مرقت الطائرة من بين قمم سلسلة الجبال المشرعة في الفضاء, تشرف علي مدينة كابول مثل أسنة حراب سوداء تثير الدهشة والفزع لقسوتها وجهامتها قبل أن تهبط في مطار كابول الذي يعج بمئات إن لم يكن آلاف الطائرات من كل الأنواع والأجناس, مقاتلات من مختلف الطرز وناقلات جنود وطائرات شحن ضخمة يتسع جوفها لأكثر من مصفحة ودبابة, وعشرات الأنواع من طائرات الهليوكوبتر الحربية تربض هنا وهناك في مشهد يصعب أن يراه الإنسان في أي بلد آخر, يكشف منذ الوهلة الأولي حجم التدخل الأجنبي الضخم في أفغانستان, هذا البلد الإسلامي الذي يعد من أفقر دول العالم ويكره وجود الأجانب علي أرضه, والذي تتشكل جغرافيته من سلسلة جبال متصلة شاهقة الارتفاع إلي علو يتجاوز في بعض الأحيان سبعين ألف متر يقطعها بعض الوديان المنفصلة, ويحار علماء الإستراتيجية في ضمه أحيانا إلي دول الشرق الأوسط وأحيانا إلي دول جنوب آسيا, لكن الجميع يتفقون علي أن أهميته الإستراتيجية الكبري تكمن في حقيقتين أساسيتين, أولاهما أن أفغانستان تمثل نقطة الوثوب إلي كل من الصين وإيران وباكستان وبحر قزوين الذي يشكل الآن أحد مخازن الطاقة الكبري في العالم لضخامة حجم احتياطاته البترولية, وثانيتهما, أن أفغانستان هي مزرعة الأفيون الكبري في العالم التي تنتج سبعين في المائة من محصوله العالمي, يتم تصنيعها داخل أفغانستان إلي هيروين يجد طريقه إلي الأسواق العالمية في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية عبر تجارة تهريب واسعة, تعبر طرقا وعرة, ينظمها شبكات دولية من عصابات الجريمة المنظمة, تتعامل في تجارة يتجاوز حجمها عشرات المليارات من الدولارات, يذهب معظمها إلي عصابات الجريمة المنظمة وأقلها إلي زراع الأفيون في أفغانستان. جئنا إلي كابول ضمن وفد للمركز المصري للدراسات المستقبلية والإستراتيجية ضم اللواءين أحمد فخر رئيس المركز وعادل سليمان مديره العام إضافة إلي العالم الإسلامي الشيخ إسماعيل الدفتار في إطار مشروع للتعاون العلمي مع مركز كابول للدراسات الإستراتيجية, يقضي بتبادل المعارف بين المعهدين في إطار حوار إستراتيجي هدفه تنمية قوي وفكر الاعتدال في الشرق الأوسط.., وفي الطريق من المطار إلي الفندق تبدت لنا كابول العاصمة مدينة رمادية كالحة الألوان يزيد من شحوبها جفاف أوراق الشجر في موسم الشتاء ببرده القارص, وتصطف علي جوانب شوارعها محلات ومخازن صغيرة تسكن أبنية من طابق واحد, أغلبها صندقات من بقايا الخشب أو الصفيح, مكدسة بالبضائع من كل لون, يتعثر المرور في شوارعها شديدة الزحام عالية الصخب, تضيق بهذا الحجم الهائل من سيارات الركوب تختلط بسيارات الأمن والشرطة المكدسة برجال مسلحين أيديهم لا تفارق الزناد, ومواكب الوفود وكبار المسئولين الأفغان تسبقهم سيارات الحراسة, أغلبها من سيارات الدفع الرباعي القوية, يقودها سائقون قساة تمرسوا علي أن يمرقوا بسرعة فائقة رغم الزحام وسوء الطرقات غير المرصوفة في أرض صخرية صعبة, ويفيض علي جوانب الشوارع نهر متصل من البشر الأفغان بسراويلهم الطويلة وجلابيبهم القصيرة, يلتحفون