علاقة المسلمين والأقباط في مصر علاقة خاصة قلما يوجد لها مثيل في العالم كله وهذه العلاقة تصل إلي درجة من القوة والعمق يصعب بل يستحيل معها تمييز المسلم من القبطي لعدم وجود خلاف في الشكل العام سواء في الأزياء والملابس أو البيوت أو السلوكيات إلي اخر ذلك. وهناك عادات وتقاليد كثيرة لدي المسلم ولدي المسيحي في الأفراح وفي الأحزان وفي مختلف المناسبات الاجتماعية, ومايسترعي الانتباه في العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها أنه لاتوجد فواصل أو حواجز مكانية أو معنوية تحول دون التعامل فيما بينهم بل هناك تجاور مكاني في السكن وفي العمل سواء في القري أو المدن وهناك أعمال ومشروعات تجارية مشتركة بين بعض المسلمين وبعض المسيحيين. وهناك مناسبات عديدة يحتفل بها المسلمون والمسيحيون علي السواء ومع الأسف ورغم هذا تقع بعض أحداث عنف من وقت إلي اخر يروح ضحيتها بعض الأشخاص من هنا أو هناك. ومع ذلك فإن الوحدة الوطنية في مصر صخرة صلبة تحطمت علي أركانها الكثير من المخططات التي تستهدف التفكيك والتفتيت ودفع أبناء الوطن الواحد إلي ضرب رقاب بعضهم البعض ورغم وقوع حوادث كثيرة حاولت النيل من وحدة المصريين إلا أنهم نجحوا في التصدي لها والوقوف في وجه كل من يقف وراءها وذهبت تلك الحوادث بقضها وقضيضها وبقيت وحدة المصريين. كم أصابنا من البلايا علي مدي التاريخ, ولكن وحدتنا بقيت تقاوم الزمن فلا خوف علي مصر ولاتشابه بينها وبين غيرها ولم تنجح القوي الأجنبية قط في التفرقة بين المصريين, فمصر تحمي وحدتها, لأنها وحدة محصنة ضد مصائب الجهل والفقر والتخلف والمخططات الأجنبية. ومصر الحاضر تتشرب كل طبقات الثقافات التي تراكمت عليها, هاضمة ما أتاها من الخارج محتفظة في الوقت نفسه بكثير من أصالتها الأولي لتبدو كما يقول الفرنسي إدوارد لين وثيقة من جلد رقيق, الإنجيل فيها مكتوب فوق هيرودت وفوقهما القرآن, وتحت الجميع لاتزال الكتابة القديمة تقرأ بوضوح وجلاء. وهذا يحتم علينا أن نبحث عن وسائل لتعزيز التعايش بين المصريين جميعا من بينها: 1 تضمين مناهج التعليم مايحض علي التعايش, ويحرص عليه.2 توظيف وسائل الإعلام في التقليل من أي احتقانات وترسيخ قيم التسامح والاعتراف بالآخر واحترامه في عقول الناس ونفوسهم. 3 الإبداع الأدبي والفني يجب أن يحوي كل ثقافة الأمة المصرية عبر التاريخ. 4 أن تكون هناك مشاريع قومية تستوعب جميع المصريين, دون تفرقة وتوجه طاقاهم الي عمل وطني مفيد بدلا من الفراغ الذي يزيد الشقة بين الناس, ويرفع درجة الطاقة الغضبية لديهم. 5 المجتمع الأهلي والذي يمكنه حال وجود جميعات خيرية دينية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين أن يزيد من أواصر التعايش بين الجانبين. وفي النهاية يجب ان ندرك ان الدين لم يكن ابدا سببا في التفرقة بين المصريين ويشير المؤرخون في هذا الصدد الي تحالف المصريين المسيحيين مع عمرو بن العاص والفاتحين المسلمين الذين أنقذوا الكنيسة القبطية من الروم المحتلين الذين كانوا يضطهدون المسيحيين في ذلك الوقت.