تزامنت في المرحلة الأخيرة تصريحات وزارة القوي العاملة, ومركز الأرض, واتحاد عمال مصر, حول تفاقم مشكلة العمالة المؤقتة, والتي بلغت نحو3 ملايين عامل في الزراعة والمقاولات والمناجم والمحاجر. فضلا عن العاملين بقطاعات الحكومة المختلفة والذين أصبحوا بمثابة قنبلة موقوتة نتيجة عوامل القلق التي يعانيها هؤلاء الشباب حول استقرار المعيشة وضمان التأمين والمعاشات والعلاج وغيرها. السيد كرم صابر مدير مركز الأرض, أكد أن هناك شرائح من فئة العمالة المؤقتة تتوزع بين2 مليون عامل في الزراعة و500 ألف بالمقاولات و430ألفا بالمناجم والمحاجز و70 ألفا بالملاحة, إضافة الي نحو600 ألف بالجهاز الإداري بالدولة وبعقود مؤقتة ولم يثبتوا علي الرغم من أن بعضهم قضي أكثر من15 عاما في نفس الوظيفة, حتي إن مشكلات جميع العمالة المؤقتة تكاد تكون واحدة في القطاعين العام والخاص, في الوقت الذي لا يتعدي فيه عدد المقيدين في المعاشات والتأمينات مليون شخص, والذي زاد المشكلة في هذه الأيام أن أصحاب الأعمال يجبرون العامل علي التوقيع علي استمارة(6) أو الاستقالة ضمن أوراق التعيين حتي لا يكون هناك أي التزام تجاه العامل مع استعباده الي أقصي حد وبلا أدني حقوق آدمية, ويضطر العامل الي ذلك لضيق فرص العمل, في الوقت الذي لا يجد هؤلاء حماية حقيقية من المسئولين ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية تزداد حالات الظلم للعامل ولا يستطيع أخذ حقوقه في جميع الأحوال. جامعة المنيا وأشار كرم صابر الي حالة صارخة تتمثل في المؤقتين في جامعة المنيا والذين استمر بعضهم في العمل لأكثر من15 عاما دون تثبيت أو أي حقوق مهنية أو صحية أو حتي أجور معقولة, حيث نجد أصحاب المؤهلات المتوسطة يتقاضون70 جنيها شهريا والمؤهلات العليا90 جنيها بلا زيادة لسنوات طويلة, ودون أي حوافز أو مكافآت, وهذا المبلغ لا يكفي أجرة المواصلات برغم أنه مؤمن عليهم برقم تأميني واحد بما يعني انتفاء حقوقهم في المعاشات, مع غياب السلامة والصحة المهنية التي أدت الي وفاة الكثيرين في أثناء العمل مثل عمال الصرف الصحي بالفيوم وعمال نفق الأزهر لغياب عوامل الأمان, في الوقت الذي يتهدد فيه العمال فكرة تدور في ديوان الدولة لإلغاء العقود الدائمة تدريجيا وتحويلها الي نظام العقود المؤقتة, ويظهر ذلك واضحا في القطاع التعليمي والذي يصل فيه عدد العمالة المؤقتة إلي نحو300 ألف شخص, وتتعامل وزارة التربية والتعليم معهم بطريقة أبشع من القطاع الخاص, فهي تلغي العقد بانتهاء العام الدراسي, وليذهب الموظف الي الشارع مدة الإجازة ثم يتقدم من جديد والواسطة طبعا هي المقياس الأول في الاختيار, في الوقت الذي يكون فيه الموظف المؤقت قد استقر أسريا وعائليا وأنجب أولادا ولا تحتمل حياته هذا التوتر والتذمر والذي يحوله الي الجريمة بأنواعها. وأضاف أن مشكلة العمالة المؤقتة تتفاقم وتساعد علي الانحراف نتيجة حرمانها من المميزات الاضافية والتي