بأحرمة, جمع حرام] من الصوف داكنة اللون, ينتمون إلي أكثر من عشرين جماعة عرقية: البشتون والطاجيك والهزارة الشيعة والأوزبك والتركمان والبلوش لكل منها لغتها الخاصة, ويمكن أن تميز بسهولة بين الأفغان البشتون الذين يسكنون الجنوب في ولاية هيلمند علي طول الحدود مع باكستان ويشكلون ما يقرب من نصف السكان بوجوههم السمراء وأجسادهم الممتلئة وبين الأفغان الطاجيك الذين يسكنون الشمال ويشكلون ثلث السكان ببشرتهم البيضاء وعيونهم الملونة لكن الجميع ملتحون لأن الغالبية العظمي يدينون بالإسلام, ولأن اللحية في عرف الأفغاني هي دلالة تمسكه بدينه, وعندما وقعت أفغانستان تحت حكم طالبان كان من مهام شرطة الأخلاق القبض علي كل أفغاني يقصر طول لحيته عن سبعة سنتيمترات, ويمكن أن تلمح وسط هذا الفيض من البشر الذين تدفقوا علي العاصمة كابول زاحفين من الأرياف علي امتداد سنوات الحرب الثلاثين فرارا من الفقر وغارات الأجانب بضع نساء حاسرات في الطريق إلي أعمالهن, مدرسات وموظفات في الدواوين والشركات, أو جمعا من الطالبات السافرات في طريقهن إلي مدارسهن, لكن هذا المنظر يصعب أن تراه في مدينة أخري غير كابول فخارج كابول لا تزال سيطرة طالبان قوية علي الأرياف, وربما يستحيل أن تري امرأة حاسرة أو سافرة, الجميع يختفين تحت عباءاتهن الفضفاضة الزرقاء تتدلي من قمة الرأس إلي أخمص القدم. ولا تكاد تلمح في كابول إلا في نطاق جد محدود أبنية ذات دلالة وتاريخ باستثناء مسجدين أثريين وبعض القصور القديمة بنيت في عهد الملك أمان الله خان الذي لا يزال في وعي الأفغانيين أفضل من حكم أفغانستان علي طول التاريخ لأنه حارب الإنجليز وكسب استقلال بلاده ووضع لها عام1923 أول دستور في التاريخ نفسه الذي وضع فيه أول دستور مصري. وصل الركب الذي يقلنا تحرسه سيارات الدفع الرباعي بجنودها المسلحين برشاشاتهم الثقيلة والمتوسطة إلي الفندق وسط العاصمة بعد طول مشقة, حيث كان يتظاهر جمع لا يزيد علي50 شخصا يضم عددا من نواب البرلمان الذين سقطوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة يهتفون ضد حكومة قرضاي التي زورت الانتخابات.., الفندق يخضع لحراسة مشددة وإجراءات دخول وخروج صارمة بعد أن تعرض مرتين لهجمات مسلحي طالبان الذين تمكنوا في المرة الأولي من الدخول إلي ساحاته الداخلية ليطلقوا نيرانهم العشوائية علي جمع من النزلاء الأجانب بينهم القائم بأعمال السفارة القطرية في كابول في مذبحة دامية, ثم تعرض مرة ثانية في سبتمبر الماضي لقذف متقطع من هاونات ثقيلة يحرسه الآن نطاقان من الأسوار الشاهقة تفتح عليهما بوابات حديدية ثقيلة, وتفصل بينهما مسافة محدودة تكاد تسمح بمرور سيارة واحدة يغلق عليها الحراس كل الأبواب إلي أن يتم تفتيشها بدقة قبل أن يسمح لها بدخول الفندق عبر البوابة الثانية. ورغم أن كابول تعتبر مدينة آمنة نسبيا بسبب نطاق الاستحكامات الذي تفرضه قوات الحلفاء والجيش الأفغاني, ويحاصر كل مداخل ومخارج العاصمة علي مسافة بضع كيلومترات من حدودها, إضافة إلي اتفاق سري أبرمه الرئيس الأفغاني حميد