أزمة سلطة أخلاقية ومصداقية وسياسية هكذا وصفت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد ان شهد مؤتمرها السنوي عرض العديد من القضايا التي تخص مصر وجميع دول الشرق الاوسط. وكذلك الملفان الايراني والسوري فضلا عن القضايا الفنية المتعلقة بمساعدة بعض الدول الاعضاء الراغبين في استخدام الطاقة النووية في الاغراض السلمية كتوليد الكهرباء واستخدام النظائر الطبية في الاغراض الطبية. ونال الجدل الذي حصل بين الدول العربية والقوي الغربية وعلي رأسها الولاياتالمتحدة بشأن الترسانة النووية الإسرائيلية جانبا كبيرا من اهتمام المراقبين حيث وصف البعض مشروع القرار المصري بالناجح بينما رأي البعض الآخر ان القرار العربي فشل فشلا ذريعا في ظل سياسة الكيل بمكيالين التي لاتزال هي سياسة واشنطن وحلفائها الغربيين خاصة عندما يتعلق الامر بالطفل المدلل اسرائيل. فالوكالة وافقت علي القرار المصري بجعل منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل ولكنها رفضت القرار العربي الذي يلزم اسرائيل بالمعاهدة. فاذا اردنا ان نضع ذلك تحت المجهر فاننا سنجد ان القرار العربي قد حقق معادلة ترجيحية اجابية لان الرافض والمؤيد يقتربون كثيرا من العدد حيث ان51 دولة رفضت و46 دولة ايدت فالفارق بسيط للغاية. لذلك يمكننا القول ان امريكا وحلفائها الغرب قد كسبوا الجولة وحسب تصريحات بعض السياسيين ان علي طهران والقوي العربية ان يتحدوا ويغيروا الاستراتيجية استعدادا للجولة القادمة. والمعني ان يغيروا خطة الهجوم, فبدلا من ان يطلبوا من اسرائيل صراحة ان تتخلي عن ترسانتها النووية وهوالامر شبه المستحيل عليهم ان ينزلوا الملعب بخطة ذكية تخاطب امريكا والغرب لوضع اسرائيل في مازق, وهي كما اعلن عنها بعض المختصين في الشأن النووي الاسرائيلي: اولا: اجباراسرائيل علي الإعلان عن منشاتها النووية السلمية ووضعها تحت تصرف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ثانيا: اسرائيل تملك بالتأكيد اسلحة نووية واسلحة دمار شامل, فعلي الجبهة العربية ان تقول بانها لا تطالبها بالتخلي عنه وتدميره في الوقت الحالي, لان تل ابيب ستربط ذلك بعملية السلام مع جيرانها, ولكن علي الاقل يجب مطالبتها بالاعلان عنه بدل السياسية الضبابية التي تنتهجها مع تكليف الدول الخمس الكبري بالتفتيش عنه لضمان عدم استعمالها في حالة اي هجوم. وضمان تخفيض عدد هذه الاسلحة تدريجيا في مباحثات السلام الي ان تنتهي هذه الاسلحة وتوقع اسرائيل علي معاهدة منع الانتشار النووي العسكري. ويري المحللون ان موقف الوكالة لم يفاجئ الجمهورية الاسلامية بعد ان انتقد المدير العام للوكالة الدولية طهران واتهمها بعدم الشفافية والتعاون التام. كما وجهت طهران بدورها انتقادات شديدة اللهجة للوكالة الدولة للطاقة الذرية وشككت في مصداقية تقريرها الأخير وأعتبرته تحيزا للغرب ولاسرائيل, مما يسلط الضوء علي العلاقات المتوترة بشكل متزايد بين طهران والوكالة مما ينذر بمزيد من الصعوبات لايجاد حل سلمي لملف ايران النووي. ورغم ان الهجمة العربية علي إسرائيل وصفت بالقوية إلا ان الرد جاء قاسيا وغير عادل حسب رأي بعض المراقبين ليحقق بذلك انتصارا دبلوماسيا لاسرائيل, وامريكا التي بذلت قصاري جهدها للتاثير علي قرار مجلس المحافظين في محاولة لإقناع الدول العربية بالعدول عن ذلك القرار, بالرغم من الضغوط التي مارستها الدول العربية خاصة مصرالتي تقدمت بمشروع منفرد لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية ونجحت في اقراره, إلا أن واشنطن والاتحاد الأوروبي نجحوا في افشال الجهود العربية الايرانية في تمرير القرار العربي بحجة أن ذلك يعرقل استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. الأمر الذي اثلج صدر الدولة العبرية حيث وجهت تحيتها لأمريكا والدول الأوروبية التي أجهضت القرار العربي معتبرة أن قرار الوكالة الدولية برفض مشروع القرار العربي يشكل لطمة قوية علي وجه اعدائها, وانتصارا علي العرب والمسلمين. حيث انها لم تفوت الفرصة لتهلل هنا وهناك بلهجة شماتة لفشل الدول العربية في تمرير مشروع قرارها. غير ان المراقبين يرون أن للوكالة الدولية وجها اكثر اشراقا من الاستخدامات العسكرية اذ انها خصصت وجهزت إمكانيات بشرية ومادية لتطوير الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية والتأمين لإستخدامها خاصة أن هناك طلبات أكثر لاستخدام الطاقة النووية كبديل صديق للبيئة وهناك25 دولة مشاركة تقدمت لبناء مفاعلات نووية منها10 دول بدأت بالفعل.