وزير العمل يشارك في المقابلات الشخصية لبرنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    سعر الخضروات اليوم الأربعاء 28-5-2025 بالإسكندرية.. كيلو الطماطم ب12 جنيها    انفوجراف | أسعار الذهب في بداية تعاملات الأربعاء 28 مايو 2025    سعر الدينار الكويتى اليوم الأربعاء 28- 5- 2025 أمام الجنيه    صندوق النقد: مصر تحرز تقدمًا ملموسًا نحو استقرار الاقتصاد    وزير الإسكان: إزالة التعديات عن 93 فدانا واستكمال مشروعات مدينة ملوي الجديدة    محافظ أسيوط يصدر تعليمات فورية لحل شكاوى المواطنين    ارتفاع نسب السيدات المتزوجات اللاتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة إلى 66.4%    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 983 ألفا و890 فردا منذ بداية الحرب    إعدام ميداني فجري في جيت.. استشهاد الشاب جاسم السدة برصاص الاحتلال داخل منزله    وزير الخارجية يتوجه للمغرب في زيارة ثنائية    فشل رحلة اختبار صاروخ ستارشيب التاسعة من «سبيس إكس»    الأنباء السورية: حملة أمنية بمدينة جاسم بريف درعا لجمع السلاح العشوائى    الرئيس الإندونيسي: لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل اعترافها بفلسطين    إسرائيل تقصف صنعاء وتحذر الحوثيين من التصعيد    تفوق أحمر.. تاريخ مواجهات الأهلي وفاركو    أزمة القمة.. خطاب الكاس يمنع بيراميدز من الاحتفال بالدورى حال فوز الأهلى    محامي نوال الدجوي: موكلتي تفاجأت بنقل أسهم لصالح حفيدها أحمد دون علمها    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    «بعثة الحج»: استعدادات مكثفة لمخيمات منى وعرفات وخدمات مميزة للحجاج    رئيس بعثة الحج: استعدادات مكثفة بمخيمات منى وعرفات في انتظار حجاجنا    موعد إجازة وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تفاصيل جلسة التحقيق مع آية سماحة في هجومها على مشيرة إسماعيل | صور    «أحمد فؤاد هنو»: افتتاحات مرتقبة لقصور الثقافة في القاهرة    «ظافر العابدين»: طارق العريان من أهم المخرجين بالوطن العربي    وزير الدفاع الإسرائيلي: سلاح الجو يهاجم أهدافا فى صنعاء اليمنية    أفضل الأدعية لأول أيام العشر من ذي الحجة    مصر وتشاد تبحثان مستجدات إقامة مشروع متكامل لمنتجات اللحوم والألبان    صحة أسيوط تساهم بالحملة القومية للقضاء على «التراكوما»    وزير الصحة يشهد احتفالية مرور 20 عاماً على تأسيس شركة HVD المتخصصة في إنتاج المستلزمات والأجهزة الطبية    باتشوكا يعلن تفاصيل مباراته الودية مع الأهلي قبل المونديال    مدرب مالي يكشف موعد انضمام ديانج للأهلي    ليبيا.. الدبيبة يدعو إلى إجراء الانتخابات مباشرة    حصاد الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للصورة    إصابة عامل بطلق ناري عن طريق الخطأ بسوهاج    بدء الدراسة بالجامعات الأهلية الجديدة اعتبارًا من العام الدراسي القادم 2025/2026    طريقة عمل البسبوسة في البيت، بأقل التكاليف زي الجاهزة    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    قبل فاركو.. كيف جاءت نتائج الأهلي مع صافرة أمين عمر؟    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    غموض موقف أحمد الجفالي من نهائي الكأس أمام بيراميدز    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    سلاف فواخرجي تعلن مشاركة فيلم «سلمى» في مهرجان روتردام للفيلم العربي    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة قانون المعاشات في فرنسا