قرضاي مع باكستان يمثل اتفاق الحد الادني تتعهد فيه المخابرات الباكستانية التي تربطها علاقات عضوية قوية بجماعة طالبان بكبح جماح طالبان ومنعها من اقتحام كابول, إلا أن هذا الاتفاق كثيرا ما يتعرض لخروقات بسبب العلاقات المتقلبة بين باكستانوأفغانستان, وتنجح طالبان في الدخول إلي المدينة لتضرب بعض الأهداف أو تنجز عملية تفجير يترتب عليها عدد من الضحايا القتلي والمصابين, لكن الحياة لا تلبث أن تستمر وتعاود سيرتها الأولي ويعود إلي شوارع كابول صخبها وزحامها.., وعلي امتداد الأسبوع الذي أمضيناه في كابول شنت طالبان عمليتين اخترقت في أولاهما حراسة المدينة لتصل إلي مقر مجلس النواب الأفغاني في اليوم التالي لزيارة الوفد المصري حيث تمكنت من إحداث بعض الأضرار في مبانيه, كما تمكنت من اختطاف أربعة من ضباط الشرطة في عملية لاحقة, ومع ذلك يمكن أن نقول أنه لم يكن هناك خطر حقيقي يتهددنا مادمنا موجودين داخل الفندق الذي تحول إلي حصن منيع لحماية نزلائه من رجال الأعمال والساسة والدفاع والسفراء الأجانب الذين يأتون إلي كابول لمهام طارئة, لكن الخطر يحدق بمهمتنا خلال رحلاتنا اليومية لمقابلة المسئولين الأفغان خارج الفندق أو زيارة بعض الأماكن المهمة التي غالبا ما يتم تحديد موعدها سرا حرصا علي سلامة تحركات الوفد الذي كان موضع الرعاية والاهتمام من كافة المسئولين الأفغان ابتداء من الرئيس حميد قرضاي إلي رئيس المعارضة السيد عبد الله عبد الله الذي دخل في العام الماضي منافسا للرئيس قرضاي في انتخابات الرئاسة الأخيرة لكنه تنازل قبل موعد التصويت, بعد أن تكشف له أن غالبية قبائل البيشتون سوف تصوت لصالح حميد قرضاي رغم أنه ينتمي إلي نفس القبيلة. إن كانت كابول تحظي نوعا ما بقدر من الأمان النسبي يمكن لطالبان أن تخترقه في أحوال وظروف خاصة لأنها الرمز والعاصمة ومقر قيادة قوات تحالف الناتو ومكان الحكم, يوجد فيها الجزء الأكبر من قوات الشرطة والجيش اللتين تم تدريبهما واللتين تتمتعان بقدر وافر من ثقة الأفغانيين يتجاوز85 في المائة طبقا لاستطلاع أخير للرأي العام جري في العاصمة الأفغانية لأنهما حافظا علي وحدتهما, ولم تحدث حالات اختراق بارزة تخل بدورهما الوطني فان الوضع ليس كذلك خارج المدن الكبري الثلاث كابول وقندهار ومزار الشريف في الشمال حيث تسيطر طالبان علي معظم الأرياف خاصة في منطقة الحدود الباكستانية الأفغانية في الجنوب التي تسكنها قبائل البشتون, طبقا لتقديرات معظم الذين التقينا بهم وبينهم نائب الرئيس الأفغاني ورئيس المعارضة ورئيس مجلس النواب ومحمود قرضاي شقيق الرئيس وأبرز رجال الأعمال في كابول وعدد من المثقفين الأفغان أعضاء مركز الدراسات الاستراتيجية في العاصة الأفغانية. لماذا نجحت طالبان في السيطرة علي الأرياف؟!, الأسباب كثيرة ومتنوعة يختلف تقييمها طبقا لاختلاف مواقع أصحابها, لكن الجميع يؤكدون أن أول الأسباب هو ضعف الحكومة وعجز خطط الإصلاح عن تلبية الحد الأدني للمواطنين, وانتشار الفساد وتوجه معظم هذا الفائض الضخم من الأموال التي جاءت مع الغزو الأمريكي