مشهد مؤسف من مشاهد الفوضي والكبت شاهدناه هذا الاسبوع فيما وقع من أحداث شغب بين مشجعي فريقي الزمالك والأهلي, والقضية هنا تعكس مدي حالة الفراغ لدي الصبية والشباب وتلاعب القيادات بداخل الوسط الرياضي بمشاعرهم. بل ان الاعلام الرياضي ذاته ليس برئيا مما رأيناه من أحداث. هذا التعصب الأعمي رأيناه فيما حدث بين جماهير الأهلي والاسماعيلي, وتكرر من قبل في حوادث كثيرة إلا أن ما رأيناه الاسبوع الماضي.من تجمع مشجعي فريق الزمالك وارتكابهم أحداث شغب شهدتها منطقتا الزمالك والمهندسين وانتقالهم من شارع لآخر انتقاما من النادي الاهلي لرفضه دخولهم لمتابعة مباراة كرة اليد بين الفريقين, وقيام ما يسمي بألتراس الأهلي بالرد عليهم أمر يحمل في طياته الكثير من الدلالات المؤسفة, والتي تعبر عن خلل علي كل المستويات سمح للمتلاعبين المتربحين لمصالحهم استغلال عقول هؤلاء الشباب والدفع بهم لارتكاب أعمال بلطجة خطيرة إن بدا سببها الظاهر بسيط للتعصب الكروي فهو سيحمل في الأيام المقبلة ما هو أعنف خاصة مع ما يحدث من الكثير من أوجه الفساد. ويروي شهود العيان لحظات الخوف التي تعرضوا لها حيث أجمعوا علي انهم فوجئوا بما شاهدوه من منظر مرعب لشباب أغلبهم كانوا نصف عراة يسيرون بالطريق ويلقون بألفاظ نابية في حالة هياج ورشقوا واجهات العقارات والسيارات بالزجاجات. ويقول مصطفي عبدالمنعم صاحب احد العقارات: رغم أنني اقطن بالطابق22 إلا أن صوت الشباب كان مرتفعا للغاية. واضاف: انني كل مافكرت فيه هو النزول إلي اسفل العقار وغلق الأبواب والمصاعد خوفا من تطور الأحداث. واضاف أن بعض المارة وأفراد الامن وأحد الضباط والذي اطلق أعيرة نارية في الهواء في محاولة لتفريق هؤلاء الصبية حاولوا صدهم إلا أن عددهم كان كبيرا. ويحلل الدكتور محمد المهدي استاذ الطب النفسي المشهد من الزاوية النفسية والاجتماعية قائلا: هذا الحدث ينبغي أن نراعي فيه الصورة القريبة والتي تشير إلي أن جمهور الزمالك يشعر هذه الأيام بالإضطهاد كما أن هذا الامر ملحوظ أيضا في قيادات نادي الزمالك والتي نري انه يوجد لديها ميل للاشتباك في أي لحظة وإذا ما انتقلنا إلي الصورة الأوسع نجد أن المجتمع المصري ككل يعيش مشاعر الإحباط والغضب والاستقطاب والذي أري أنه أصبح يفرض نفسه بين الشباب, فهناك تقسيم كروي وسياسي وحزبي وكل فئة مستقطبة تسير وراء قائدها وتتأثر بما يبثه من أفكار, ولأن الكثير من الشباب يفتقدون الهدف الحقيقي الذي يجتمعون حوله يلجأون الي صنع هدف بديل بالالتفاف نحو الكرة, فمظاهر التعصب والعنف هي تراكم لكثير من المشاعر السلبية, ولا أغفل هنا دور الإعلام الرياضي فهذا الإعلام في حالة اشتباك دائم ويتسم بعنف لفظي واضح يؤثر في الكثيرين, فإذا كانت الشخصيات الرياضية العامة تعارك بعضها عبر وسائل الإعلام فما بالنا بالشباب. ويطلق الدكتور المهدي لفتة تحذيرية قائلا إن التركيبة النفسية التي شاهدناها في هذه الأحداث مرشحة لإحداث عنف وفوضي, فما حدث مجرد بروفة, لذلك لابد لأولي الأمر من النظر الي هذه الأمور والاهتمام بالجانب الاجتماعي والالتفات إلي ضرورة أن يكون الخطاب السياسي والإعلامي منضبطا حتي لا يتم التأثير بالسلب في هذا الجيل. ويعلق المستشار محمد عيد سالم الأمين العام لمحكمة النقض علي المشهد قائلا: ماحدث من تجمهر كان أمرا لحظيا فيه نوع من استعراض القوة والمحاكاة, فوجود بعض الشباب مع بعضهم للاعتراض علي شيء ما جعل الاخرين يشاركونهم, وبشكل عام أغلب الموجودين في مثل هذه الأحداث يكونون من المراهقين الذين يحاولون اثبات الذات وادعاء الرجولة, خاصة أن فكر التباهي بالقوة والسلطة أصبح منتشرا في مجتمعنا الذي يعاني حاليا من ثقافية سلوكية سيئة, لذلك نحن نحتاج إلي بحث الأمر اجتماعيا من المتخصصين في هذا المجال. ويحذر المستشار سالم من خطورة الموقف قائلا ان ما حدث يجب ألا يمر مرور الكرام, فمثل هذه الأحداث والتي تبدأ ضعيفة تتصاعد بعد ذلك الي ما يمكن ألا يحمد عقباه. ويري المستشار محمود السبروت رئيس المحكمة انه لابد من إصدار قانون الإرهاب وان يمتد ليشمل مثل هذه الحوادث باعتبارها تمثل تهديدا لأمن البلد, مشيرا الي أنه يمكن أن يساء استغلال هذه الوقائع فيندس بين الصبية مجموعة من المغرضين وتحدث الكارثة. كما يجب أن يعاد إصدار قانون البلطجة مرة أخري, حيث تم إيقاف تطبيقه بعد الدفع بعدم دستوريته لعيوب في طريقة إصداره, حيث انه لم يعرض علي مجلس الشوري قبل تشريعه. وألقي رئيس المحكمة باللوم علي الأمن قائلا إن الشرطة من المفترض أنها تمتلك وسائل اتصال حديثة وقوات انتشار سريع تمكنها من محاولة احتواء الموقف, خاصة أن هؤلاء الشباب أخذوا يتنقلون من شارع لآخر, فعدم محاولة التنبه أو إدراك تطور الأحداث خاصة في ظل معرفة وجود نوع من الشغب يحدث بين مشجعي الأندية امر يدل علي الاستهتار.