ما يحدث في إسرائيل لا يختلف كثيرا عما نشاهده في الأفلام السينمائية فعصابات الجريمة المنظمة هناك تغلغلت في كافة القطاعات. و باتت تفرض سيطرتها علي جهات عديدة حتي أصبح زعماؤها بديلا للقضاء, يتدخلون للتحكيم وحل النزاعات التي تنشأ بين الشركات والمؤسسات الكبري! كانت الساعة تقترب من السادسة مساء عندما طرق أحد الأشخاص باب شركة جلوباس في منطقة عسقلان والتي تعمل في مجال التشييد والبناء ويمتلكها' شلومو شوكرون' وهو معاق نتيجة مشاركته في عمليات الجيش الإسرائيلي أثناء خدمته العسكرية, شلومو لم يصدق عينيه حينما فتح الباب فقد وجد أمامه أشهر عتاة الإجرام في إسرائيل ومعه مجموعة من أتباعه, هذا الشخص تصفه الشرطة بأنه المطلوب رقم1 في جنوب إسرائيل بسبب تزعمه لعصابة إجرامية ارتكبت العديد من جرائم القتل زعيم العصابة هذا قال لشلومو في كلمات موجزة: عليك بالحضور مساء هذا اليوم إلي فيلا آبرجيل بمنطقة كفارترومان لمناقشة موضوع خلافكم حول موضوع الغاز مع شركة رتسيو( هي الشركة صاحبة امتياز التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط), هذا الطلب لم يستطع شلومو رفضه طبقا لما جاء في أوراق الدعوي التي قدمها محامو شركة جلوباس لمحكمة تل أبيب, وتبين من هذه الأوراق أيضا أن هذا المجرم أوضح لشلومو أن من سيقوم بالتحكيم هو صاحب الفيلا وزعيم كبري العصابات الإسرائيلية ويدعي' مائير آبرجيل' وشركة رتسيو ستحقق أرباحا طائلة من اكتشاف حقل الغاز الطبيعي ليفياتان الذي يبعد عشرات الكيلو مترات عن شواطئ حيفا, خاصة أن حقل الغاز هذا هو أكبر ثروة طبيعية يتم اكتشافها في تاريخ إسرائيل ورغم أنه مازال علي أعماق بعيدة تحت سطح البحر إلا أنه ألهب خيال الكثيرين ليس فقط مسؤلي وزارة المالية والذين شكلوا لجنة لبحث كيفية زيادة موارد إسرائيل من هذا الاكتشاف, بل أيضا شركات بترول عالمية لكن في الأيام الأخيرة تبين أن زعماء عصابات المافيا الإسرائيلية مرتبطون بهذا الكنز بشكل أو بآخر بعد تدخلهم لمساعدة شركة رتسيو التي أنشئت عام1992, وفي العام الأخير أصبحت أهم الشركات في البورصة الإسرائيلية, وقد استعان مسئولو رتسيو بخدمات المجرم مائير آبرجيل وعناصر إجرامية أخري مثل أهارون أبيطان وله سجل إجرامي لحل خلاف مالي بينهم وبين جلوباس حول حقل الغاز الطبيعي, ومن خلال الوثائق التي قدمت للمحكمة وكشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت تبين أنه منذ عدة أشهر وبعد إيداع آبرجيل السجن واقتناع أصحاب جلوباس أنه لن يطلق سراحه, طلبوا إلغاء التحكيم الذي كان آبرجيل طرفا فيه وعندما قوبل طلبهم بالرفض من جانب رتسيو توجهوا للمحكمة وأوضحوا لها أن التحكيم الذي فرض عليهم جاء وليد الإكراه والتهديد من جانب العصابات الإسرائيلية. وشركة جلوباس تعمل في المشروعات العقارية وتنفذ مشروعات كبري للإسكان في جنوب إسرائيل وجزء من أرباح العقارات كان يتم استثماره علي مدي السنوات الماضية في شركة رتسيو للتنقيب عن البترول والغاز حتي أصبحت جلوباس تمتلك20% من أسهم رتسيو, والخلاف بين الجانبين كان علي مبلغ ستة ملايين شيكل, وحدث هذا الخلاف قبل اكتشاف الغاز وبعد الاكتشاف زادت الخلافات ووصلت المبالغ المتنازع عليها إلي مئات الملايين من الشيكلات. أما رئيس الشركة فقد أوضح أن البعض وصفوا له آبرجيل بأن لديه أساليبه الخاصة لحل الخلافات واللقاء الأول بين مسئولي رتسيو وآبرجيل تم في تل أبيب ويصف لينداو ذلك قائلا: ذهبنا إلي منطقة سديروت وهناك وصل موكب من سيارات الجيب خرج آبرجيل من إحداها وسألني إن كنت أريد أن يحل لي المشكلة مع جلوباس لينداو الذي تلعثم في الإجابة وتذكر نصيحة أحد الأشخاص له ويدعي أهارون أبيطان بأن من الأفضل له الاستعانة بمساعدة آبرجيل له, فهو شخص قوي ويستطيع إنهاء هذا الخلاف. وطبقا للمستندات التي قدمت للمحكمة فإن مسئولي جلوباس وصلوا إلي الفيلا برفقة دومراني ليلا وسمح لهم بالدخول بعد خضوعهم للتفتيش وفي الداخل وجدوا لينداو مدير رتسيو جالسا بجوار آبرجيل حيث تم التحكيم لكن بعد فترة, وحينما تأكد مسئولو هذه الشركات من إيداع آبرجيل السجن توجهوا للمحكمة لحل النزاع بينهم واعتبار تحكيم آبرجيل كأنه لم يكن.