يوم السبت المقبل, يبدأ مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والروائية الطويلة دورته الرابعة عشرة. ولأن ما يميز مهرجان الإسماعيلية هو أسلوب الإدارة بجانب الانتقاء المتميز لأفلامه. مما جعله من أهم مهرجانات الشرق الأوسط للأفلام التسجيلية, كان ل الأهرام هذا الحوار مع رئيس المهرجان. * يلاحظ الجميع سواء كانوا من مصر أو من الخارج أسلوب الإدارة المتميز لمهرجان الإسماعيلية, ويشعر الجميع كأنهم في مهرجان خارج مصر؟.. ما هو السر؟ سر الإدارة, أننا نحترم المتلقي سواء عن طريق توفير الإقامة والمواصلات والأفلام الجيدة مع لجان تحكيم متخصصة, وبجانب ذلك وبنفس الأهمية, الإنصات للآخرين, والدقة في العمل, واحترام الزملاء كبارا وصغارا. كما أننا نعتبر أنفسنا في حالة خدمة عامة لا نتفضل علي أحد في الدعوة أو عرض الأفلام والاحترام المتبادل يولد الثقة. والناقد الفني الكبير علي أبوشادي دائما محط الأنظار, فعندما كان مسئولا عن الرقابة علي المصنفات الفنية كانت الدنيا تقوم ولا تقعد مع كل فيلم مصري, وتثور الأقاويل وتنعقد اللجان ويذهب المخرجون للاستفادة من كل جوانب قانون الرقابة حتي لا يحذف لهم علي أبوشادي مشهدا, علي اعتبار أنهم يقدمون فنا لا يرقي للحذف.. وعندما ترك الرقابة اختفت كل الأصوات الزاعقة والأفلام المهاجمة, وأصبحت الرقابة لا تثير شهية المهاجمين. وهذا يعود في رأيي لشخصية علي أبوشادي المجادلة باعتباره ناقدا فنيا, المسئولة باعتباره المسئول الأول عن عرض هذه الأفلام. * وعدت أسأله عن سر مهرجان الإسماعيلية؟ فقال: نحن نبدأ العمل في الشهر التالي للمهرجان ولا ننتظر حتي اقتراب موعده.. وهذا العام تقدم للمهرجان1100 فيلم, اختارت اللجان78 فيلما.. بمرور السنين حدث تجاذب مع المخرجين الذين أصبحوا يرسلون بأفلامهم.. وهناك آخرون يقدمون أفلاما خصيصا للمهرجان. ولجنة الاختيار تعمل علي اختيار الأفضل, وأشعر بألم حين نعتذر عن عدم قبول أفلام. ويؤكد علي أبوشادي أن لديه مؤسسة تتكون من خمسة أفراد.. هو ونائبه الأستاذ القدير صلاح مرعي, مهندس الديكور, وثلاثة هم: عبلة وجيهان ومجدي.. وسر هذه المؤسسة الصغيرة التي تلفت الانتباه بشدة لتميزها, أنهم أولا أصبحت لديهم خبرة في العمل بجانب ثقة علي أبوشادي وصلاح مرعي فيهم.. وكلهم يقدرون قيمة الفن.. وقيمة الفن التسجيلي كعمل سينمائي يضعك أمام الحقيقة مباشرة بدون رتوش.. أو تزييف. * وسألت علي أبوشادي.. هل هذا النجاح يعود لشخصيتك.. فعلي أبوشادي رجل هادئ يمكنه أن يسمعك للنهاية ثم يدلي برأيه.. كما أنه ماهر في إقناع الآخرين بالرأي الأصوب.. لكنه يضيف: نجاح المهرجان لم يعد يرتبط بي مباشرة.. لقد أصبح نجاحا شخصيا للمجموعة كلها, أي أنه أصبح ملكا عاما.. لأن الضيوف والمخرجين المشاركين أصبحوا يعتبرونه مهرجانهم الخاص, ونجاحه من نجاحهم.. هذا مع وجود لجنة تحكيم لا تتحيز لفيلم علي الآخر. ويضيف: ولأن صلاح مرعي المسئول عن الضيوف الأجانب, استطاع بشخصيته وإتقانه أن يقدم أحسن صورة للمهرجان.. فإن الضيوف يسافر كل عام ليخبروا الآخرين عن مكانة مهرجان الإسماعيلية. ويرغم الدعم الأدبي الذي تقدمه محافظة الإسماعيلية كل عام ووزير الثقافة, فإنك تجد علي أبوشادي موجودا في القرية التي يقيم فيها الضيوف والصحفيون.. كان يمكنه أن يذهب لأي لوكاندة باعتباره رئيسا.. لكن لأن لهذه القرية سحر خاص, فأمامك مباشرة قناة السويس والبواخر العملاقة تمخر عباب الماء, ثم الخضرة والأزهار والأشجار التي توجد نوعا من الرومانسية والهدوء, ثم الصحبة التي يحققها وجود الجميع معا فتنشأ علاقات اجتماعية. وهكذا يري علي أبوشادي أن المهرجان نجح في أن تصبح له صفة العائلة.. فالجميع يهتمون بشيء واحد وهو مشاهدة الأفلام, ثم المناقشات.. ثم روح الألفة والتوافق. * ولماذا لا يحدث هذا في المهرجان الروائي.. هل القاهرة تفرق؟ قال: القاهرة جزء من الحياة وليست كل الحياة, ولذلك فالمهرجان الروائي للأفلام الطويلة لا يمكن السيطرة عليه سيطرة كاملة.. لأن المتابعين للمهرجان قد يؤخرهم الزحام فلا يهتمون بالحضور أو يجعلهم الانشغال بالحياة اليومية غير مهتمين بالمتابعة. وقد أبدي علي أبوشادي أكثر من مرة أنه يتمني أن يتولي المهرجان بعده شخص يحافظ علي هذا المهرجان.. لقد ارتبط المهرجان بمدينة الإسماعيلية الساحرة.. وبلطف أهلها.. واهتمام المسئولين فيها بالمهرجان, فكان المحافظ فؤاد سعد الدين, ثم صبري العدوي, والآن المحافظ عبدالجليل الفخراني.. الذي وضع يفط بالإنجليزية والعربية في شوارع المهرجان, ليري الضيوف مدي الاهتمام بهم, كما أن المهرجان ارتبط بعلي أبوشادي الذي يعمل علي اكتشاف أشخاص لديهم قدرة فنية وإدارية. * ألم تفكر يوما في إدارة مهرجان القاهرة أو الإسكندرية؟ قال علي أبوشادي: لم يحدث, لأن بناء بيت جديد أسهل, إنما ترميم بيت لا أحب هذا العمل.. البناء الجديد يظهر فيه اجتهادك وإتقانك. وقد انتقدنا علي أبوشادي كثيرا عندما كان في الرقابة علي المصنفات الفنية.. وآثار المخرجون المصريون الزوابع أمامه.. لكنه كإنسان, وكناقد له شخصية محببة نأتنس بها ونسترشد بآرائها.