أكدت حكومة جنوب السودان أنها لاتعتزم الدخول في أي مواجهة عسكرية أو حرب شاملة مع الشمال. وقال روبن مريال بنجامين نائب ممثل حكومة جنوب السودان في تصريح لالأهرام: إننا ندرك تداعيات ونتائج هذه الحرب إلا أنه إستدرك قائلا: إذا وقعت الحرب فإن نقطة إنطلاقها ستكون من الشمال. وبينما وقعت إشتباكات مسلحة بين الجيش السوداني والقوات التابعة لميني أركو ميناوي رئيس حركة تحرير السودان وكبير مساعدي الرئيس السوداني سابقا والذي تم أقصاؤه ويقيم في الجنوب حاليا, لوحت حركة العدل والمساواة المتمردة بدارفور بأنها ستعمل جاهدة في الأيام المقبلة لتوسيع نطاق تحالف ضم ثماني حركات دارفورية أعلن عنه مؤخرا في لندن, وقال أحمد حسين آدم الناطق الرسمي بإسم الحركة إن ماحدث من توحد بين حركات دارفور هو بداية لعمل أكبر لضم جهات أخري إليهم في باقي أنحاء السودان, وأن ذلك لن يكون بهدف شن حرب علي الشمال الذي قال إنهم جزء منه أو للمطالبة بتقرير المصير وإنما للتوصل لسلام عادل, محذرا من أن خيار العمل العسكري ضد الحكومة سيظل مطروحا مالم تستجب الحكومة لمطالبهم العادلة. وحول ما أعلنته قيادة الحركة الشعبية رسميا قبل أيام من تبني خيار الإنفصال عن الشمال أوضح روبن مريال: أن هذه القناعة توصل إليها قيادات الحركة الشعبية وحكومة الجنوب بعد أن تيقنت أن كل السبل بإتجاه تحقيق وحدة جاذبة مع الشمال باتت مسدودة ولم يعد ثمة ماينبيء في الأفق علي الأقل في المدي المنظور بإمكانية تبلورها علي أرض الواقع الجغرافي ومن ثم السياسي, لذلك فإن قيادة الجنوب قررت تبني خيار الإنفصال بشكل رسمي علي نحو يحدد ملامح خطواتها في الأيام القليلة القادمة قبل تنظيم إستفتاء تقرير المصير في الجنوب في التاسع من يناير المقبل. وأضاف: لقد طرقنا كل الأبواب التي تقود إلي مايسمي بالوحدة الجاذبة وفقا لإتفاقية السلام بين الحركة والحكومة السودانية, إلا أن ماجري خلال السنوات الست الماضية منذ توقيع إتفاقية السلام وعلي الأخص من قبل الخرطوم لم يصب مطلقا في خانة الوحدة, وذلك يعكس إستمرار العقلية التي مازالت تهيمن علي النخبة الحاكمة في الشمال, والتي تسيطر عليها الفكرة الجهادية والتعنت في هضم حقوق الآخرين وتهميش أدوارهم, أما الجانب الآخر فإن تبني الحركة لهذا الخيار يأتي منسجما مع الرغبة العارمة لشعب الجنوب في بناء دولته المستقلة. وقال روبن: إن التوجه إلي الإنفصال يعكس في رأيه إصرار الجنوبيين علي المضي في طريق السلام, لأن الوحدة التي عشناها علي مدي54 عاما منذ الإستقلال لم ينتج عنها إلا الحرب, بينما الوحدة التي يدعو إليها المؤتمر الوطني في الشمال تعني الإستمرار في هذه الحرب بسبب تمسكه بنفس الأفكار التي سادت خلال العقدين الماضيين, التي تولي فيها السلطة رجال المؤتمر الوطني الذي يرأسه الرئيس البشير تحت مسميات مختلفة منذ إنقلاب الإنقاذ عام1989, وشكلت بالتالي مناطق للتجاذب بين الشمال والجنوب. واستبعد أن تكون الدولة الجديدة في الجنوب إذا حدث الإنفصال فاشلة بسبب مراهنة الحركة علي عدد من الأصدقاء في العالم ومن بينهم مصر, مؤكدا أن الدولة الجديدة ستكون دولة مسالمة ومنحازة للقانون وإحترام المواطنة وحقوق الإنسان. وحول تصور الحركة الشعبية لشكل وطبيعة العلاقات بين دولة الجنوب الوليدة في حال الإنفصال ودولة الشمال قال روبن: إننا نتطلع إلي بناء منظومة من العلاقات الأخوية والمتشابكة والقوية بين الشمال والجنوب, قد تصل في مرحلة لاحقة إلي حد عودة خيار الوحدة مرة أخري, ولكنها وحدة عادلة ومحترمة وحضارية وطوعية.