بيان هام من نقابة المحامين حول الإضراب العام بشأن أزمة الرسوم القضائية    استرداد 5 حالات غير مستوفية لشروط وضوابط التقنين بمدينة الطود    عندما يبدع القطاع الخاص    "أوبك+" يرفع إنتاج النفط في أغسطس 548 ألف برميل يوميا    أمين عام الناتو يحاول السخرية من لافروف ويهدد الاتحاد الأوروبي ب "تعلم اللغة الروسية"    «لعبة الحبار» فى غزة    جارسيا يقود هجوم الريال ضد دورتموند في كأس العالم للأندية.. ومبابي دكة    بعد موجة الحر الشديدة.. اندلاع حرائق غابات جنوب فرنسا    ديزيري دوي: الثأر كان أمر حاسما ضد بايرن ميونيخ    ثلاثي منتخب مصر يتأهل لنهائي رجال الخماسي الحديث في كأس العالم 2025 بالإسكندرية    البنك الأهلى يقترب من التعاقد مع محمود عماد صانع ألعاب فاركو    شبكة ب850 مشتركًا تكشفها الشرطة.. سقوط "إمبراطور القنوات المشفرة" في بني سويف    تأجيل اولي جلسات محاكمة 5 رجال أعمال متهمين بتمويل الإرهاب ل 9 سبتمبر    محمد أبو داوود يكشف كواليس مشاركته في «برشامة»    محمد فؤاد خلال كواليس زفاف ابنته: «خلاص كدة مش عاوز حاجة من الدنيا» | شاهد    القاهرة الإخبارية: نتنياهو يوافق على إرسال وفد مفاوض إلى الدوحة    رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفيات جامعة المنوفية لاستقبال «مصابي الإقليمى»    مستشفيات جامعة بنى سويف تعيد الأمل لطفل أصيب بانفجار فى العين اليمنى    الإسماعيلية تتوسع في زراعة عباد الشمس.. 1271 فدانًا لدعم الاكتفاء الذاتي من الزيوت    أمينة الفتوى: "مقولة على قد فلوسهم" تخالف تعاليم الإسلام والعمل عبادة يُراقبها الله    أسماء الفائزين فى الموسم الرابع من المسابقة العالمية للوافدين والأجانب بالأزهر    غدًا.. النواب يستكمل مناقشة قانون المهن الطبية    «خفاف على القلب» 3 أبراج روحهم حلوة.. هل أنت واحد منهم؟    وزير الخارجية يجري اتصالات دولية وإقليمية لدعم الأمن وخفض التوترات في الشرق الأوسط    إصابة سيدة وثلاثة أطفال في حادث تصادم أمام مديرية أمن الإسماعيلية    الأمين العام للأمم المتحدة يُحذّر من خطر نووى فى زابوريجيا    تأهل ثلاثي مصري لنهائي الرجال بكأس العالم للخماسي الحديث    الهلال الأعلى والأهلي يتساوى مع فريقين.. كم حصدت الأندية العربية في كأس العالم 2025؟    المالية: بنك التنمية الجديد يمكن أن يلعب دورًا فى سد فجوات تمويل التنمية لأعضاء "بريكس"    إجتماع تنسيقي بين «الرعاية الصحية» و«التأمين الصحي الشامل» في أسوان    محلل بريطاني: انتقادات زيلينسكي قد تدفع ترامب للانسحاب من تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    استمرار تلقي تظلمات الإعدادية بكفر الشيخ حتى 13 يوليو الجاري    سحب 659 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث مروري بدمياط    وفاة رئيس قطار أثناء تأدية عمله بأسيوط.. و«النقابة» تبدأ نقل الجثمان إلى طنطا    «محتوى البرامج الدراسية» في ندوة تعريفية لطلاب علوم الحاسب بجامعة بنها الأهلية    لمرشحي مجلس الشيوخ 2025.. «الصحة» تطلق