المعارضة بين المقاطعة والمشاركة تقف دائما في حالة تخبط وتفقد قدرتها علي صياغة موقف محدد يخرجون به إلي الشارع السياسي. فنجد المواقف متباينة وتتخذ بشكل أحادي, كلا وفق رؤيته ومصلحته الحزبية. وفي الانتخابات المقبلة رفضت أهم الأحزاب فكرة المقاطعة كسلاح ضغط يحصد مكاسب سياسية إلا حزب الجبهة فالدكتور أسامة الغزالي حرب اتهم الوفد بالانسحاب من مسئولياته التاريخية وإضعاف سلاح المقاطعة, واغتال الفرصة التاريخية من حصد مكاسب سياسية.. والبدوي يرد بأن المقاطعة تفريط في حقوق الناس وأن الوفد لو اتخذ قرار المقاطعة يمثل تخاذلا في حق الأمة والمجتمع.. وفي مواجهة الأهرام مع البدوي والغزالي حرب ظهر التباين والاختلاف في الشارع السياسي حول طبيعة الانتخابات المقبلة. * البعض كان يعلق آمالا عريضة علي الوفد في مقاطعة الانتخابات كونه الحزب الأكثر تجذرا في الحياة السياسية؟ ** ومن أجل أن الوفد الحزب الأكثر قوة والأعمق تجذرا في الحياة السياسية لم يقاطع الانتخابات. الوفديون لديهم من الخبرات ما يعينهم علي فهم الواقع والتعليم من التجارب لذلك انتصر أعضاء الجمعية العمومية لقرار المشاركة, صحيح أن القرار لم يكن بالأغلبية المطلقة.. لكنه جاء تعبيرا عن رؤي قوية وجادة. ولو كان يؤمن الوفديون بأن قرار المقاطعة الطريق الحقيقي لتغيير الواقع السياسي لدفع الحزب الوطني قسرا عن ممارساته السياسية واحتكاره للسلطة. * اعتبر البعض انتصار الجمعية العمومية للمشاركة خذلانا للأمة؟ ** الذين تبنوا وجهة نظر المقاطعة نظروا إلي نصف الكوب الفارغ ولم يجدوا فيه سوي سراب وخيال لا يقبله الواقع السياسي في مصر, والمقاطعة في تقديري هي خذلان للأمة وليس قرار المشاركة, كونها تحمل في ثناياها تفريطا في حقوق الناس والمجتمع. * حسب تقديرك.. حزب الجبهة الديمقراطية والأحزاب التي قاطعت الانتخابات ارتكبت جريمة سياسية؟ ** دون شك أو أدني مواربة, هي بذلك تفرط في حقوقها السياسية والشرعية وتنسحب من ميدان المعركة وتدلف الي منعطف خطير ينال من مسيرتها مع الناس. ولو كان الجبهة يملك رصيد خبرات الوفد ما كان قد اتخذ قراره بالمقاطعة.. هذا هو الفارق بين الوفد كحزب سياسي يملك رؤي ومنهاج عمل, واحزاب ناشئة تتعثر أقدامها في خوض غمار الحياة الحزبية. * نعتقد أن اتخاذ الوفد قرار المشاركة دفع الأحزاب الأخري لأن تسير فوق دربه؟ ** عندما يتخذ الوفديون قرارا بشأن قضية ما.. تنحصر اعتباراتهم في مصلحة الوفد العليا والثمار التي يحصدها لا ندفع في الاعتبار مصالح الآخرين ولا ندفع بهم نحو طريق نختاره. كل حزب له أسس ومبادئ يسير عليها, خاصة عندما يكون قراره مصيريا. والعديد من الأحزاب وأقواها اتخذوا قرار المشاركة قبل إعلان موقف الجمعية العمومية للوفد, يأتي علي رأسهم التجمع والناصري والإخوان المسلمين. * اعتبر البعض قرار المشاركة دعما للحزب الوطني وترسيخا لشرعيته في الانتخابات؟ ** غير مقبول أن توجه أحزاب المعارضة سهامها القاتلة نحو حزب الوفد.. لأن ذلك فيه تجن كبير علي وطنية ورسوخ حزب ظل وسيظل باقيا في الحياة السياسية ما بقيت الحياة وعلي المعارضة دعم الوفد, كونه الأقوي علي القيادة والتصدي للحزب الوطني. ولو قاطع الوفد الانتخابات سيخوض الحزب الوطني غمارها وستكون انتخابات نزيهة وعلي المعارضة الانتباه نحو مخاطر ترك الساحة خاوية علي عروشها أمام الوطني. * في الفترة الأخيرة شواهد محددة رأي رئيس حزب الجبهة الديمقراطية ان الوفد امتدادا للحزب الوطني؟ ** تجمعني مع الدكتور الغزالي حرب أواصر علاقات طيبة أود وأحرص علي استمرارها ولا أريد تعكير صفوها بكلام لابد من الارتقاء فوقه والذود عنه.. لو علقت علي ما قاله سيكون تعليقي قاسيا.. الدكتور الغزالي حرب يقول كلاما مرسلا لا يستند لحقيقة علمية أو واقعية.. هو اختار الانسحاب من الميدان.. فضل عدم القتال من أجل بسط نفوذ حزبه وله وجهة نظره. وانسحاب الجبهة من الانتخابات فيه دعم للحزب الوطني وترسيخ لإقدامه وخذلان لرجل الشارع الذي سئم حياته في ظل كنف حزب واحد.. كنت أعتقد أن خبرته كباحث سياسي أعمق وأقوي.. وأقول له عيب يا دكتور! بالإضافة إلي أن حزب الوفد ينطلق وينطلق سريعا بخطوات وثابة ترتقي نحو الطموح السياسي, ويقيني بأن ما حققناه في غضون فترة وجيزة قد أحدث هزة عنيفة أثرت علي مجريات القرار في الحزب الوطني وجعلته يشعر بأنه لا محالة من تغيير نهجه وسياساته مع الأحزاب. * تحميلك لحزب الوفد مسئولية مقاطعة الانتخابات منفردا هل يعتبر تجنيا شديدا عليه؟ ** كنت أعتقد أن حزب الوفد سيتمسك بمسئوليته الوطنية ويأبي التخلي عن كونه أهم وأكبر كتلة سياسية والأكثر فاعلية في الشارع السياسي, ورغم أن هناك أحزابا أخري وقوي سياسية ناشطة.. فإن الوفد يبقي له الدور الأكبر والأهم في قيادة دفة مقاطعة الانتخابات. وبإعلانه المشاركة في الانتخابات حول المقاطعة لسلاح بلا فاعلية وفي مرحلة فاصلة من عمر الوطن. * تعتقد أن قرار الوفد بالمشاركة في الانتخابات أضاع فرصة الحصول علي ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات؟ ** لا أحد يستطيع غض طرفه عن تلك الحقيقة الراسخة بأن قرار مشاركة الوفد أفقدنا الأمل في الحصول علي مكاسب سياسية بتحقيق نقلة نوعية في التجربة الديمقراطية, وبالأخص ضمانات نزاهة الانتخابات التي عكف الوفد علي صياغتها ومعه الائتلاف الرباعي ولكن ذهب ذلك أدراج الرياح. وكان يتعين علي الوفد قبل اتخاذ قرار المشاركة أن يقول لنا أين ستذهب تلك الضمانات التي صاغها ووافقنا؟ عليها لقد أضاع الوفد كل شيء. ** الوفد يري أن مقاطعة الانتخابات تضعف موقفه في الشارع السياسي ولن تحقق له مكاسب. ** للمقاطعة عيوب ومزايا, لكنها في وقت ما تعد ضرورية كأداة ضغط تهدف إلي تحقيق مكاسب سياسية, كما أنها عمل مشروع, وهذه المرحلة من عمر مصر تحتاج إلي مثل هذه النوعية من الضغوط والممارسات. * ألا تجد أن الجبهة الديمقراطية كحزب ناشئ عندما يقاطع الانتخابات يضع مصيره علي حافة الخطر؟ ** أعلم يقينا أن هناك أخطارا تلحق بالحزب جراء قرار المقاطعة.. لكن لا مفر من الاقدام عليها لتعظيم صورة الحزب في الشارع السياسي وسنحاول تداركها بتواصل العمل بين الناس. * قبول الوفد المشاركة في الانتخابات في تصورك يعد صفقة قد عقدها مع الحزب الوطني؟ ** ليس لدي وثائق أو أدلة حتي أجزم بذلك, لكن لا أبالغ إذا قلت ان الوفد بتصرفاته الأخيرة التي أقدم عليها أصبح مكملا للحزب, الوطني وإعلان الدكتور البدوي انه يريد الفوز في الانتخابات ب عشرين مقعدا فهذا تقليل من مكانة الوفد التاريخية وهبوط بسقف طموحات الحزب.