لابد للحوار مع حسام البدري المدير الفني المستقيل لفريق كرة القدم الأول بالنادي الأهلي أن يتطرق إلي كثير من الأمور التي يمكن اعتبارها من الأسرار الحربية . التي كانت تحيط بفريق الكرة بالنادي طوال الأشهر الماضية.فالإنصاف يقتضي السؤال عن الظروف التي أحاطت بالفريق وأوجدت حالة الجدل حول كفاءة الجهاز الفني.. وكذلك الضرورة تقتضي التعرض للآراء التي كانت تشير لوجود خلافات مع أبرز نجوم الفريق.. كما أن الواجب المهني يقتضي إعطاء الفرصة الكاملة للمدير الفني المستقيل ليرد علي منتقديه. وغاية ما يحرص عليه حسام البدري الدمث المهذب ألا يجرح أحدا, أو يفشي سرا من الممكن أن يسبب حرجا للكيان الذي عشقه ولجنة الكرة التي يحترمها ويأسف لكونه قد توجه إليها بالاستقالة التي قبلتها علي عكس رغبتها. و كان البدري حريصا ومسئولا في كل كلمة نطق بها كعادته دائما فلم يقل كلمة وطلب حذفها, أو أطلق رأيا رافضا نشره( كما يفعل الكثيرون). وهكذا.. مر الحوار مع حسام البدري الذي منحني ثقته, ومنحته آذانا مصغية: هل تشعر بالندم علي تسرعك في تقديم الاستقالة؟ {{ عندي خطوط حمراء لا أسمح لأ حد بتجاوزها.. هذه هي طبيعتي وشخصيتي.. والذي حدث أنني وجدت بعض الجماهير وليس كلها قد بدأت تتجاوز معي, وهذا أمر لا أقبله مهما حدث.. وقد نسوا أنني بالأرقام أكثر مدرب في تاريخ النادي الأهلي حقق بطولات وأحرز نتائج.. ولذا فإني في المجمل راض تماما عن نفسي. إلا قليلا؟! {{ ربما, فقد بدأت مشوارا ما في السنة الأولي, وكنت أريد أن أستكمل هذا المشوار الذي بدأته مدربا مساعدا ثم مدربا عاما ومدير كرة وأخيرا مديرا فنيا للفريق.. وكنت أريد أن أرد للنادي الأهلي الذي أعشقه فضله كاملا علي شخصي, فقد منحني الأهلي الشهرة وحب الجماهير وثقة المسئولين.. ولدي اليقين بأن الغالبية العظمي من الجماهير تحبني وتقف معي وتؤازرني.. وهذه المشاهد الصادقة أراها في كل مكان أتردد عليه دون تكلف أو ادعاء. وما الخطأ الذي تعترف به وتراه وراء النتيجة التي وصلنا إليها؟! {{ لم أخطئ في أي شيء, فقد بذلت أقصي ما يمكن بذله من جهد في مواجهة الظروف المتاحة.. وقد عانيت كثيرا من صعوبات تفوق احتمال أي إنسان.. ولن أتطرق إليها أبدا مادامت علاقتي بالفريق قد انتهت.. وكل ما يمكن قوله أنني تحملت وحدي فوق احتمال البشر. دعني أتوقف عند كلمة وحدي.. وأسألك: هل كنت لا تجد المؤازرة الكافية من مدير الكرة هادي خشبة والجهاز الفني المعاون؟ {{ علي العكس.. فكل من حولي عاونوني علي الوجه الأكمل, وكانوا جميعا عند حسن الظن وعلي مستوي المسئولية.. ولكن الصعوبات التي واجهتني كانت أكبر من الجميع.. ولن أخوض في أمر هذه الصعوبات أبدا. وهل كان رئيس النادي لديه فكرة عن هذه الصعاب التي ترفض ذكرها؟! {{ لا تعليق! ربما يعتقد البعض من القراءة الآن أنك لا تجد ما تقوله ومن ثم تضفي الغموض علي كلماتك, ولذا تبدو في موقف المدافع الذكي عن مواقفك وقراراتك؟! {{ لا تحاول الضغط علي لانتزاع معلومات لا أريد أن أذكرها. لماذا تتعمد أن تكون مغارة مغلقة ولا تتكلم عن الصعاب التي لا يتحملها بشر؟! {{ لقد واجهت صعابا كثيرة تتعلق بالمرحلة نفسها من ضرورة حدوث إحلال وتجديد. وهل كانت الإدارة تؤازرك في هذا التحول الذي كان من الطبيعي أن يستتبعه اهتزاز في المستوي والنتائج؟! {{ الإدارة وقفت معي لآخر لحظة, ولم تقصر في مساندتي. ولماذا إذن وافقوا علي الاستقالة؟ {{ لأن تلك كانت رغبتي.. وهذه هي قيم ومبادئ النادي الأهلي التي تربينا عليها جميعا, حيث لا ضغوط علي أي مسئول يستقيل مادامت لديه الدوافع التي أدت به لتقديم الاستقالة. وهل كانت الاستقالة وراءها حيثيات موضوعية أم سببها رغبة شخصية لرفع الحرج عن مجلس الإدارة؟ {{ قرار الاستقالة نابع مني شخصيا.. وقد اتخذته داخل غرفة خلع الملابس باستاد الإسماعيلية بعد المباراة مباشرة.. وطلبت من مدير الكرة الاتصال برئيس النادي الكابتن حسن حمدي وإبلاغه بالأمر وتأكيد أن تلك هي رغبتي الشخصية.. والحقيقة أن مشكلتنا في مصر هي التحوير والتأليف والادعاء كذبا بالعلم ببواطن الأمور. نعود إلي الصعاب المرحلية التي استهلكتك وأنهكت قواك وأسألك: لماذا لم تعلن عنها في حينها مادمت سترفض الكشف عن خباياها بعد تركك المهمة؟! {{ إجابة هذا السؤال تستحق أن تكون عنوان هذا الحوار معي, ففي ظل الهجوم العنيف الذي أتعرض له لم يتطرق أحد لتلك المعاناة التي أعايشها والصعاب التي ألاقيها.. وحتي البرامج التحليلية بالقنوات لا تعرف شيئا, وكنت أسمعهم وأنظر ماذا يقولون وأندهش مما يقولونه لأنهم لا يمسون الواقع الصعب الذي أعيشه من قريب أو بعيد. وهل خطة اللعب وحدها التي هوجمت كثيرا بسببها وراء كل هذا الهجوم المصفح علي شخصك البسيط؟! {{ مع احترامي للجميع فإن خطة اللعب تتحكم في وضعها أشياء كثيرة جدا لا يعلمها سوي المدرب, وليس من سلطة لأحد سواه أن يعرف هذه المعايير التي بناء عليها يختار الخطة التي يلعب بها.. وليس صحيحا أن المدرب يضع خطة اللعب ويختار بعدها الأفراد الذين سوف ينفذونها.. إنما العكس هو الصحيح, والمفروض علي ضوء الصعاب التي واجهها أن أختار الأفراد ثم أضع الخطة المناسبة المتماشية مع قدرات الأفراد الذين اخترتهم.. والذي يقول إن خطة2/4/4 بمشتقاتها لا تصلح لبعض الفرق أراه غير واقعي ويستسهل الكلام, والعالم المتقدم كله يلعب الآن بطريقة2/4/4, ولكن ماذا أقول لهؤلاء؟!.. سامحهم الله. هل كان لديك ناصحون أو مرشدون أو مستشارون( إذا جاز التعبير) تعود إليهم بعد كل مباراة؟ {{ طبعا لا.. فكل قراراتي كانت شخصية مائة بالمائة, ونبعت بناء علي خبراتي الطويلة مع الفريق والتي امتزجت فيها الإخفاقات بالانتصارات.. وأرجو أن تصل جيدا هذه الرسالة. في كل إخفاق للفريق في عهدك كان يبرز اسم مانويل جوزيه.. فهل ترديد هذه النغمة كان يصيبك بالتوتر؟! {{ طبعا لا, لأن الذين يرددون هذا لديهم قصور شديد في الوعي بحقائق الأمور.. فكل فترة كانت لها أدواتها وظروفها وتحدياتها, وهذه الأدوات تختلف من مرحلة لأخري.. ومستر مانويل واجه صعوبات لمدة عامين عندما جاء إلي مصر.. ثم تغيرت الظروف والأدوات فتحققت النتائج.. ثم بدأت الصعاب تطل من جديد. ولذا ترك المهمة؟! {{ هذا أمر يخصه وحده, ولا يمكن لأحد أن يتهمه بشيء, فقد أخذ القرار في الوقت المناسب له.. وهذا حقه. البعض أخذ عليك سفرك لكندا( للقاء ابنتك التي تدرس هناك) قبل مباراة الإسماعيلي الأخيرة.. وأريد أن أعرف منطقك؟! {{ أنا حزين لهذه السطحية.. وقد كنت أسافر كثيرا في الإجازات الموسم الماضي ولم أسمع شيئا من هذا.. ورحلتي الأخيرة لكندا استغرقت72 ساعة فقط وتمت خلال فترة توقف للدوري عمرها11 يوما تخللتها إجازة يومين لجميع اللاعبين.. ولكن ماذا أقول لهواة التأليف والتحريف. وهل حدث أن اصطدمت بمساعدك علاء ميهوب وتشاجرت معه؟! {{ أبدا.. إذ كيف يقع شجار بين المدير الفني والمدرب ويستمر بعدها المدرب في عمله دون أن يطالب المدير الفني بتغييره. وكيف كانت تمضي العلاقة مع أبو تريكة؟ {{ علاقتي بأبو تريكة طول عمرها جيدة جدا, ودائما ما كنت أحاول الحفاظ عليه ومساعدته للاستفادة من موهبته وإمكانياته العالية.. والذي حدث أنه أثني علي كل من سأله عنهم المذيع كريم شحاتة في الإذاعة, فأشاد بمانويل جوزيه والكابتن حسن شحاتة, ولم يثن علي لأن اسمي لم يرد أمامه, ومن هنا كان الانطباع الخاطئ بوجود مشكلة معه, وهذا غير حقيقي. وماذا عن أحمد حسن؟ {{ دائما ما كنت أردد في جميع تصريحاتي أن أحمد حسن كان أحد أسباب فوز الأهلي ببطولة الدوري الموسم الماضي, وكلي تقدير واحترام له, ولكن البعض يحاول إظهار وجود خلافات بيننا, وأنا كمدير فني للنادي الأهلي لست صغيرا ليكون هناك خلاف بيني وبين أحد اللاعبين. وماذا عن باقي اللاعبين؟ {{ لا تتصور حجم الحزن الذي رأيته بنفسي علي وجوه الجميع داخل غرفة خلع الملابس بالإسماعيلية لحظة إعلاني الاستقالة.. ولا تتصور الاتصالات اليومية التي أتلقاها من جميع اللاعبين وحتي من الذين كانوا بالفريق قبل أن يغادروه إلي أندية أخري, وهو ما يكشف عن أن علاقتي بجميع اللاعبين بلا استثناء كانت تتسم بالتوازن والاحترام. وهل من كلمة أخيرة؟ {{ أعتذر للأغلبية الكاسحة من جماهير النادي العظيمة التي بادلتني الحب بالحب ومنحتني ثقتها.. ولذا اتخذت قراري لكي أحافظ علي هذه العلاقة الأبدية بيننا.. كما أكرر اعتذاري وأسفي للجنة الكرة التي أعرف أن قرار استقالتي كان ضد رغبتها.