جميع المؤشرات تشير إلي أن الجولة الثانية عشرة لجورج ميتشيل المبعوث الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط لم تكن مثمرة مثلها مثل الجولات السابقة. فبرغم اللقاءات المكوكية بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلا أن الطرفين استمرا في تبادل الاتهامات وتقديم الشروط المسبقة بحيث أصبح استئناف مفاوضات السلام التي توقفت في ديسمبر2009 مستحيلة. وعندما ذكر ميتشيل صعوبات مهمته فلقد كان متأثرا بآراء الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي اعترف مؤخرا بفشل ادارته ازاء معالجة عملية السلام الاسرائيلية- الفلسطينية, فلقد قال أوباما بالتحديد اذا كنا قد عجلنا وعالجنا مبكرا بعض هذه المشاكل السياسية من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني كنا سوف نتفادي الانتظار الطويل. ويري المراقبون أن المبعوث الأمريكي ميتشيل لم يفهم علي الفور بأن الوقف الجزئي للاستيطان في الضفة الغربية والذي وافق عليه نيتانياهو لم يكن كافيا بالنسبة للفلسطينيين كما أعلن.. هذا ليس معناه ان واشنطن سوف توقف مساعيها الدبلوماسية لاقرار السلام في المنطقة.. وانما بعد سنة من اعلان الرئيس أوباما بأن حل الصراع في مصلحة الولاياتالمتحدة الاستراتيجية, فيبدو أن الهدف يبعد بعدا كبيرا, ذلك لأن خسارة المصدقية التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي ازاء الفلسطينيين والاسرائيليين بحجم الآمال التي كان قد أولدها أوباما النجم الدولي الساطع, ومن ناحية أخري فان رئيس البيت الأبيض يمتلك حرية مناورة محدودة عقب هزيمة الأغلبية المؤهلة بمجلس الشيوخ. ومنذ تنصيبه رئيسا للجمهورية ودخوله في البيت الأبيض منذ سنة فالرئيس أوباما لم يقدم علي أي مبادرة لحث نيتانياهو علي تقديم التنازلات او حتي الحلول الوسطي. ولقد رفضت واشنطن تخفيض مساعدتها لاسرائيل وعندما لوح ميتشيل بتعليق ضمانات الولاياتالمتحدة المالية لاسرائيل, فلقد أسرع البيت الأبيض في التكذيب. ولاشك أن التطورات السياسية في الولايات, وتدهور الموقف في أفغانستان وانشغال الادارة الامريكية بقضايا أخري يبشر بعدم تغير موقف الولاياتالمتحدة ازاء اسرائيل وهذا ما يعلمه جيدا نيتانياهو. ألم يعلن رئيس وزراء اسرائيل مؤخرا خلال زيارته لبعض المستوطنات ان هذه المساحات من أراضي الضفة الغربية تشكل جزءا لا يتجزأ من اسرائيل أبديا, كما أشار مؤخرا أن الدولة اليهودية سوف تحافظ علي وجود عسكري في وادي نهر الأردن.. ان هذا التأكيد المزدوج ليس مفاجأة في حد ذاته, وانما سوء اختيار التوقيت جاء كتحد اضافي للفلسطينيين. ان فشل الوساطة الامريكية سوف يسهم في تطويل لمدة غير محددة الوضع الراهن في الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني, والذي لايري فيه نيتانياهو إلا مصالح لإسرائيل. واذا كان الهدوء يستمر في الضفة الغربية فهذا يعود مؤكدا للنمو الاقتصادي والادارة الجيدة التي يمارسها رئيس الوزراء الفلسطيني صائب سلام فياض والتي تستكملها استراتيجية السلام الاقتصادي التي تمارسها حكومة اسرائيل وفقا للمراقبين والمحللين, وفي غزة فان حماس ليست مستعجلة علي وقف الهدنة التي فرضتها علي نفسها لاعادة تكوين قواتها. واذن فان السلام( يلمع مثل قشة التبن في الأسطبل) كما يقول الفرنسيون لأن رئيس الوزراء الاسرائيلي علي ثقة بأن الادارة الامريكية تغمض عيونها وتتجاهل الأمر وانه يستطع أن يستأنف سياسة استيطان تعتمد علي الوضع الراهن وتطيح ببنيان الدولة الفلسطينية المقبلة الذي أصبحت مشروع طوبوي بسبب العجز العربي.