قرار عاجل من "القومي للطفولة" بشأن طفل العسلية في المحلة    قبل الانتخابات، ما هي اختصاصات مجلس الشيوخ وفقا للقانون؟    هيرميس للوساطة تتصدر الأسهم من حيث قيمة التداول بالبورصة خلال الأسبوع    رئيس شعبة الذهب يكشف توقعاته للأسعار خلال الفترة المقبلة    بيلد: ألمانيا قد تواجه أزمة في إمدادات الكهرباء خلال السنوات المقبلة    مصرع 34 شخصا وفقد 8 آخرين جراء انقلاب قارب سياحي في فيتنام    وزير الخارجية الأسبق: مصر والسعودية هما أعمدة الاستقرار والسلام    الزمالك يدعم صفوف فريق كرة اليد بالتعاقد مع محمود الخياط    أمن القليوبية يكشف ملابسات واقعتي العثور على جثة سيدة بجوال ومقتل زوج على يد زوجته    توزيع 600 كرتونة غذائية و7 أطنان سلع أساسية للأسر الأولى بالرعاية بكفر الشيخ    سيدات "مسار" يخضن 3 وديات في المغرب استعدادًا لتصفيات شمال إفريقيا    عندما يصبح القائد واحدًا من الجائعين.. ما دلالات التغير في جسد أبوعبيدة بين الظهور الأول والأخير؟    تشييع شقيقتين غرقا في النيل والبحث مستمر عن جثمان الثالثة    بالفيديو.. مي سليم ونسرين أمين ترقصان مع تامر حسني على أغاني ألبوم "لينا معاد"    أسامة ربيع: قناة السويس نجحت في استعادة 10 رحلات لخطوط ملاحية عملاقة    تنظيم الاتصالات: التعويض الإضافي عن حريق سنترال رمسيس موجه للمتضررين فقط    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    هدير عبد الرازق في قبضة الأمن بعد فيديو اعتداء طليقها عليها بالضرب    كشف غموض واقعة "رضيع المقابر" بعد إدعاء العثور عليه بقنا    «يحتاج مُعد ذهني».. أيمن يونس يدافع عن أحمد فتوح بعد أزمته الأخيرة    عمرو أديب: لست موقوفا وأقضي أجازتي الصيفية    من مهرجان العلمين الجديدة.. ساحة U-Arena تفتح أبوابها للعالم    محمد رمضان يطرح أحدث كليباته من ضهر راجل    فستان جريء بفتحة ساق.. إليسا تستعيد تألقها في حفل زفاف نجل إيلي صعب    سلمى أبو ضيف بفستان ساحر.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    ذهبية وفضية لألعاب القوى فى البطولة الأفريقية بنيجيريا    حسام حسن ل فيتو: أتمنى تطبيق تجربة مستشفى العجمي بجميع المراكز العلاجية في الجمهورية (فيديو)    متحدث «الصحة»: 2.8 مليون عملية جراحية مجانية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    خل التفاح مفيد لصحة الكبد- إليك السبب    انتشال سيارة ميكروباص سقطت في رشاح شبرا هارس بالقليوبية    «المعلمين»: مشروع علاج لأعضاء النقابة بخصومات تصل 60%.. تفاصيل    حصاد الأسبوع    أسامة نبيه يدفع بتشكيل جديد لمنتخب الشباب فى الودية الثانية أمام الكويت    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    باحث: موسكو لا تسعى لصراع مع واشنطن والمفاوضات في إسطنبول مؤشر إيجابي    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بايرن يؤجل عرضه الثالث لضم هداف شتوتجارت    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    محافظ المنيا يتفقد سير العمل بمحطة رفع صرف صحي بقرية بردنوها    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دون أن تطلب

