بعد غد الأحد يواجه السودانيون في الشمال والجنوب لحظة الحقيقة عندما يتوجه سكان الجنوب للإدلاء بأصواتهم في استفتاء تحديد المصير الذي يعد الحدث الأهم عالميا في العام الجديد حتي الآن. وإذا كانت كل المؤشرات تشير إلي أن النتيجة ستكون التصويت لمصلحة الانفصال, وقيام دولة جنوب السودان, فإن المؤشرات أيضا تظهر أن الأمور ستتم بشكل هادئ دون كوارث أو مآسي كما توقع كثيرون. وخلال الأيام القليلة الماضية, نجحت التحركات الإقليمية والسودانية في تهدئة الأجواء, ودعوة جميع الأطراف إلي الهدوء حتي ينتهي يوم الاستفتاء بسلام وهدوء. وقبل أيام زار الرئيس حسني مبارك والأخ معمر القذافي قائد الثورة الليبية السودان, والتقيا مع الرئيس السوداني عمر البشير, ونائبه زعيم الجنوب سيلفا كير, ثم زار البشير يوم الثلاثاء الماضي مدينة جوبا عاصمة الجنوب, مؤكدا التزام حكومته بنتيجة الاستفتاء أيا كانت وتعهده بالحفاظ علي ممتلكات المواطنين الجنوبيين في الشمال, وكذلك التعاون بين شمال السودان, وجنوبه في حالة انفصاله. إن هذه التحركات من شأنها إشاعة جو من الطمأنينة وتهدئة الخواطر ومنع أي طرف من استغلال الموقف لأحداث فوضي أو عنف. والمطلوب أن تستمر مبادرات حسن النية من الجانبين أي في الشمال والجنوب حتي إجراء الاستفتاء وبعد إعلان النتيجة إلي أن يتم التنفيذ علي الأرض بعد6 أشهر. ومن الضروري أن يثبت القادة السودانيون شمالا وجنوبا أنهم علي مستوي التوقعات, وأنهم قادرون علي الخروج بالبلاد سالمة مستقرة. كما أن من الضروري أن يساند قادة المنطقة الأشقاء في السودان علي إتمام الاستفتاء والتعامل مع تداعياته ونتائجه بشكل حضاري, وألا يتركوا السودان وحيدا. وإذا كانت العديد من مراكز الأبحاث والمؤسسات في العالم توقعت سيناريوهات كارثية للوضع في السودان عند وبعد الاستفتاء, فإن قادة ومواطني هذا البلد قادرون علي اثبات كذب هذه التوقعات وتهافتها بل وفشلها.