لقد تجمعت معانى العقيدة الإسلامية السمحة فى فريضة الحج من خلال أداء الحجيج لشعائر الحج المختلفة، والتى تمثلت فى تذكر اليوم الآخر والانقياد لأوامر النبى صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته والجهاد بترك المال والولد وكل مظاهر الترف التى أحلها الله. ويوضح الدكتور حسن محرم الحويني أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين أن معاني العقيدة الإسلامية قد تجسدت بأسمي معانيها في مناسك الحج حين يهجر الإنسان الحاج أحب ما يتعلق به قلبه من الأشياء كالوطن والولد والزوجة والمال متاجرا مع ربه مهاجرا إليه قاصدا حج بيته الحرام, وكل ما تركه من ذلك هو رمز عزته وقوته وفخره في الحياة فإنه في الحقيقة لا يرجو من وراء ذلك إلا وجه الله ومرضاته, ثم إن المسلم إذا أقبل علي الإحرام بالحج من ميقاته المكاني, فإن عليه أن يتجرد من كل مظاهر الجمال والترف كالملابس بمختلف قيمها وأنواعها وحينئذ يحظر عليه كل لون من ألوان المتعة والزينة بعد الإحرام كتهذيب الشعر واللحية وقص الأظافر والتطيب وقبل ذلك وبعده معاشرة النساء, وكأن الحاج حينئذ قد انخلع من حوله وقوته وتشبث بحول الخالق. ويؤكد الدكتور حسن أن من أبرز مظاهر العبودية التي يتمسك بها العبد في هذه العبادة هو التلبية فهي شعار الحجيج الذي يرفعونه منذ إحرامهم إلي آخر مناسك حجهم في كل حركة وكل مسلك, كما أن في الطواف بالبيت واستلام الحجر والسعي بين الصفا والمروة يتجلي سلوك الحجيج في قمة الخضوع والاتباع للنبي صلي الله عليه وسلم الذي قال لهم: خذوا عني مناسككم ومن ثم الخضوع والاستجابة الخالصة لأوامر الله الذي جعل الحج من أعظم عباداته, وأهم أركان دينه وما أعظم وقوف الحجيج بل ملايين الحجيج بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة كلهم يجأر بالتضرع إلي الله والاستغاثة بلطفه ورحمته والإلحاح في طلب مغفرته, وهم جميعا شعث غبر يشهد الله ملائكته أنه قد غفر لهم.