ادهشني أنكم لم تتلقوا ردا علي رسالة آلام الخوف من أحد أطباء علاج الأورام, يبدو أننا كمجموعة مهنية قد انشغلنا كثيرا بعلاج مرضانا عن التواصل معهم ومع أسرهم ممن يحتاجون للمؤازرة منا عن طريق توفير المعلومة الصحيحة علي الأقل. إلي صاحبة الرسالة أقول: سيدتي إنه من أجلك ومن أجل من هم في ظروفك ممن لهم تاريخ مرضي في العائلة وجدت برامج الفحص الوقائية, ولابد أن تعرفي أنه ليس بالضرورة أن يكون علاج الورم هذا المثلث المرعب من: الجراحة, فالعلاج الإشعاعي ثم الكيميائي, فإذا تم اكتشاف الحالة مبكرا بما يكفي فقد يكون الاستئصال الجراحي للورم فقط, وليس الثدي بأكمله, هو العلاج الوحيد المطلوب, وبذلك لن يكون هناك أي تشوه من الجراحة أيضا, ويصبح علاج هذا المرض مثله مثل أي مرض بسيط. ولكن كل هذا مرهون بالاكتشاف المبكر للورم, لذلك لا معني لخوفك من الفحص الدوري بالأشعة, إذ أنك يجب ألا تذهبي إلي مركز الأشعة وتطلبي ماموجرام هكذا بدون إشراف طبيب مختص وذلك لأسباب كثيرة: أولا: نحن نفضل فحصا مختلفا( وهو الأشعة فوق الصوتية علي الثدي), في السن الصغيرة, خاصة لمن كان عندهم تاريخ مرضي بالعائلة. ثانيا: سوف تحتاجين لمن يترجم نتائج هذا الفحص إلي خطة وقاية شاملة. يظن البعض أن الهدف من الفحص الوقائي هو الاطمئنان اللحظي علي أنفسهم, وهذا مفهوم خاطئ, لأن الهدف هو الاستمرارية في الفحص لاكتشاف أي تغيرات مبدئية في الأنسجة في مرحلة يسهل التعامل معها, كما يحدث في البلاد المتقدمة حيث تنفذ البرامج الوقائية للجميع من المعرضين للإصابة بالمرض, كل هذا يتم في إطار برامج يديرها أطباء متخصصون ولابد أن هناك أحد الأطباء المتخصصين قريبا منك يمكنك المتابعة تحت إشرافه, وبذلك تحولين الخوف المرضي الذي أصابك إلي قوة إيجابية دافعة للحفاظ علي صحتك بصورة مستمرة عن طريق الفحص الدوري الشامل, والتعامل مع أي مشكلة صحية مبكرا لضمان أحسن النتائج العلاجية أيا كان المرض, فهناك فارق ضخم بين الوقاية والعلاج, وفارق أضخم بين الاكتشاف المبكر والاكتشاف في المراحل المعتادة, ولن أقول المتأخرة. سيدي.. دعني أنتهز فرصة رسالتي إليك لمحاولة نشر ثقافة الوقاية بين الناس, فقد لاحظنا أنا وزملائي من خلال برنامجنا الوقائي أن نسبة كبيرة من الناس في بلدنا يخافون من الفحوص الطبية ويفضلون ألا يعلموا حتي وإن كان هذا يعني تأخر الحالة بدون علاج, والغريب أن هذا يحدث بين المتعلمين والمثقفين أيضا, ويمثل هذا عائقا كبيرا في طريق محاولات الارتقاء بصحة المجتمع, وتظل نسبة اكتشاف الحالات المتأخرة عالية عندنا, ونتائج العلاج غير جيدة, كما ينعكس ذلك بصورة سلبية علي اقتصاد الدولة والأسرة أيضا, إذ إن تكلفة الوقاية أقل كثيرا من تكلفة العلاج. د. نهي محمود نصر عوض استشاري علاج الأورام مستشفي سانت جيمس ليدز مدرس الوبائيات السرطانية جامعة الإسكندرية المدير التنفيذي لمركز جامعة الإسكندرية لبحوث السرطان