ربما لم يحدث في تاريخ الشرق الأوسط أن مر عليه سياسي مثل وزير الخارجية اليميني الاسرائيلي افيجدور ليبرمان فهذا الرجل يستحق الاحترام والكراهية في ان واحد. يستحق الكراهية لأنه عنصري متغطرس يتميز بالعدوانية والجهل بالتاريخ والجغرافيا ويستحق الاحترام رغم ذلك لأنه استطاع كسياسي أن يتغلب علي كافة الضغوط التي تعرض لها وأن يبقي في منصبه الذي توقع البعض الا يستمر فيه اكثر من اسابيع قليلة والأدهي من ذلك أنه نجح بلسانه السليط وحزبه الصغير في تنفيذ كافة مخططانه السياسية علي المستويين المحلي والدولي. فعندما انطلقت العملية السلمية مجددا في بداية عام2010 تحت رعاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما شخصيا وبمشاركة وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ومبعوثه الخاص جورج ميتشيل تعهد ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا بمنع أي تمديد لقرار التجميد الجزئي للاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة والذي كان يمتد لعشرة شهور وينتهي العمل به في26 سبتمبر وهو ماحدث بالفعل حيث اضاع الرجل الوقت وبعدها نفذ تعهداته بعدم تمديد التجميد. ونجح ليبرمان في احباط أي محاولة للدخول في محادثات سلام جادة ومثمرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة رغم أنه لم يشارك فيها هو شخصيا بسبب علاقته السيئة بواشنطن ولكن شروطه ومنها عدم وقف الاستيطان وضرورة الاعتراف بيهودية اسرائيل وعدم تقديم تنازلات في القضايا الجوهرية مثل القدس والأمن والحدود أفشلت المفاوضات في النهاية. وعندما قال ليبرمان إن علي أوروبا أن تحل مشكلاتها أولا وزاد عن ذلك بالقول: إن أوروبا تخلت عام1938 عن حليفتها تشيكوسلوفاكيا من أجل استرضاء الزعيم النازي أدولف هتلر, وإسرائيل لن تكون تشيكوسلوفاكيا نسخة عام..2010 إسرائيل ستدافع عن مصالحها الحيوية'' تصور البعض أن الرجل انتهي وان أوروبا وجدت السكين الذي ستذبحه به فوجيء العالم بأن الأزمة مرت مرور الكرام فقد اعتذر الرجل ولكن بعد أن بعث برسالته للأوروبيين بأن يبقوا بعيدين لتنفرد إسرائيل بأمريكا التي تعرف كيف تتعامل معها. وداخليا نجح ليبرمان في تمرير قانون الولاء لاسرائيل المثير للجدل الذي اقترحه ضمن برنامجه حول يهودية الدولة وتطهيرها من العرب وقيادتهم السياسية الوطنية. وجاءت موافقة الكنيست علي هذا القانون الذي يمهد للتخلص من أكبر قدر من المواطنين العرب ضمن خطة متكاملة لحل الصراع منها تبادل الأراضي والسكان بين الدولة الإسرائيلية والدولة الفلسطينية, بحيث يضم سكان منطقة المثلث المحاذية للضفة الغربية ويسكنها نحو200 ألف عربي, مقابل المستوطنات. ومنها تقليص حملة الجنسية الإسرائيلية من هؤلاء المواطنين. وكما قال أحمد الطيبي العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي, فإن هذا المشروع جاء ليعزز دونية مكانة العرب في إسرائيل, ونتنياهو وحكومته يقلصان ويخنقان ويضيقان فسحة الممارسة الديمقراطية في البلاد, ويزيدان إقصاء الأقلية العربية وتهميشها والتمييز ضدها. وقال: لا شك في أن الليبرمانية( نسبة للوزير ليبرمان) أصبحت تملي هذه السياسة العنصرية التي تنتهجها الحكومة. يذكر ان التعديل ينص علي الزام اي شخص يريد الحصول علي الجنسية الاسرائيلية باعلان ولائه لاسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وآخر نجاحات العنصري ليبرمان تمثلت في موافقة الكنيست علي اقتراح بأنه في حالة التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينين يتضمن انسحابا ولو محدودا من القدس يجب طرحه في استفتاء شعبي وبالتالي اطلاق يد اليمين الاسرائيلي في إفشاله سواء كان في الكنيست أو خارجه وهو مايعني أن ليبرمان ضمن التحكم في عملية السلام حتي ولو كان بعيدا عن السلطة وبالتالي فإن وزير الخارجية اليميني أصبح بجدارة عدو السلام.