أكاد أجزم بأنكم ما أفردتم تلك المساحة لرسالة ألعاب الحب في صفحتكم الغراء إلا بدافع التنبيه والتحذير لكل أسرة تغافلت أو تهاونت في متابعة أبنائها في ظل معترك الحياة وموجها المتلاطم وانصراف كل فرد إلي حال سبيله باحثا عن لقمة عيشه.. وصدق من قال: من حذرك كمن بشرك, فلا يمكن لعاقل أن يترك النيران بجوار البارود وينتظر السلامة, وإلي جانب الرسالة الضمنية التي حوتها ألعاب الحب والموجهة إلي كل ولي أمر فهناك العديد من النقاط والمفاهيم تحتاج إلي أن يماط عنها اللثام. لاشك أن الحب غريزة فطرية وهو شعور نبيل وسام ولا حرج فيه طالما أن الغرض شرعي وشريف فلقد كانت للسيدة عائشة في قلب الرسول الاكرم مكانة خاصة تميزها عن سائر نسائه الطاهرات وكان الرسول يلتمس من الله العذر في ذلك قائلا: اللهم إن هذا قسمي فيما املك فلا تؤاخذني فيما لا أملك, والإمام ابن حزم ألف كتابا بديعا في عاطفة الحب وأحوال القلوب بعنوان طوق الحمامة فالحب يضفي البهجة والسكينة في النفوس ويشيع الأمل والبهجة في القلوب, لكن علي الإنسان ألا ينجرف وراء العاطفة فقط. بل يحكم العقل وإن كان ذلك صعبا ويحتاج إلي مجاهدة للهوي..اجدادنا وآباؤنا تزوجوا زواجا تقليديا.. يقول أحد الظرفاء مازحا بالطبع إن الزوج لم يكن يسمح له بمشاهدة زوجته إلا بعد أن تنجب طفلها الثاني؟! وكان في غالبيته زواجا موفقا.. اتسم بالاحترام المتبادل والهدف المشترك عشان خاطر العيال ومازالت تتردد في آذان الكثيرين منا تلك العبارة الشجية والمؤثرة من آبائنا وامهاتنا عندما كان يبادر بها كل منهما الآخر: يجعل يومي قبل يومك. ونادرا ما كان تقع حوادث طلاق, وان وقع فكان يتم باحسان, أما الآن فيقال إن نسبة الطلاق وصلت إلي نحو40% برغم أن معظم تلك الزيجات انعقدت عن طريق الحب إياه الذي انقلب بين عشية وضحاها إلي عداوة وكيد وانتقام.. فالحب وحده لا يكفي برغم أنه غذاء للقلب والروح والوجدان.. واحسب أن الشعراء الذين الهبوا مشاعر العاشقين بالغزل والعشق واصبحت قصصهم تروي للاجيال من بعدهم احسب ان هؤلاء كانوا سيعيدون النظر في كثير مما قالوا لو قدر أنهم تزوجوا بمن هاموا بهن! لكن أحدا منهم لم يتزوج بمن أحب وهام وقرض الشعر فيه! فكما يقول المثل الانجليزي البعد يزيد القلب ولوعا. ذكرني صاحب تلك الرسالة بذلك القاتل الذي ذهب يستفتي العلماء في حكم دم البرغوث وامكان ان يكون سببا في نقض الوضوء, فهو حريص علي توخي الحكم الشرعي في ابسط الأمور تمسكا بتعاليم دينه لأنه يخشي يوم المعاد وسوء الحساب.. فصاحبنا هذا فعل ما تشيب له الولدان.. لكنه يرشدنا إلي حديث الرسول الاكرم لا يخطب أحدكم علي خطبة أخيه فجزي الله سماحته عنا خير الجزاء! أحسب أن تلك الفتاة رفضت الارتباط به هروبا من ذلك الماضي البغيض وتلك الذكريات السوداء التي تنازعها فيها كئوس الهوي والضلال فأثرت تلك الفتاة أن ترتبط برجل ينظر إليها نظرة نقية وأن تحيا معه حياة جديدة لا يلوثها ولا ينغصها تذكير بما كان أو معايرة بما ولي أو اذلال بما وقع في لحظات كان فيها الشيطان هو الآمر الناهي.. وأركن إلي هذا التفسير عندما أجد هذا الرفض الصريح والعنيد من قبل تلك الفتاة لهذا الشاب الذي ارتدي فجأة مسوح الرهبان والنساك وتقمص دور الواعظين! لم يكن من الدين ولا من المنطق ألا تخرج المرأة من بيتها إلا مرتين: يوم عرسها.. ويوم وفاتها..! كما أنه ليس من الدين ولا من الحكمة ايضا ان يترك الحبل علي الغارب للفتي والفتاة دون وضع ضوابط وقيود تحكم العلاقة بينهما, خاصة في تلك المرحلة الخطيرة في عمر الإنسان التي يختلط فيها الخيال بالمغامرة مع فوران في العواطف وجموح للشهوات.. ورحم الله اياما كان علي المتقدم لخطبة فتاة ان يجيب عن هذا السؤال الاجباري: أنت شفت بنتي فين؟! يبقي في النهاية أن انقل لحضراتكم تلكم الرسالة التي حملتني إياها الفضيلة وألحت في أن ألقيها علي أسماعكم: مررت علي الفضيلة وهي تبكي.. فقلت علام تنتحب الفتاة؟ فقال: كيف لا أبكي وأهلي.. جميعا دون خلق الله ماتوا..؟! رضا نبيه شربين دقهلية wit,@yahoo.com