وتواجد قوات التحالف والإنفاق المهول علي تدريب الجيش والشرطة الذي يتجاوز نصف البليون دولار في الشهر إلي فئة اجتماعية بعينها لا يدخل ضمنها غالبية الشعب الأفغاني ولانعدام مشاريع التنمية وغياب الحكم الرشيد, وعجز النخبة الأفغانية عن أن تحدد بوضوح معني الصالح الوطني العام وإخفاق نخبة الحكم في أن تقدم للشعب الأفغاني مشروعا متكاملا للسلام يستوعب كل القوي الداخلية, إضافة إلي أسباب أخري عديدة تتعلق بطالبان ذاتها التي تعرف كيف تستثمر كل هذه المثالب, وكيف تخاطب العوام لأن ثقافتها تكاد تماثل ثقافتهم علي حد قول محمود قرضاي,حيث تتدني قيم التعليم ومكانة المرأة, وتضعف قيمة العيش والحياة, وتعم الخرافة والجهل بالدين الصحيح ويساوي العوام بين الكفر والوجود الأجنبي, بعد30 عاما من حرب وشقاء ابتداء من الغزو السوفييتي عام79 إلي الغزو الأمريكي عام2001 عقب حوادث نيويورك وواشنطن, فضلا عن قدرة طالبان علي إقامة عدالة ناجزة تستند إلي أحكام الشريعة في الأماكن التي تديرها حيث يصدر الأمير أحكاما مطلقة ونهائية يتم تطبيقها علي نحو فوري غالبا ما تكون لصالح الفقراء. ولا تكتفي طالبان فقط بالوصول إلي الشعب الأفغاني من خلال عملياتها العسكرية ورسائلها الاجتماعية إلي الفئات المهدرة حقوقها, ولكنها تحرص علي مخاطبة الرأي العام الأفغاني بصورة شبه يومية, عبر أدوات اتصال حديثة تشمل الانترنت والفيس بوك إضافة إلي عدد من محطات الفيديو والمواقع الإخبارية تنتشر علي الشبكة الدولية للمعلومات تستخدم تكنولوجيات جد متقدمة, تصل رسائلها إلي الناس في الوقت الصحيح, تذيع الأخبار فور وقوعها وتنشر صورا لوقائع الأحداث قبل غيرها, وبرغم أن طالبان كانت تفرض خلال وجودها في السلطة رقابة صارمة وقيودا شديدة علي الإعلام إلي حد أنه لم يكن في كل أفغانستان سوي صحيفة واحدة هي الشريعةس استطاعت وهي خارج الحكم أن تطور نظاما للمعلومات يضمن وصول الحدث فور وقوعه إلي الإعلام الخارجي, كما تتواصل مع الإعلام المحلي عبر رسائل يومية تحوي صورا متعددة من التهديد كي يلتزم الجميع بنشر بياناتها, وتصدر طالبان4 طبعات لعدد من الصحف والنشرات الإخبارية يتجاوز عدد صفحاتها المنشورة علي الشبكة الدولية للمعلومات70 صفحة في الشهر الواحد. ومما يزيد من تعقيد الوضع في أفغانستان, أن الحرب الأفغانية تكاد تكون منذ سقوط دولة طالبان محلك سر خسائر واستنزاف متبادل وإن يكن بصورة أخف كثيرا مما كان يجري في العراق, لكنها رغم بعض الضربات المؤثرة التي وجهها قائد قوات الناتو أخيرا ديفيد بيتراوس إلي عدد من قيادات طالبان حرب بلا نهاية, تفتقد فرصة الحسم الشامل والنهائي, وفي المعركتين الأخيرتين اللتين دارتا في سهول مرجة وقندهار نجحت قوات التحالف في السيطرة علي عدد من معاقل طالبان, واستطاعت أن تأسر وتقتل عددا من قياداتها لكن طالبان لا تلبث أن تعاود زحفها مرة ثانية علي هذه المناطق بعد أن تكون قد كسبت تعاطف المزيد من الأهلين لكثرة الضحايا المدنيين الذين يسقطون في الغارات الأمريكية دون ذنب أو جريرة أو لسوء المعاملة التي يلقاها