منظومة إلكترونية لخدمات «الكشف الطبي» (تفاصيل)    «المونوريل والبرج الأيقوني».. المشروعات القومية رموز جديدة ب انتخابات مجلس الشيوخ 2025 (فيديو)    قانونية مستقبل وطن: مصر تواصل الاستحقاقات الدستورية وسط التحديات التي تشهدها المنطقة    «الصمت أحيانًا يعني أننا تعبنا».. حنان مطاوع توجه رسالة غامضة في أحدث ظهور لها    بمشاركة طلاب صينيين| بالصور.. تنظيم أول مدرسة صيفية بجامعة القاهرة    "بدأت بموقف محرج".. قصة تعارف أمير صلاح الدين وزوجته ليالي    شريهان تعود للأجواء الفنية بزيارة خاصة لمسرحية "يمين في أول شمال"    وزير الرياضة يفتتح منشآت جديدة بمركز التنمية الشبابية بالساحل    فضل صيام عاشوراء.. هل يجوز صيامه منفردًا؟    أحمد نبوي: الأذى النفسي أشد من الجسدي ومواقع التواصل تتحول لساحة ظلم    "بقت إدمان".. رئيس تحرير مجلة الزمالك السابق يثير الجدل بشأن صفقة جديدة للأهلي    محافظ أسيوط يعتمد الخطة السكانية لتحسين الخصائص السكانية    كاتبة إسرائيلية: الدمار الحقيقي بغزة يتضح بعد انتهاء الحرب ودخول المراسلين الأجانب للقطاع    طبق عاشوراء يحسن صحتك.. فوائد لا تعرفها    الصحة: 10 كوادر يشاركون ببرامج تدريبية في الصين    وظائف خالية اليوم ... 153 فُرصة عمل بمحافظة المنوفية    محافظ بني سويف يستقبل وزير الإسكان والمرافق في بداية زيارته للمحافظة    استقرار أسعار السكر اليوم السبت بالسوق المحلي    طقس الأحد شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31    3 وديات.. في الجول يكشف تفاصيل معسكر الأهلي في تونس تحضيرا للموسم الجديد    اختيار ناصيف زيتون لحفل افتتاح مهرجان جرش بالأردن.. وأصالة في ختام الفعاليات    الجار قبل الدار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات المشروع القومي العربي
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 11 - 2010

أثارت مقالتنا الماضية الوحدة العربية وأوهام المشابهة التاريخية المنشورة في‏4‏ نوفمبر‏010 2 تعليقات أكثر من خمسة عشر قارئا‏, تفاوتت آراؤهم بين تأييد مطلب الوحدة العربية وإنكار إمكانية قيامها‏.‏ وأحسست بالحاجة إلي تأصيل بحث الموضوع من خلال عرض آراء النخبة واتجاهات الجماهير‏.‏
ويمكن القول إن جوهر المشروع القومي وهو فكرة العروبة لها جذور تاريخية عميقة‏,‏ وتجليات قطرية‏,‏ لعل من أبرزها ظهور فكرة العروبة في مصر باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الهوية المصرية‏,‏ وتطبيقات قومية أخذت طريقها إلي عديد من البلاد العربية‏.‏
ويمكن القول إن التيار العروبي كانت له جذور قومية في مصر‏,‏ كما تجلي ذلك علي وجه الخصوص في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات‏.‏
ولعل إنشاء جامعة الدول العربية عام‏5491‏ ومقرها الدائم في القاهرة‏,‏ يعد تكريسا رسميا للفكرة العروبية‏.‏
وليس هناك أدني شك بأن ثورة يوليو‏2591‏ هي التي دفعت بالفكرة العربية أشواطا بعيدة إلي الأمام‏,‏ سواء علي مستوي الفكر أو علي مستوي الممارسة‏,‏ والتي وصلت إلي أعلي ذراها بتحقق الوحدة المصرية السورية عام‏.8591‏
