رسالة أبوظبي: أحمد عاطف أثبت مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي أنه ليس مكانا فاحش الثراء يستضيف فعالية كارتونية, بل أنه محاولة جادة لتوظيف الثروة. لخدمة إبداع السينمائيين وإيجاد منبر فعال لعرض كل قضايا العرب الشائكة..والمتأمل لجوائز المهرجان التي أعلنت الجمعة الماضية ومنحتها أربع لجان تحكيم مختلفة بل قل خمسا إذا أضفنا لجنة تحكيم الجمهور سيجد أنها جوائز ثورية بكل معني الكلمة تنتصر للتجريبي في الفن وللأعمال ذات التوجه السياسي الجاد بل والمحرض أحيانا. إن قضايا فلسطين ولبنان كانت العنوان الحقيقي للمهرجان, وكأنها تيمته الرئيسية وفي الجوائز حضر ذلك بقوة, فجائزة أفضل فيلم روائي طويل من العالم العربي كانت لفيلم شتي يادني للمخرج بهيج حجيج الكندي حرائق للمخرج دني فيلنوف وأدت دورا مستمدا كثيرا من دور المناضلة اللبنانية سهي بشارة التي تم تعذيبها بقسوة وقت الحرب الأهلية بلبنان أيضا والتنويه خاص من لجنة التحكيم. كان للفيلم الفرنسي( كارلوس) وهو من تحف السينما العالمية هذا العام وقال بيان اللجنة إن السبب لتقديمه صورة معقدة عن حقبة زمنية ومنطقة جغرافية وشخصية مثيرة الجدل, والفيلم يحاول تحليل شخصية الثائر الفنزويلي( كارلوس) الذي تأثر كثيرا بجيفارا وقام بالكثير من العمليات العسكرية ضد الغرب وضد الصهيونية بدعم من منظمة التحرير الفلسطينية ومن دول عربية أخري فعده الغرب ارهابيا ورأه الكثيرون مناضلا, وهو الآن مسجون مدي الحياة بفرنسا بعد أن سلمته السودان بعد تحذيره. أما جائزة أفضل فيلم وثائقي من العالم العربي أو حول العالم فقد فاز بها فيلم( شيوعيون كنا) للبناني ماهر أبي سمرة الذي يحكي تجربة المخرج وثلاثة من أصدقائه كانوا ينتمون للحزب الشيوعي اللبناني ويحلمون بالعدل والمساواة, المتعاطف مع القضية الفلسطينية منذ زمن طويل وصنع عنها ثلاث أفلام في المخيمات الفلسطينية في بيروت, وأقام علاقات انسانية مع العائلات التي صور معها حتي أنهم يبكون عندما يرونه وخلال العقود الأربعة التي صنع فيها سلاوز أفلامه وصلت آفاق السلام إلي طرق مسدودة وبدت أحلام العودة مستحيلة. تبدو المعاناة للجميع ويبدو المخرج الذي يتلمس الطريق في أزقة الخيمات متحديا الصعاب وومتلئا بالحب وباحثا عن الأمل في الحصول علي دولة فلسطينية ذلك الحلم الذي تردد عشرات المرات في فيلم( ميرال) الذي يستحق تحليلا منفصلا وأحد الأفلام القليلة التي تناستها الجوائز.ميرال يري أن الأمل مازال مرجوا في اقامة دولتين فلسطينية بجانب الإسرائيلية. في نفس مسابقة الأفلام الوثائقية منحت لجنتها تنويهين خاصين لفيلم دموع غزة للمخرجة النرويجية فبكه لوكبرج وفيلم بحبك ياوحش للبناني محمد سويد. أما الجوائز الأخري الكبري للمهرجان فقد حصل عليها الفيلم الروسي( أرواح صامتة) كأفضل فيلم روائي طويل لتصويره الشعري لأصداء تراث ثقافي لشعب حاضر اليوم, ولتميز لغته السينمائية وفيلم( حنين إلي الضوء) لمخرج شيلي الأكبر باتريشيو جوزمان أفضل فيلم تسجيلي بالمهرجان لأصالة الفكرة السينمائية الدرامية, حيث الصورة والصوت يعملان كإشارات للعثور علي المجهول في الماضي الحاضر.. أسرار الانفجار الكوني ورفات ضحايا بينوتشيه وتقاسمها مع الفيلم الهندي ساري زهري. أما السينما المصرية فحصلت علي جائزة واحدة( أفضل فيلم وثائقي لمخرج جديد) من العالم العربي للفيلم التسجيلي جلد حي إخراج فوزي صالح وانتاج الفنان محمود حميدة