مرت سنة علي أوباما في اختبار أفغانستان.. والنتيجة' صفر'! كانت المرة الأولي والأبرز التي اهتم فيها الرئيس الأمريكي في عامه الرئاسي الأول بأفغانستان عندما أعلن قراره المثير للجدل بإرسال30 ألف جندي إضافي إلي هذا البلد. حيث أراد أوباما بهذا القرار أن يثبت وجهة نظره التي عبر عنها في حملته الانتخابية للرئاسة في أن إدارة جورج بوش السابقة ارتكبت خطأ فادحا بالاهتمام بالعراق علي حساب أفغانستان, فأراد أوباما أن يقلب الآية ويولي مزيدا من الاهتمام بأفغانستان, لتصبح هي الجبهة الرئيسية والصريحة للحرب علي الإرهاب, خاصة أنه قد ثبت عدم علاقة العراق من قريب أو من بعيد بتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن. وكانت رؤية أوباما تقوم علي أساس تركيز الجهد كله علي إحلال الاستقرار في أفغانستان ومساعدة القوات الباكستانية علي محاربة الجماعات المسلحة في منطقة القبائل, علي أن تكون هذه الجهود علي هاتين الجبهتين تسير بطريقتين مختلفتين, فقد كان الاتجاه علي الجبهة الأفغانية يقوم علي إرسال30 ألف جندي إضافي لتدعيم قوات حلف شمال الأطلنطي هناك يساعدون حكومة حامد كرزاي علي توطيد سيطرته الأمنية علي مقاليد الأمور إلي أن يتم سحب هذه القوات بالكامل في منتصف2011, بينما كان الاتجاه بالنسبة لباكستان هو الحصول علي موافقة حكومة إسلام آباد علي القيام بعمليات جوية ومخابراتية في مناطق القبائل وهو ما رفضته الحكومة الباكستانية بشدة, فاستعاضت عنه القوات الأمريكية بتقديم المساعدات العسكرية والأمنية والمخابراتية إلي الجيش الباكستاني. وكان قرار أوباما بإرسال قوات إضافية إلي أفغانستان بمثابة إعلان باستمرار الحرب, وقوبل هذا القرار بسخرية شديدة من المجتمع الدولي مع إعلان حصول الرئيس الأمريكي علي جائزة نوبل للسلام, إذ كيف يتم منح جائزة نوبل للسلام إلي رجل تراجع عن دعوته بالسلام لصالح توسيع نطاق الحرب. صحيح أن أوباما أعلن بوضوح أن أفغانستان لن تبقي' محمية' أمريكية إلي الأبد, ولكن الوضع السياسي والأمني الراهن في أفغانستان يشير بوضوح إلي أن بقاء أفغانستان' محمية' أمريكية هو السبيل الوحيد للحفاظ علي حكومة كرزاي في السلطة, بدليل سيطرة طالبان علي مقاليد الأمور في معظم أراضي أفغانستان, بل والهجمات الأخيرة التي شنتها الحركة علي العاصمة الأفغانية لتخرج بها لسانها إلي كرزاي والناتو وأوباما, وتعلن صراحة نقل ساحة المواجهة إلي العاصمة الأفغانية نفسها. وكم كان تصريحا طريفا ذلك الذي أعلنه مسئولو حلف شمال الأطلنطي بعد هجوم طالبان الأخير, حيث أعربوا عن إشادتهم الكبيرة بنجاح القوات الحكومية في التصدي لهجوم طالبان علي العاصمة, رغم أن طالبان هي التي اختارت موعد بداية ونهاية هذا الهجوم. والوضع الراهن في أفغانستان يشير إلي أن قادة طالبان الكبار لن يقبلوا بأي عرض للمصالحة مع كرزاي أو مع القوات الأجنبية, كما أن واشنطن حسب تصريحات وزير الدفاع روبرت جيتس غير مستعدة لتقديم هذا العرض. والأمريكيون يدركون حاليا أن الأفغان غير قادرين علي تولي مسئولية الأمن في بلادهم, وأن الوضع في أفغانستان أسوأ بكثير من الوضع في العراق, لدرجة أن هناك مقولة تؤكد أن حكومة كرزاي ستسقط بعد أسبوع علي الأكثر من انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان. والانسحاب الأمريكي من أفغانستان, لو حدث, يعني اشتعال الموقف وتحوله إلي ما يشبه الحرب الأهلية, هذا من وجهة نظر أكثر المتفائلين, أما المتشائمون فيرون أن طالبان ستستولي علي الحكم سريعا ويعود الأمر إلي ما كان عليه قبل بدء الحرب علي الإرهاب في نهاية2001. والخلاصة أن أوباما حاليا يبدو أنه يتجه في الطريق الخطأ بالنسبة لأفغانستان, فلا ابن لادن تم اعتقاله ولا الملا عمر ولا الظواهري, وال30 ألف جندي الذين سيتم نشرهم لن ينجحوا في القضاء علي طالبان والقاعدة نهائيا, وكرزاي نفسه مهدد بالسقوط أو ربما الاغتيال في أي وقت, وطالبان أظهرت قدرتها علي فعل الكثير علي الصعيد العسكري, وكل المعطيات تشير إلي أن بقاء القوات الأمريكية في أفغانستان للأبد يعني' مستنقعا' أمريكيا جديدا, بينما الانسحاب يعني العواقب الوخيمة, وبالتالي الفشل التام لسنوات الحرب الطويلة.