غير أن تجربة الانفصال المريرة ألقت بعديد من الشكوك علي الفكرة العروبية‏,‏ ليس من زاوية صدقها النظري‏,‏ ولكن من إمكانية تحقيقها الفعلي‏,‏ مما أدي إلي تحولات كبري في الخطاب القومي التقليدي‏,‏ الذي قدر الكثيرون أنه لم يعد صالحا للتطبيق‏,‏ وأنه من الأفضل أن يتحول إلي خطاب وظيفي‏,‏ يركز علي المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها الدول القطرية من الوحدة‏.‏
ومن هنا كان لابد من إلقاء نظرة فاحصة علي النظام العربي ومستقبل جامعة الدول العربية‏,‏ وعملية صعود الخطاب القومي العربي‏,‏ والتحولات التي غيرت من بنيته‏.‏
ويمكن القول إن اتجاهات البحوث العربية في العقود الاخيرة‏,‏ تركزت علي ثلاثة موضوعات رئيسية‏,‏ وهي تقييم دور جامعة الدول العربية‏,‏ وأزمة النظام العربي‏,‏ واستشراف مستقبل العالم العربي‏.‏
ولو أردت أن أجمل الفكرة الأساسية التي يقوم عليها مقالنا لقلت إننا نمر بلحظة تاريخية فارقة‏,‏ نشهد فيها نهاية الخطاب القومي التقليدي وبداية صعود الخطاب القومي الوظيفي‏.‏ ونحن حين نتحدث عن الخطاب فأنا أعني في الواقع نسقا مترابطا من المقولات ونوعية محددة من الممارسات في نفس الوقت‏.‏
تأتي نهاية الخطاب القومي التقليدي بعد مرحلة مر فيها هذا الخطاب بأزمة خانقة علي صعيد النظر والممارسة معا‏.‏ وقد عبر عن هذه الأزمة وخصوصا في سنوات التردي والانهيار التي أعقبت هزيمة يونيو عام‏7691‏ عديد من المثقفين العرب‏.‏
ولعل من أبلغ التعبيرات عن قلق المثقف القومي العربي فيما يتعلق بتحديات الثمانينيات بالنسبة للنظام العربي ما سبق أن قرره المؤرخ والمفكر القومي الكبير قسطنطين زريق‏.‏
إن التحدي الأكبر الذي يجابه الأمة العربية في مطلع الثمانينيات هو اتجاه أعضاء النظام العربي نحو تمكين القطرية والتكتيكية‏..‏ وهو الاتجاه المعاكس لما يفرضه سير الأمة نحو التماسك والتكامل وتنمية قوتها الذاتية التي تكون مرتكزها الأساسي‏,‏ فمن هنا يجب أن نبدأ‏:‏ كيف نقف في وجه هذا الانعكاس الذي أدي إلي التبعثر العربي؟‏.‏
ولابد لنا أن نطل إطلالة سريعة علي ملامح الخطاب القومي التقليدي ونحدد مؤشرات الأزمة التي مر يها‏,‏ قبل أن ننتقل للحديث عن ملامح الخطاب القومي الوظيفي البازغ‏.‏
هناك إجماع بين الباحثين علي أن العروبة تمثل المبدأ الذي يصدر عنه الغالبية العظمي من المفكرين العرب‏,‏ بالرغم من اختلاف ايديولوجياتهم‏,‏ بمعني أن الانتماء العربي لغة وتاريخا وحضارة هو الأساس الذين ينطلقون منه في تحليلاتهم للواقع العربي‏,‏ وفي استشرافهم لمستقبله‏.‏ ومن ناحية أخري‏,‏ فإن الوحدة‏:‏ تعريفها وكيفية تحقيقها وسبل مواجهة خصومها هي العمود الأساسي للخطاب القومي العربي‏.‏
وإذا أردنا أن نحدد العناصر الأساسية لهذا الخطاب يمكننا أن نحصرها في أربعة موضوعات وهي‏:‏ ضرورة الوحدة العربية‏,‏ وأنصار الوحدة وأعداؤها وطريق الوحدة العربية‏,‏ ونظرية الوحدة العربية‏.‏