إنه لاشك شئ مفرح أن يعطينا الله مانطلب‏,‏ وأكثر من هذا أن يعطينا فوق مانطلب‏,‏ ولكن أعمق الفرح هو أن يعطينا الله دون أن نطلب‏,‏ وهذه عمق الرعاية الإلهية‏,‏ التي يهتم فيها الله بخليقته‏,‏ فيعطيها من فيض محبته‏,‏ وليس لمجرد الاستجابة لصلواتهم‏,‏ وهذا الأمر واضح منذ البدء‏.‏ بديهي أن الله خلق البشر دون أن يطلبوا لأنهم لم يكونوا موجودين حتي يطلبوا الوجود‏,‏ وبنفس جود الله وكرمه خلق جميع الكائنات الأخري العاقلة والجامدة‏,‏ التي لها حياة والتي ليس لها طبعا دون أن تطلب‏,‏ لقد خلقها كلها من العدم‏,‏ والعدم ليس له كيان لكي يطلب ونحن كبشر حينما خلقنا الله‏,‏ وهبنا العقل والضمير دون أن نطلب‏,‏ وأعطانا السلطة علي كثير من الكائنات ومن الطبيعة دون أن نطلب‏,‏ وأبونا آدم وهبه الله حواء دون أن يطلب كذلك لكي تكون معينة له في الأرض‏.‏
‏*‏ في كثير من الأمور لاينتظر الله من البشر أن يطلبوا‏,‏ لكي يعطيهم‏,‏ بل هو يعرف ما يحتاجون إليه فيعطيهم دون أن يطلبوا ولكي نوضح هذا الأمر في حياتنا العملية‏,‏ نجد أن الطفل الصغير لايملك أن يعبر عن جميع احتياجاته ولكن أباه يعلم ويفهم ماذا يحتاج إليه ابنه‏,‏ فيعطيه دون أن يطلب‏,‏ وهكذا نحن مع خالقنا الكلي الحكمة والكلي الحنو والرحمة والشفقة‏,‏ هو أدري بما نحتاج إليه‏,‏ ويدبر كل احتياجاتنا دون أن نطلب‏,‏ بل ويدبر احتياجات الأمم والشعوب والجماعات ولاينتظر من كل هؤلاء أن يطلبوا وربما لايطلبون ما يفيدهم ومايفيد غيرهم معهم‏!!‏
‏*‏ مثال آخر هو الراعي وكل راع يرعي غنمه حيث توجد احتياجاتها من العشب والماء‏,‏ كذلك دون أن تطلب ونري الله أنه يرعي شعبه‏,‏ وكما قال داود النبي في المزمور‏:‏ الرب يرعاني فلا يعوزني شئ في مراع خضر يربضني‏,‏ وإلي ماء الراحة يوردني‏,‏ يهديني إلي سبل البر وهكذا الله راعي الكون‏:‏ يعولهم‏,‏ ويطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح ويهتم بكل واحد حسب احتياجه‏,‏ وما أكثر الأمثلة في الكتاب وفي التاريخ عن رعاية الرب للبشر‏.‏
إن الله يشبع كل حي من رضاه‏,‏ دون أن يطلب‏,‏ هو يرسل المطر والشمس‏,‏ ويدبر أمور الناس من جهة الكون‏,‏ ويعطي الطعام لكل ذي جسد‏.‏ حتي للملحدين الذين لايؤمنون به وبالتالي لايطلبون منه شيئا‏.‏ بل الله يعطي أيضا جمالا لزنابق الحقل‏,‏ وصوتا جميلا لكثير من الطيور‏,‏ طبعا بدون طلب‏,‏ وليس بسبب استحقاق الخليقة‏.‏ وإنما هو جود الله وكرمه‏.‏ والله تبارك اسمه من فرط جوده أيضا وعد الناس بالنعيم الأبدي بما لم تره عين‏,‏ ولم تسمع به أذن‏,‏ ولم يخطر علي بال إنسان‏.‏ وطبعا من المستحيل أن أحدا كان يطلب مالم يخطر علي باله‏.‏ إننا قد نطلب نعيما‏.‏ ولكن هذه الصورة بالذات‏,‏ هي فوق مانطلب بكل تفاصيله‏.‏
