أعادت ملك الكلام الذي جري بينها وبين فرحانة أمام حضرة الضابط ليلا. منعها الخجل من الوصول لآخر مدي الموضوع, تمنت لو أن الكلمات فكت عقدته معها. ما أن عرف أن كلامها مع البنت الخدامة وصل لهذه المنطقة الخطرة. التي لا يبقي بعدها إلا خراب البيوت. طق عرق شرار في مخه. قضي الليل يخطط كيف يتخلص من العنصر الطاريء علي بيتهما الذي يوشك أن يقلب صمته صخبا وهدوءه صراعات؟ في هدأة الليل وسكونه اكتشف الخطأ الذي انساق اليه, لا يستطيع الآن أن يمسك بالنقطة التي بدأت منها الحكاية. سأل نفسه: كيف تغافل عن خطورة إحضار مثل هذه الأسرة( دون سواها) لبيته؟ بنت سوابق. رد سكك وحواري أخطر من رد السجون. وولد لا يعرف له أصل من فصل. كز علي أسنانه وهو يتساءل: كيف جاء بهما إلي بيته؟ كيف ترك زوجته التي لم تر الدنيا ولم تختلط بالناس؟ تقضي مع البنت أكثر مما تقضيه معه. من يدريه ربما هرب الولد نواحي الفيلا في الوقت الطويل الذي يقضيه حضرة الضابط في عمله؟ احتار واندار ماذا يفعل؟ لأول مرة يجد نفسه في مثل هذا الموقف. مع أنه يسخر من الناس الذين يغرقون في شبر ميه ويتصور أن كل مشكلة في الدنيا ولها ألف حل من حلول الناس. غير الحلول التي يقدمها لنا صاحب الخيمة الزرقاء. أوشكت الحيرة أن تعصف به. إن منع البنت فرحانة من دخول الفيلا سيصبح السؤال: ما هو مبرر بقاء العائلة أصلا؟ أصبحت المشكلة كيف يتخلص منهم دون أن يجدهم في صباح اليوم التالي عند الحجز وتكون جرسة وفضيحة؟ (84) طلب الضابط حضرة الصول: اللي شبكنا يخلصنا. وصرفه من حضرته. سأل الصول الذي يعتبر نفسه طبيب القلب زميلا له يقول عنه شرير الفؤاد. عن معني الفزورة. قال له: تاهت ولقيناها. شرح فكرته الولد وحرمته وأولادهما. (85) هكذا رسي الصول علي البير وغطاه مثلما أخذهم بربطة المعلم إلي سراية سعادة الباشا. يستبعدهم دون مشاكل. البيوت أسرار. وإن كان عمل الباشا مشاعا للناس جميعا. فإن حياته الخاصة من المفروض أن تجري وراء ستائر النسيان. حتي من يعرف أمرا من الأمور الخاصة بحياة الباشا عليه أن ينساه فورا مع أن الإنسان لا سلطان له علي ذاكرته. فتسمية الإنسان جاءت من النسيان ولا يستطيع إنسان علي الأرض( كائن من كان) أن يصدر لذاكرته أمرا بالنسيان فينسي. هل نسي الصول أن الكلمة التي كثيرا ما تتردد علي لسان حضرة الباشا: إنسي. وإن اكتشف دهشة من يسميها يقول له: والنسيان نعمة. وإن استمرت الدهشة يلاحقها بعبارته: واللي يكرهها يعمي. (86) احتار الصول ماذا سيفعل في الورطة التي وجد نفسه فيها. رنت في عقل باله الكلمة التي يسمعها من إمام المسجد الذي يصلي فيه صلاة الجمعة والعيدين. عندما يروح لنواحيه ويصافحه بعد الصلاة. من باب زيادة البركة. ويشعر برغبة في تقبيل يد الإمام الشيخ مبروك البضة الطرية. لأن عبيرها جزءا من ريح الجنة التي تنتظره الإمام وليس الصول بعد أن قضي عمره كله يدعو المؤمنين لطاعة الله ورسله وحكامه ومن ينفذون إرادتهم علي الأرض. ردد الإمام الكلمة التي يحب ترديدها كلما صافحه هو. واكتشف الصول أنه لا يقول هذه العبارة إلا له. ولم يسمعه يرددها لغيره من عباد الله. السلطان من ابتعد عن السلطان. رنت كلمة الإمام في ذهن الصول أقوي مما سمعها منه في أي مرة من المرات السابقة. كان هذا ما يدور في عقل باله. وهو في طريقه لسراية الباشا الضابط. مشوار ولا كل المشاوير التي مشاها من قبل. لن تجري فرحة للست ملكة لتخبرها بحضوره وتعود ومعها الصينية عليها مالذ وطاب من طعام وفير. هو أول من يعرفه جيدا. لأنه قد يشارك في شراء ما تحتاجه السراية. ولا يتناوله غير اثنين يوحدان ربهما. وصل الصول وهو يعرف أن ما يجب عليه القيام به كلمة ورد غطاها. كيف يخرج الشعرة من العجين دون مشاكل. أهم ما فهمه الصول الطيب من زميله الصول الشرير حكاية المشاكل هذه لو حدثت لاقدر الله ولا كان اية مشاكل. لا يعرف مصيره قد لا يعرف ولا الدبان الأزرق مكانه. (87) وصل و قت الضحي. حصة يجد فيها مصري وحده في سكنه. أما فرحانة فتكون بداخل السراية. متمتعة بكونها امرأة. والمرأة تتكشف علي المرأة حتي آخر الانكشاف. يرق في ذهن الصول أول المعاني. استغرب لأنه وجد فرحانة مع مصري في سكنهما. قالت له أن الباشا طلب من الملكة ألا تبقي فرحانة بالداخل إلا لتقوم بعملها. أما المساهرة أو التسلية. والكلام في الفاضية والمليانة كان له زمانه وجبر. هذا هو لب المشكلة لسان البنت الفرحانة. ألم يكن من الأفضل أن يسموها حزنانة؟ أو البنت حزينة. لسانها سيطردهم من الجنة. هل صعبت حالهم عليه. حيث هذا وأوشكت دمعة أن تترقرق في عينيه. ما الذي أصابك ياحضر ة الصول؟ أين هذه المشكلة البسيطة؟( بل والتافهة) من الجبال التي حركتها من قبل؟