فيما يتعلق بضرورة الوحدة العربية يعتبر بعض الباحثين أن أقوي تعبير سياسي عنها نجده لجمال عبد الناصر في الميثاق حيث يقول‏:‏
إن الأمة العربية لم تعد في حاجة إلي أن تثبت حقيقة الوحدة بين شعوبها‏,‏ لقد جاوزت الوحدة هذه المرحلة وأصبحت حقيقة الوجود العربي ذاته‏,‏ يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة اللغة التي تصنع وحدة الضمير والوجدان‏,‏ ويكفي أن الأمة العربية تملك وحدة الامل التي تصنع وحدة المستقبل والمصير‏.‏
وترجع أهمية هذا النص إلي أنه يجمع في فقرة واحدة بين الأسباب الثلاثة الكبري التي يرجع إليها المثقفون القوميون العرب في كتاباتهم‏,‏ وهي اللغة والتاريخ والمصير المشترك‏.‏
ولن نخوض كثيرا في موضوع أنصار الوحدة وأعدائها‏,‏ يعنينا علي وجه الخصوص فيما يتعلق بطريق الوحدة العربية أن الخطاب القومي التقليدي يأنف من القول بتحقيق الوحدة العربية عن طريق التعاون والتكامل بين الدول العربية‏,‏ لأنه يدين القطرية‏(‏ أي التجزئة‏)‏ في تلك الدول‏.‏ ولعل أبرز مايعبر عن هذا الرفض الانتقادات التي يواجهها المثقف العربي القومي للمبدأ الذي يقضي بجواز قيام الوحدة العربية علي أساس المصالح المادية‏,‏ وهي المصالح الاقتصادية للبلاد العربية‏.‏ فهذا المفهوم يعد نقيضا لنظرية الدمج السياسي التي تقول بالاتحاد السياسي أولا‏,‏ أي بإقامة رئاسة واحدة وسلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية واحدة‏,‏ تعالج جميع القضايا السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية والاجتماعية الأساسية التي تواجه الأجزاء المساهمة في الوحدة‏,‏ وتوجد هي نفسها الاجهزة الضرورية في هذه القطاعات‏,‏ كقاعدة وأساس للاتحاد أو الوحدة‏.‏ وهكذا ذهب مثلا نديم البيطار وهو أحد أبرز ممثلي الخطاب القومي العربي التقليدي‏.‏
وفي نفس الاتجاه يقرر علي الدين هلال إن التكامل العربي والوحدة العربية أمر سياسي في المقام الأول‏,‏ وهناك أولوية للاعتبارات والالتزام السياسي في تحقيقه‏,‏ نتيجة للسمة القومية التي تتصف بها العلاقات العربية‏,‏ وأي طريق آخر اقتصادي أو اجتماعي في غياب الالتزام السياسي قد يوجد بعض أشكال العمل المشترك‏..‏ ولكنه يتم في إطار التجزئة القائمة دون أن يضع الأساس لخطوة أكثر تقدما‏.‏ والقضية ليست المفاضلة بين الثورية والتدرجية‏,‏ ولكن هل يمكن تحقيق الأهداف القومية وحل التناقض بين القومية والقطرية نتيجة عملية فنية يقودها المتخصصون والفنيون وحسب‏,‏ أم أنه بالضرورة وفي المقام الأول ثمرة عمل سياسي والتزام قومي يضطلع به المثقفون والحكام
وقد انعكست أزمة الخطاب القومي العربي التقليدي علي النظام العربي ذاته‏,‏ بحكم وحدة الفكرة والممارسة‏,‏ وقد لخص بعض الباحثين العرب المشكلات المختلفة التي يواجهها النظام العربي في بروز عدد من المشكلات المحورية التي صيغت في شكل تناقضات‏:‏