وأيضا النبوءات منحها الله للأنبياء دون أن يطلبوا‏,‏ وما كانوا يفكرون أنهم سيصيرون هكذا‏.‏ ومنحهم النبوءات لفائدتنا دون أن نطلب نحن‏.‏ وواضح جدا أن الله يرسل الوحي دون طلب‏,‏ وهو أيضا يقدم لبعض قديسيه الحلم أو الرؤيا دون أن يطلبوا‏.‏ وربما في وقت لايتوقعه أحد منهم علي الإطلاق‏.‏ إن يوسف الصديق منحه الله أحلاما‏,‏ ومنحه موهبة تفسير الأحلام دون أن يطلب‏.‏ ويوسف الصديق كل ما كان يطلبه أن يخرج من السجن الذي ألقي فيه ظلما‏.‏ ولكن الله جعله الوزير الأول في مصر والثاني في المملكة‏.‏ وما كان هو يطلب ذلك أو يحلم به‏.‏ ولكن الله الحنون المحب أعطاه دون أن يطلب‏.‏ ومعروف أن الدعوة الإلهية وصلت إلي البعض دون أن يطلبوا‏.‏
لذلك يا أخي القارئ إن كنت في يوم من الأيام تحت سيطرة خطية معينة‏,‏ ولاتستطيع الخلاص منها‏,‏ بل لاتطلب نعمة من الله لكي تخلص‏.‏ ولا حتي تقول‏:‏ توبني يارب فأتوب ومع ذلك كله لاتيأس‏.‏ فإن كنت لاتسع إلي خلاص نفسك‏,‏ فإن الله يريد لك هذا الخلاص‏.‏ ولابد أنه سيدبر لك طريقا للتوبة‏,‏ أو يرسل لك مرشدين‏,‏ أو يرسل لك زيارة من النعمة دون أن تطلب فيتأثر قلبك ويخشي ويرجع إليه‏.‏
إن الله لايعطي فقط من أجل صلواتنا وطلباتنا‏,‏ أو من أجل استحقاقنا‏,‏ إنما كثيرا ما يعطي من أجل جوده وكرمه‏,‏ ومن أجل احتياجاتنا‏..‏ ولاشك أن هذا يغرس في قلوبنا الرجاء مهما كانت حالتنا‏,‏ ومهما كنا غير مستحقين لشئ‏.‏
إن القديسين بإيمانهم بأن الله يعطي حتي دون أن نطلب‏,‏ كانوا في كثير من الأوقات يخجلون أن يطلبوا شيئا‏.‏ بل كانت طلباتهم الوحيدة هي القرب من الله‏.‏ كما قال داود النبي في المزمور للرب‏:‏ طلبت وجهك‏,‏ ولوجهك يارب ألتمس‏.‏ لاتحجب وجهك عني‏..‏ ومع ذلك أعطي الله الضعفاء أن يطلبوا مايشاءون إن الذي يؤمن بالله وعطائه‏,‏ ينام في حضن الله ويستريح‏,‏ ويكون واثقا إن الله يدبر له كل شئ‏.‏ ولايتركه معوزا شيئا‏.‏ بل انه يقول للرب في صلاته‏:‏ هل تركت يارب لي شيئا أطلبه؟‏!‏ إنني يارب لو قضيت عمري كله شاكرا فلن يكفي‏.‏ لذلك إن رأيتني يارب أحتاج شيئا‏,‏ أعطني إياه دون أن أطلب‏.‏ إنك أدري بما ينقصني‏,‏ إن كان هناك شئ ينقصني‏.‏ إن عملي الوحيد هو أن أشكرك‏,‏ وأن أسبحك علي كرمك‏,‏ لا أن أطلب لذلك هو يطمئن إلي عمل الله من أجله‏,‏ ويعيش في فرح كامل‏,‏ لاتهتز نفسه لأية ظروف ضاغطة‏,‏ شاعرا أن حياته هي في يد الله‏.‏ وأن الله يستطيع أن يغير المواقف‏,‏ ويغير القلوب‏,‏ ويمهد له طريق السلام دون أن يطلب‏.‏
المزيد من مقالات البابا شنودة الثالث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.