تبلغ80% من الراتب لأي موظف مثبت وهي تمثل الأجور المتغيرة, إضافة للحرمان من التأمينات الاجتماعية والصحية, في الوقت الذي تعد فيه الدولة قانون الوظيفة العامة والذي أثار الكثير من الجدل, وهو ما حدث في النهاية مع موظفي القطاع العام بعد بيع معظم شركاته وحدوث أزمات وكوارث وتوابع لهذا البيع, وأن الخطر الذي يتهدد العمال والموظفين المؤقتين وحتي المثبتين قادم مع قانون الوظيفة العامة الجديد والذي سيكون ضحاياه أكثر لأنه سيركز علي الوظيفة والتوظيف دون الاهتمام بالموظف, وهو ما يغتال البعد الاجتماعي وتركيب واستقرار الأسرة المصرية والشباب, واتاحة الفرصة لانضمام العاملين المؤقتين الي نقابات تدافع عنهم وتعوض خسائرهم. ضغط شديد ويضيف د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة, أن الدولة من حيث المبدأ عليها ضغط شديد ونتيجة الظروف السابقة في التزامها بالتعيين زادت وتضاعفت أعداد الموظفين, وهذا ما جعلها تتخلي عن عملية التعيين حيث حققت شركات القطاع العام خسائر مضاعفة وكانت الدولة تتحملها علي أساس البعد الاجتماعي, وهذا ما فتح الباب للبطالة من أوسع الأبواب, وأوجد أبوابا أخري للانحرافات بين الشباب وانتشرت في المجتمع, فالمواطن حتي الموظف لديه أولاد وخريجون بلا عمل يحتاجون للمال فيضطر للرشوة, وعندما اضطرت الدولة للتشغيل جعلت العقود المؤقتة هي المنفذ للتشغيل واستمرت في ذلك لسنوات دون التزام بالتعيين, فهي تفصل العامل لمدة يوم كل3 أشهر حتي لا تكون ملزمة بتعيينه برغم أن هذا العامل أو الموظف قد أقام أسرة وله أولاد, فيستمر لسنين في قلق ويحصل علي أقل الرواتب دون التزام من جانب الدولة في أي شيء. وأشار الي أن الشباب يضطرون للعمل تحت أي ظروف ومع أقل مبلغ بدلا من الجلوس في الشارع, وهذا فتح المجال لظهور حالة من الضياع في المجتمع نتج عنها الانحرافات الأخلاقية وخطف البنات وقتل المواطنين بغرض السرقة, في الوقت الذي تكتفي فيه الدولة بوضع حلول غير مجدية ولا تفيد الشريحة الأكبر من هؤلاء الشباب, لدرجة أن وزارة التربية والتعليم ابتدعت نظام الدولة في التشغيل برغم احتياجها لنحو200 ألف, فهي تتيح العمل بالعقد المؤقت ثم تفصل المعلمين مع نهاية الدراسة وتعيد تعيينهم مع بدايتها حتي لا تلزم نفسها برواتب في الإجازة الدراسية, والغريب أنها تتعاقد مع عدد أقل من المطلوب بكثير لسد العجز بالتحايل, وهذا ما يجعل المدرس يختل في تصرفاته وسلوكياته وتعامله الأخلاقي في تربية الأبناء. التعيين بالرشوة وأضاف أن الحال الآن وصل لمرحلة أن من يريد التعيين الفعلي في بعض الجهات يدفع نحو مائة ألف جنيه رشوة, وهذا مستحيل أمام الأسرة المصرية الحالية مما يدمر القيم والمبادئ في المجتمع, لذلك فإنه من الضرورة أن تكون هناك فرص عمل حقيقية, لأن واجب الدولة تسهيل إيجاد فرص العمل, لانها من حق المواطن, لأن العامل يكون مكسورا اجتماعيا ونفسيا ولا يصح أن تتخلي الدولة عن دورها.