السكان خلال عمليات اقتحام الجنود للمنازل في القري وإساءاتهم معاملة النساء, الأمر الذي وسع من انعدام الثقة بين الأفغان وقوات التحالف وقلل من فرص تعاونهما المشترك, وجعل من العسير علي قائد القوات الأمريكية ديفيد بيتراوس أن يحقق في أفغانستان النجاح ذاته الذي حققه في العراق رغم زيادة أعداد القوات الأمريكية30 ألفا, عندما تمكن من كسب عقول وقلوب سكان المحافظات الوسطي التي يسكنها سنة العراق, وشجع العشائر العربية علي تشكيل جماعات الصحوة التي حملت السلاح دفاعا عن أراضيها في وجه تنظيم القاعدة, وتمكنت من طردها خارج ديارهم لكن نوري المالكي فكك قوات الصحوة ومنع عنها امتيازاتها المادية المحدودة ورفض إلحاقها بالقوات العراقية كي لا تقوي شوكة السنة في العراق. لم ينجح بيتراوس في إقناع قبائل البشتون التي تسكن منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية في تشكيل جماعات مسلحة تماثل جماعات الصحوة, لأن طالبان في النهاية جزء من البشتون فضلا عن غياب الثقة بين الأهلين وقوات التحالف, ولم ينجح حتي الآن في تقليل عدد الضحايا المدنيين من الأفغان في الغارات الأمريكية المتلاحقة, الذين يشكلون واحدا من أهم أسباب تذمر الشعب الأفغاني من الوجود العسكري الأمريكي, وبرغم أن الأمريكيين حرصوا علي ألا يكون ضمن قواتهم في أفغانستان دبابات ثقيلة كي يميزوا أنفسهم عن قوات الغزو السوفييتي, إلا أنهم يفكرون في الاستعانة بالدبابات الثقيلة لضرب مواقع طالبان عن بعد وتقليل عدد الضحايا المدنيين! صحيح أن خسائر قوات التحالف لا تزال محدودة قياسا إلي خسائر العراق,600 جندي مقابل عشرة آلاف أفغاني في العام لكن المشكلة أن طالبان مثل طائر النار الذي ينهض من الرماد, ما إن تسقط في معركة حتي تنهض في اليوم التالي وكثيرا ما تنجح في توجيه ضربات قوية ومؤثرة تخترق عمق قوات الناتو وبعض مواقعه الحصينة. ويكاد يتفق كل القادة الذين التقينا بهم في كابول علي أن الحسم العسكري لمشكلة أفغانستان يكاد يكون متعذرا في الظروف الراهنة, لأن أصل السرطان يوجد في باكستان, حيث تساند المخابرات الباكستانية عمليات طالبان بهدف تطويع إرادة الأفغان الذين ينظرون إلي باكستان نظرة تشكك وريبة, ويرفضون وصاية البيت الكبير علي البيت الصغير, ويرفضون الاعتراف باتفاقية الحدود التي مكنت باكستان عام1950 من أرض إقليم باتان, ويؤهلون أنفسهم لتصالح مع طالبان لم يأت موعده ولم تنضج كافة ظروفه, ومع ذلك يسانده83 في المائة من الشعب الأفغاني ويعارضه20 في المائة من النساء خوفا من عودة طالبان وتشددهم تجاه حقوق المرأة خاصة ما يتعلق بحقها في العمل والتعليم, لكن الحقيقة الأولي والأخيرة التي يخرج بها أي مراقب يدقق في أحوال أفغانستان الراهنة, أن عودة طالبان إلي السلطة بفكرها العقائدي الذي لا يعترف بالوطن ويرفض الديموقراطية, ويعادي حقوق المرأة وينبذ العيش في سلام مع الدول غير الإسلامية يكاد يكون في حكم المستحيل مهما تأخرت فرصة الحسم العسكري أو طال أمد عملية المصالحة الوطنية التي يساندها غالبية الشعب الأفغاني.