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 10 - 2010

بين التشدد الرئاسي والغياب الحزبي‏,‏ وانعدام الشوري‏,‏ تعيش فرنسا منذ أسابيع حالة من الشلل المتزايد والمتصاعد لا يعرف أحد كيف تنتهي‏,‏ ومتي تنتهي‏. إضرابات ومظاهرات‏,‏ مصادمات ومجابهات‏,‏ أعمال عنف وشغب‏,‏ وتدمير وتخريب‏,‏ وعمليات سلب ونهب وتكسير وحريق‏,‏ وبين غليان الشارع والنقابات‏,‏ وتشدد السلطة التنفيذية وتصلبها‏,‏ خرجت تليفزيونات العالم وصحافتها‏,‏ تصور الوضع وكأنها الحرب قد اندلعت‏,‏ بسبب معركة قانون المعاشات الجديد‏.‏
القانون الجديد يزيد السن القانونية للتقاعد‏,‏ من‏60‏ سنة الي سن‏62‏ سنة‏,‏ وسن المعاش الكامل من‏65‏ سنة الي‏67‏ سنة‏,‏ لأن نظام المعاشات سينهار مع وجود عجز كبير في ميزانية صندوق المعاشات‏,‏ ففي الوقت الحالي‏,‏ وكما أعلن الرئيس نيكولا ساركوزي هناك واحد من بين كل عشرة متقاعدين يحصلون علي معاشاتهم بالدين أو الاقتراض‏.‏
ويقول لوك شاتيل المتحدث باسم الحكومة‏,‏ إن متوسط الأعمار يزيد ثلاثة أشهر كل عام‏,‏ بالإضافة الي أنه يوجد في فرنسا حاليا‏16‏ مليون متقاعد‏,‏ أي ربع السكان وتبلغ ميزانية المعاشات‏261‏ مليار يورو‏,‏ أي أكثر من‏13%‏ من إجمالي الناتج المحلي لفرنسا‏,‏ ونظرا للزيادة القوية في عدد المتقاعدين‏,‏ حيث ينضم الي النظام‏280‏ ألف متقاعد جديد كل عام‏,‏ فإن النظام مهدد بالانهيار حيث يصل العجز حاليا في ميزانية التقاعد الي‏32‏ مليار يورو‏,‏ ومن المتوقع أن يتضخم في السنوات المقبلة ليصل الي‏70‏ مليار يورو عام‏2030,‏ والي مائة مليار يورو عام‏2050.‏
المسألة إذن بالنسبة للحكومة‏,‏ انقاذ نظام كامل لصالح المتقاعدين الحاليين والقادمين من الأجيال التالية‏,‏ وهو أمر لابد منه‏,‏ والمحاولات في هذا المجال ليست بالجديدة‏,‏ فقد حاول ذلك آلان جويبه رئيس الوزراء الأسبق في عهد شيراك عام‏1995,‏ وهاجت النقابات والشارع الفرنسي وأجبرته علي التراجع بعد‏22‏ يوما من الاضرابات والمظاهرات شلت البلاد شللا كاملا وتوقف الإصلاح‏.‏
ثم جاء الرئيس ساركوزي بوعود انتخابية بإصلاح النظام الاقتصادي كله في فرنسا لإعادة البلاد الي مكانها وموقعها وتنافسيتها في الأسواق العالمية‏,‏ غير أن الظروف العالمية لم تمكنه من ذلك‏,‏ حيث تسببت الأزمة المالية العالمية في وقف حالة النمو في سائر البلاد عامة وفي فرنسا خاصة‏.‏
ومع ما يواجهه ساركوزي من تراجع في شعبيته التي وصلت الي أدني مستوياتها‏,‏ ومع اقتراب ساعة الانتخابات الرئاسية وأيضا النيابية المقررة في ربيع عام‏2012,‏ فإن ساركوزي ليست لديه رفاهية التراجع في تنفيذ إصلاح المعاشات‏,‏ فهو يراهن بذلك علي مستقبله‏,‏ وعلي مستقبل اليمين الحاكم السياسي إن كان المستقبل مازال مطروحا‏.‏
كان الحلف الاجتماعي بين الحكومة والنقابات بأن يتم تأمين ما يسمي الحد الأدني من الخدمة في الخدمات العامة وقت الاضراب‏,‏ الأمر الذي جنب البلاد والمواطنين مصاعب التوقف الكامل والشامل للخدمات‏.‏
