هزت الاضرابات التي تعم فرنسا احتجاجا علي قانون التقاعد منذ نحو أسبوعين القطاع الاقتصادي الفرنسي, فقد حذرت حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي من أن الإضرابات كلفت البلاد خسائر تقدر بنحو3 مليارات دولار. كما أنها تهدد تعافي الاقتصاد الفرنسي. وذلك في الوقت الذي يسعي فيه ساركوزي إلي طي صفحة معركة خطته الإصلاحية بإجراء تعديل وزاري الشهر المقبل واصلاح ضريبي بهدف استرضاء الناخبين المنتمين إلي يمين الوسط وتعزيز فرصه في مواجهة اليسار الأكثر شعبية. من جانبها, قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد إن تقديرات حكومية تفيد بأن اضرابات طويلة الأمد تكلف البلاد ما بين200 و400 مليون يورو( نحو560 مليون دولار) يوميا.وحذرت من تأثير الاضرابات علي انتعاش الاقتصاد الفرنسي الهش, معربة عن أملها في استئناف النشاط الاقتصادي معدلاته الطبيعية بأسرع وقت ممكن. وأشارت لاجارد- في مقابلة مع إذاعة أوروبا1- إلي أن هناك أيضا خطرا أخلاقيا يتهدد فرنسا حيث تقف جاذبيتها علي المحك عندما تظهر في مثل هذه الصورة. وأضافت أن الحكومة ستلاحق أيضا مديري محطات الوقود الذين حاولوا استغلال نقص الوقود لرفع الأسعار. وأوضحت لاجارد أن الشرطة أجرت حوالي ألفي عملية تفتيش ووجهت اتهامات إلي40 شخصا للاستغلال الفاحش.وأدت لقطات تليفزيونية لمتاريس مشتعلة عند مصافي تكرير ومستودعات وقود محاصرة واشتباكات بين محتجين والشرطة في أثناء الاحتجاجات إلي إحراج الرئيس الفرنسي بينما يحاول التأكيد للعالم أن فرنسا يمكنها اتخاذ خطوات ملموسة لخفض عجز ميزانيتها. وعلي نفس الصعيد, أعلنت شركة الطيران الوطنية ايرفرانس عن خسارة قدرها5 ملايين يورو يوميا, وكذلك الوضع بالنسبة لإدارة المطارات والمواني وقطاع النقل حيث تكبدهم خسائر فادحة بصفة يومية من تداعيات الاضرابات. ففي قطاع النقل البحري, تم الإعلان عن تسريح عشرات العمال, أما قطاع البناء فقد أعلن أيضا عن تسريح الكثير من العاملين وزجهم في براثن البطالة وإن كان هو نفس الحال بالنسبة لشركات السياحة بسبب إلغاء الكثير من الرحلات. وفي تطور آخر, أعلن رئيس الوزراء فرنسوا فيون أمام البرلمان عن عزم الحكومة التقريب ما بين النصين الخاصين بقانون التقاعد اللذين قد تم التصويت عليهما في الجمعية الوطنية(البرلمان) في25 من سبتمبر الماضي والنص الذي صوت عليه مجلس الشيوخ- بعد إلغاء بعض التعديلات- يوم الجمعة الماضي وسط امتعاض شديد للنقابات العمالية والطلابية وأحزاب المعارضة. ومن المقرر أن يجتمع7 نواب من الجمعية الوطنية البرلمان- و7 من أعضاء مجلس الشيوخ لدراسة النص الأخير وإقراره بصورة نهائية غدا. وأعلن ريمون هوبي المستشار الاجتماعي للرئيس الفرنسي أنه من المرتقب أن يصدر القانون في الجريدة الرسمية يوم15 نوفمبر القادم. يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الفرنسي لخوض الانتخابات الرئاسية في2012 ليطوي صفحة قانون التقاعد. وأكد رئيس الوزراء السابق جان بيير رافارين وهو محافظ مقرب إلي ساركوزي لإذاعة ار.تي.ال أن التماسك الاجتماعي أولوية. لابد أن تكون مهمة الحكومة الجديدة النهوض بالمجتمع ومحاولة إعادة بناء هذا المفهوم مع النقابات العمالية. ودعا إلي إحراز تقدم في مجالات منها مساواة رواتب الرجال والنساء وتحسين ظروف العمل ومساعدة العاملين في الأعمال المنهكة. ومن المتوقع أن يقوم الرئيس النشيط بعدد من التعديلات الوزارية الرئيسية في نوفمبر المقبل عندما يعود من قمة منتدي القيادات الاقتصادية بمجموعة العشرين في سول عاصمة كوريا الجنوبية وربما يشمل رئيس الوزراء وكذلك الوزراء المسئولون عن العمل والنقل والشئون الخارجية والميزانية.
