هذا الأسبوع شاهدت لك مسرحية لمسرح الهناجر ولكن ليس علي خشبة مركزه الذي لايزال تحت الانشاء ولكن كان العرض علي مسرح الهوسابير. الذي استأجرته د.هدي وصفي مديرة مركز الهناجر لتقدم هذا العرض عليه حيث وجدت انها تخشي من أن تنتظر طويلا قبل انتهاء بناء مركز الهناجر الذي أرجو من جانبي ان يكون افتتاحه قد اقترب. المهم انها قدمت هذا العرض بلاد أضيق من الحب للكاتب السوري الكبير سعد الله ونوس الذي قدمت له علي مسرح الهناجر أكثر من عمل, وهو كاتب يستحق الاهتمام بأعماله لأنه من جيل كبار كتاب المسرح العرب. هذا العرض هو آخر مسرحية كتبها بل يقال انه كتبها وهو مريض بما يمكن ان نسميه مرض الموت ذلك المرض العضال الذي غالبا ما ينتهي الي الوفاة. يناقش في هذه المسرحية أو هذا النص مأساة جيله الذي يحلم بالثورة والأماني الكبيرة والمشاريع العظيمة وعلاقة هذا الجيل مع جيل الشباب أو جيل المستقبل. هو أي جيله يحمل اسم آدم وهي الشابة تحمل اسم إيفا, ويمضي النص خلال رحلتهما في ليل طويل ينتظر كي يصل النهار أو الضوء. إن هذه البلاد أضيق من ان تقبل التقاء حبيبين أو تواصل جيلين ولكن برغم هذا يجتمعان في لقاء عله يتحد النهار الذي يحمل المستقبل. إننا أمام ليل طويل.. ليل طويل ويحمل بعضا من الفرح والكثير من الضيق بالحب والحرية والأحلام. تنهي ايفا الشابة رحلته معها تركته لمرضه واحباطاته وانهزاماته.. تركته وهي تحبه واكتفت بحلمها بعودته وانتظاره ربما في زمن آخر. إنها قصيدة يري فيها عبدالله ونوس جيله وجيل المستقبل الذي ضاع منه الحلم. هي بالفعل قصيدة درامية هو يملك التجارب والأحلام الضائعة التي اصابته بالمرض وهي بلا تاريخ تبحث عن الحلم الذي هو الفن واللون. تطاردهما الرياح والرعد ترفض لقاءهما.. المدينة طاردتهما بالرفض والتطفل والفساد. نص وضع فيه الكاتب آلامه في نهاية عمره قبل ان يموت ليكون هذا العمل هو آخر ما كتبه. بالطبع النص يمكن ان أصفه بأنه بالغ الكآبة.. هذا عن النص فماذا قدم لنا المخرج طارق الدويري؟ طارق الدرديري أعرفه منذ فترة وأعرف والده أيضا رأفت الدويري ولا أدري السبب في أن طارق يحمل افكارا اخراجية جيدة ولكنه يفتقد في كل ما يقدم أي عنصر من عناصر البهجة للمتفرج. وكيف ان يقدم متعة أو بهجة وهو يتناول نصا يحمل في نهايته الموت, كان يمكن الي حد ما ان يقدم مع هذا الديكور الجيد وهذه المؤثرات الصوتية التي تكاد تتحدث ثم موسيقي جيدة واستخدام بديع لشاشة سينما عريضة خلف ستارة شفافة تجعلنا نعيش بالفعل في أجواء بديعة في غموضها.. كان يمكن مع هذا ان يقدم ولو بصيصا من أي عنصر من عناصر البهجة للمتلقي المتفرج الذي عاش ساعة ونصف الساعة مع ألم وكآبة اكيدين. المادة الفيلمية التي قدمها كانت مؤثرة والديكور والملابس جيدة لمدحت عزيز والاضاءة كان لها دور كبير في العمل وهي لمحمد حسني. أما الأبطال فلدينا أشرف فاروق في دور آدم وريم حجاب في دور الشابة أو إيفا وهنا اداء أشرف كان متوازنا مع دوره.. الرجل المريض الذي ينتظر الموت أو الفناء محبطا وامامه ريم حجاب في دور الشابة. اداء كان جيدا لكليهما مع عدد كبير من الممثلين والممثلات قدموا أدوارهم في تلك التي في حكم المجاميع بصورة جديدة. لكن الحقيقة هي ان العرض وان كان يقدم لنا الواقع بالنسبة لهذه الأرض التي تضيق بالحب.. هذه الأرض التي لا تحتمل اجتماع جيل الأمس بجيل اليوم.. هذه الأرض التي يمكن ان نقول انها لا تحب الحب. جهد كبير ألمسه من المخرج طارق الدويري ولكن من الاسف لم يستطع الفرار ولو للحظات من هذه الكآبة القاتلة. ومع هذا تحية لكل العاملين وتحية للدكتورة هدي وصفي وتحية للمهتمين بالمسرح بصورة جادة.