وهو ما حدث بالفعل في بداية الاضرابات والمظاهرات‏,‏ حيث اقتصر الأمر علي الغاء نسبة من الرحلات الجوية ومن حركة السكك الحديدية ومن حركة المواصلات العامة‏,‏ ولكن ما لم يكن في الحسبان والذي أحدث الألم للمواطنين ولأصحاب المشروعات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة وأحدث الهلع والفزع لدي الحكومة والرئاسة من ناحية‏,‏ والاتحادات الطلابية وخاصة تلاميذ المدارس الثانوية من ناحية أخري‏.‏ إضراب سائقي الشاحنات مع محاصرة مصافي البترول ومستودعات الوقود‏,‏ إضافة الي اضراب عمال الشحن والتفريغ في المواني خاصة في مجال البترول‏,‏ وما يتبع ذلك من شل حركة سيارات النقل التي تخدم الأسواق‏,‏ إضافة الي قيامها بحركة سير بطيء علي الطرق السريعة‏,‏ وسد كامل لبعض المحاور الرئيسية‏,‏ وإغلاق للمداخل المؤدية الي المطارات في باريس وفي مرسيليا بشكل أثار المخاوف والمقارنات‏,‏ مع ذلك الذي حدث في عام‏1995.‏
فلجأ ساركوزي الي التشدد والحزم والقوة وأصدر الأوامر باستخدام القوة‏,‏ لفك الحصار عن المصافي ومستودعات الوقود ومحطات الخدمة‏,‏ وقد قامت قوات النظام والأمن ومكافحة الشغب علي الفور بعمليات في هذا المجال‏,‏ ولعبت معها نقابات سائقي الشاحنات لعبة القط والفأر‏.‏ ثم جاءت الضربة الثانية من الاتحادات الطلابية‏,‏ إذ نزل الطلاب تلاميذ المدارس الثانوية‏,‏ الي الشارع يشاركون في الاضرابات والمظاهرات‏,‏ فئة من المراهقين يصعب التكهن بسلوكها وتصرفاتها وتحركاتها‏,‏ خرجت تعطل الدراسة في أكثر من‏900‏ مدرسة ثانوية‏,‏ وتقوم بمظاهرات تختلف عن مظاهرات النقابات والعاملين تصطدم برجال النظام والأمن تقذفهم بالحجارة والمقذوفات والزجاجات المشتعلة الحارقة‏,‏ أشعلوا النيران‏,‏ في احدي المدارس في الجنوب وكسروا العديد من السيارات وأشعلوا فيها النيران وقاموا بأعمال تخريب وتدمير استمرت عدة أيام في العديد من الأماكن وقاموا بعمليات سلب ونهب وتكسير للمحلات التجارية‏.‏
أعمال أثارت المخاوف من دخول أبناء الضواحي المهمشة في ميدان المعركة‏,‏ ومن هنا خرج الرئيس ساركوزي يصعد من تشدده وتصلبه ويشن هجوما علي من يصفونهم بالمخربين الأوغاد‏,‏ المتسببين في أعمال العنف والتخريب‏,‏ ويؤكد أن هؤلاء المخربين لن تكون لهم الكلمة الأخيرة في الديمقراطية وفي الجمهورية‏.‏
ويؤكد أيضا أن الاصلاح لارجوع عنه‏,‏ وهنا بيت القصد‏,‏ فساركوزي لابد أن يحقق الاصلاح ليكون هو المبرر والداعم لحملته الانتخابية المقبلة في‏2012‏ ؟‏!‏
والي أن يحين هذا الوقت‏,‏ المواجهة مستمرة‏,‏ والتساؤلات مستمرة‏,‏ حول السبيل الي الخروج‏,‏ وحول العواقب المترتبة علي هذه المواجهة الأقوي في عهد ساركوزي‏,‏ وعلي مستقبل اليمين الحاكم‏,‏ ومستقبل ساركوزي‏,‏ بعد أن أعلن دوفيلبان أن اليمين يمكن أن ينتصر في معركة المعاشات أو بالأحري معركة إصدار القانون‏,‏ ولكنه بالتأكيد قد خسر بالفعل انتخابات‏2012.‏
إن قانون التقاعد الجديد هو مسألة حياة أو موت أولا للحفاظ علي نظام المعاشات‏,‏ وربما لا نكون مبالغين اذا قلنا إنه كذلك أيضا بالنسبة للمستقبل السياسي لساركوزي‏,‏ ومن هنا كان الإصرار والتشدد والمواجهة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.