علي الرغم من أن اهتمام حكومة بوش الأول كان القضاء علي الإرهاب والقبض علي بن لادن, إلا أن هذه السياسة أدت إلي مضاعفة حجم الإرهاب ثلاث مرات في العراق منذ غزوها. كما أدي في أفغانستان إلي إنتاج إرهابيين لا يقلون خطورة عن بن لادن نفسه. من بين هؤلاء الإرهابيين إياس كشمير, أحد قادة القاعدة الذي جددت السلطات الأمريكية مؤخرا حملة مطاردة كبري في باكستان للقبض عليه بعد اكتشافها خطأ الأنباء التي ترددت عن مقتله في سبتمبر2009. فقد فوجيء العالم الغربي بظهور كشميري المتهم بتجنيد إرهابيين جدد في أوروبا في تسجيل مصور مؤخرا يهدد فيه بشن عمليات إرهابية جديدة ضد الأمريكيين. وكانت الحكومة الأمريكية قد صنفت كشميري في أغسطس الماضي بأنه أخطر عناصر تنظيم القاعدة الذين ظهروا خلال السنوات الأخيرة, وأنه يلعب نفس الدور الذي يلعبه بن لادن ومساعده أيمن الظواهري وتكمن خطورته في أنه يمارس نشاطه في جميع أنحاء العالم. ونقلت مجلة نيوزويك الأمريكية عن ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية كان يراقب صعود كشميري داخل تنظيم القاعدة قوله إن كشميري بدأ ظهوره عندما كان يقاتل ضد السوفيت في أفغانستان في الثمانينيات وأنه قام بأعمال إرهابية داخل الهند في السنوات الأخيرة بالاضافة الي تورطه في محاولة اغتيال برويز مشرف رئيس باكستان الأسبق والتخطيط لعمليات ارهابية داخل فرنسا وبريطانيا وألمانيا والدانمارك والولايات المتحدة. ولد كشميري في إقليم كشمير المتنازع عليه بين باكستانوأفغانستان وكان قد فقد إحدي عينيه أثناء القتال ضد السوفيت ووضع عينا زجاجية كما أنه يتعمد تغيير لون شعره من وقت لآخر كنوع من التخفي. ويقول التحقيق الخاص للنيوزويك إن كشميري يتمتع بوضع متميز لدي بن لادن وأن معظم المقربين من بن لادن والذين يحضرون الإجتماعات شديدة السرية للعمليات الإرهابية من العرب ما عدا كشميري, الذي يعتبر الوحيد من جنوب آسيا ممن يحضرون تلك الإجتماعات التي تعقد علي حدود باكستان بل أنه يمكن أن يدخل إلي مناطق خاضعة للقاعدة غير مسموح بدخولها لبعض القادة. وكانت وزارة العدل الأمريكية قد أذاعت نص محادثة لاسلكية مسجلة سرا بين عميل سري للقاعدة مع أحد رجال كشميري ينقل إليه خلالها تعليمات كشميري بشأن تفجير إرهابي كان من المقرر أن يتم في أحد الإستادات الرياضية عندما يكون مزدحما بالجماهير. وفي محاولة لتفسير تكرار ظهور إرهابيين أكثر خطورة من بن لادن, يري المحللون أن كشميري وأمثاله هم نتاج للطريقة التي اتبعها بوش والمحافظون الجدد في تسليط الأضواء علي عناصر إرهابية لإثارة الرعب لدي المواطن الأمريكي مما يسمح باستمرار مخططهم فيما يصفونه بالحرب علي الارهاب وربما يكون ذلك أحد الأسباب التي دفعت الرئيس أوباما لإتباع سياسة مختلفة عن سياسة بوش بقراره الذي إتخذه بالإنسحاب من أفغانستان عام2011 وهي مهمة عسيرة حتي الآن نظرا لأن حركة طالبان إستطاعت أن تشن هجمات متواصلة داخل أفغانستان, ولذلك فإن الحكومة الأمريكية تتبع أسلوبا يسير في إتجاهين الأول: الاتصال بالقيادات في حركة طالبان لإقناعهم بإمكان المشاركة في حكومة كابول والإتجاه الثاني محاولة إحداث انقسام بين قادة الحركة أنفسهم. فالبعض يميل إلي التفاهم لإنهاء العمليات العسكرية والبعض الآخر مازال متشددا ويرفض التخلي عن الحرب الدائرة هناك ضد حكومة كابول والقوات الأمريكية, حتي الآن لم يظهر ما يشير إلي إمكان نجاح هذه المفاوضات خصوصا أن الأفغان أنفسهم لديهم تحفظات علي كرزاي وحكومته الذين تلاحقهم إتهامات بالفساد يعترف بها المسئولون الأمريكيون أنفسهم, لكن حكومة أوباما أصبحت مقتنعة بالنظرية التي طرحها عدد من المسئولين العسكريين والسياسيين الأمريكيين بأن إنهاء الحرب في أفغانستان وخروج القوات الأمريكية منها لن يتم إلا بتحقيق التهدئة الكاملة داخل أفغانستان وكسب تعاطف الشعب الأفغاني نفسه من خلال مشاريع تعوض الشعب الخسائر والدمار والتي تحملها في سنوات الحرب وتوفر له فرصا لمعيشة أفضل.