فيما مضي, لم يكن العالم يبالي كثيرا بما يجري في البرازيل, اللهم إلا فيما يتصل بكرة القدم, ولكن في الألفية الثالثة اختلف الأمر, فقد تحولت البرازيل إلي إحدي الدول الاقتصادية الصاعدة, وأصبحت دولة رائدة في مجموعة العشرين تتمتع بتمثيل قوي في صندوق النقد الدولي يعكس تعاظم دورها في الاقتصاد العالمي. ولهذا, كان الاهتمام العالمي بفوز ديلما روسيف63 عاما- برئاسة أكبر دولة في أمريكا الجنوبية, خاصة وأنها جاءت في هذا المنصب خلفا ل'أستاذها' لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي ينسب له الفضل فيما حققته البرازيل في الفترة الأخيرة. وخبرات ديلما مع المناصب السياسية معقولة للغاية, بل يمكن القول إنها رئيسة' بمواصفات برازيلية', فهي اقتصادية بحكم الدراسة الجامعية, و'مناضلة' و'يسارية', وسجنت في شبابها ثلاث سنوات, كما شهدت فترة التحول الاقتصادي في عصر لولا دا سيلفا لدرجة أنها وصفت بأنها أقرب وأبرز مستشاريه, وقد اكتسبت منه الخبرة التي أهلتها لأن تكون الرئيسة السادسة والثلاثين لبلادها وكان السبب الرئيسي وراء فوزها إصرارها علي مواصلة مسيرة لولا دا سيلفا التنموية, كما كان لولا نفسه وراء الفوز باعتبار أنه قدم دعما مباشرا لها طوال فترة الحملة الانتخابية, وتحدث عنها باعتبار أنها أفضل من يتولي المهمة من بعده, بل وذهب البعض إلي القول إن لولا دا سيلفا سيواصل إدارة دفة الأمور بنفسه من وراء الكواليس بعد أن تتولي ديلما مهام منصبها رسميا في أول العام الجديد. وسبق لديلما أن عملت وزيرة لشئون الرئاسة في الفترة من2005 إلي2010, ومن قبل ذلك كانت وزيرة للمناجم والطاقة من2003, وتم تكليفها في فترة بتشكيل حكومة مؤقتة. وخلافا للخبرات السياسية والاقتصادية, فديلما تحظي بتعاطف كبير من البرازيليين, باعتبار أنها سبق لها أن أصيبت بالسرطان ولكنها عولجت منه, كما أنها عانت من مشكلات اجتماعية يعاني منها كثير من البرازيليين باعتبار أنها تعرضت للطلاق لمرتين في حياتها! ولكن الاختبار الأصعب الذي ستواجهه هو كيفية بقاء اقتصاد بلادها وسط الكبار والحفاظ علي مكاسب حقبة لولا دا سيلفا, خاصة بعد أن ذاق البرازيليون حلاوة التنمية وثمارها, وأصبح لديهم متوسط دخل للفرد سنويا يزيد علي10 آلاف دولار, رغم أن عدد السكان يتجاوز200 مليون نسمة!