشأن الأمريكي أيضا, يمكن النظر إلي الشخصية التي ساهمت في تسريب وثائق الدبلوماسية الأمريكية من الشبكة السرية بعين الإحباطات التي تؤدي إلي تبني منهج غير مألوف وإن لم يكن الضابط المشارك في تسريب الوثائق إلي ويكيليكس قد تبني أسلوبا عنيفا ولكنها السياسة الخارجية الأمريكية والاستخدام المفرط للقوة العسكرية التي دفعته إلي فضح سياسات بعينها لوقف التطرف في السياسات لمواجهة تطرف خارجي غير محدد المعالم. وفي مواجهة مخاطر متزايدة أيضا, يبرز دور الأخ الأكبر وهو الأجهزة الأمنية الأمريكية التي تجمع معلومات غير مسبوقة عن المواطنين تثير اليوم حساسيات في مجتمع ديمقراطي لم يتعود علي الأمر وينظر إلي التخلي عن الخصوصية حتي لو كانت لإعتبارات الأمن القومي علي أنها يمكن ان تكون مقدمة لظهور ديكتاتوريات في الغرب تحت ذريعة محاربة الإرهاب خاصة أن الحرب ضد قوي الظلام عالميا طويلة وممتدة لسنوات وعقود قادمة. ومن منطلق الحرص علي الصالح العام والتوازن في مراعاة الخصوصية, يعمد الكونجرس إلي إدارة حوار متصل لتبين الخطوط الرفيعة في تلك الحرب التي باتت قدرا وامتحانا لتماسك المجتمعات في الشرق والغرب!