المفهوم القومي في مواجهة المفهوم الديني‏,‏ ويقصد الاتجاه العربي في مواجهة الاتجاه الاسلامي‏,‏ والمفهوم القومي في مواجهة المفهوم الإقليمي‏,‏ ويقصد التناقض بين النظام العربي والنظام الشرق أوسطي‏,‏ والمفهوم القومي في مواجهة المفهوم المحلي‏,‏ ويقصد بالمحلي هنا التجمعات العربية الوسيطة‏(‏ كمجلس التعاون الخليجي‏,‏ ومجلس التعاون العربي‏,‏ والاتحاد المغاربي‏)‏ والمفهوم القومي في مواجهة المفهوم السياسي‏,‏ ويقصد به سياسة المحاور السياسية العنيفة التي تنشأ داخل النظام‏.‏
من كل هذه الجدليات الأربع اثبتت الممارسة أن جدلية القومي في مواجهة المحلي‏,‏ أصبحت هي الجدلية الأساسية التي تفعل فعلها في الوقت الراهن علي حساب كل الجدليات السابقة‏,‏ ويكشف عن هذا إنشاء مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي‏.‏
وقد يرد ذلك إلي نهاية عهد الخطاب القومي العربي التقليدي‏,‏ وبزوغ الخطاب القومي العربي البراجماتي والوظيفي وإن كانت مسيرته مازالت متعثرة‏!‏
وقد دار في السنوات الاخيرة صراع عنيف بين الخطاب القومي التقليدي والخطاب الوظيفي البازغ‏.‏ وقد تمحور الصراع حول عدد من القضايا الجوهرية أهمها علي الإطلاق الجدل حول دور الدولة القطرية‏,‏ وهل هو سلبي أو إيجابي في نطاق النظام العربي‏,‏ وحول فشلها أو نجاحها في أداء الأدوار المنوطة بها‏,‏ ثم النقطة الجوهرية وهي كيفية تحقيق الوحدة العربية‏,‏ وخصوصا بين أنصار المدخل السياسي وخصومهم أنصار المدخل الوظيفي‏.‏
ويمكن القول إن هجاء الدولة القطرية تقليد مشرقي أكثر منه تقليد مغربي في تقاليد الخطاب القومي العربي التقليدي‏,‏ فليس لدي المفكرين المغاربة لأسباب شتي هذا الاستعداد الدائم للانقضاض علي الدولة القطرية كما هو الحال بالنسبة للمثقفين المشارقة‏.‏
إلا أن الأخطر من ذلك أن الفكر القومي لم يعن حقيقة بقضية الدولة الوطنية بمفهومها المؤسسي والحقوقي‏,‏ بل ظل يفكر بالدولة القطرية‏,‏ فيكتفي بالطعن في شرعية الدولة القطرية أي كل دولة قائمة علي الساحة العربية‏.‏ وكانت النتيجة أن الفكر القومي رغم إيجابياته النضالية الكثيرة أغفل قضية الدولة الوطنية كمؤسسات كدولة القانون والحقوق‏,‏ كأداة لتحديث نظام السياسة‏,‏ وتطوير علاقات المواطنين وحقوق الانسان‏.‏
غير أن أعنف معركة دارت بين الخطاب القومي العربي التقليدي والخطاب العربي الوظيفي‏,‏ تركزت حول أسلوب تحقيق الوحدة العربية‏,‏ وكان ذلك بمناسبة إنشاء الاتحاد المغاربي في الثمانينيات
وكان لابد للخطاب القومي العربي التقليدي أن يعبر عن رأيه في هذا التيار الإقليمي الآخذ في التصاعد‏,‏ ونعني إنشاء مجلس التعاون الخليجي‏,‏ ثم إنشاء مجلس التعاون العربي‏(‏ الذي انتهي‏)‏ وإنشاء الاتحاد المغاربي‏.‏
ويمكن القول إن هذا الجدل قد انتهي منذ سنوات‏,‏ لأن القطرية ترسخت في كل دول العالم العربي‏,‏ وتراجعت دعوات المفكرين لتحقيق الوحدة العربية وتضاءلت مطالبهم‏,‏ وتركزت حول تحقيق خطوة أولي متواضعة هي إنشاء سوق اقتصادية عربية مشتركة‏.‏ ويجري الآن مركز دراسات الوحدة العربية استطلاعا مهما لرأي الجماهير العربية حول الديمقراطية والوحدة‏.‏ فلننتظر النتائج حتي نعرف التحولات التي لحقت بالخطاب القومي العربي‏.‏

المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.