يبدو أن موسم أفلام عيد الفطر بات من أسوأ المواسم السينمائية وأقلها إقبالا ليس علي مستوي الجمهور فقط بل أيضا صناع السينما. والذين أصبحوا يخشون من عرض أفلامهم بموسم العيد.ويكتفون بأن يكون امتداد العرض أفلام الصيف, مع عدد قليل من الأفلام الجديدة حيث شهد عرض4 أفلام تتفاوت في مستواها وهي الرجل الغامض بسلامته للنجم هاني رمزي وسمير وشهير وبهير الذي يقوم ببطولته مجموعة من الوجوه الجديدة هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي والتجربة الاخراجية الاولي لمعتز التوني, وفيلم ولاد البلد لسعد الصغير ومحمد لطفي ودينا وفيلم عائلة ميكي بطولة لبلبة وأحمد فؤاد سليم وعمرو عابد ومجموعة من الشباب واخراج أكرم فريد وهي الأفلام التي لم تتخط ايرادتها15 مليون جنيه. عائلة ميكي فيلم دافئ منذ اللقطات الأولي تشعر أن هذا الفيلم الرقيق والمغزول بدفء شديد خارج سياق الأفلام المعروضة وأنه ظلم بعرضه في هذا التوقيت خصوصا, وأنه فيلم شديد الإنسانية ويناقش أفكارا تهم الكثير من الأسر, وأهمها الاهتمام بالصورة المثالية عن أنفسنا والتي عادة ما نحرص علي تصديرها للآخرين بعيدا عن حقيقة الأمور. حيث تجسد الفنانة لبلبلة دور ربة منزل ومسئولة شئون قانونية في إحدي الهيئات الحكومية وزوجة لواء ولديها5 أبناء في مراحل تعليمية مختلفة إضافة إلي والدتها التي تعيش معها تجسد دورها رجاء حسين, وطوال الوقت تري أن أبناءها ملتزمين وشديدي المثالية ولذلك تصر علي الاشتراك في مسابقة الأسرة المثالية, وسرعان ما تكتشف لها الحقيقة فابنها الأكبر يضطر إلي ممارسة مهنة لا يحبها, والثاني يؤكد لها أنه وصل إلي بكالوريوس الهندسة وهو لا يزال في السنة الثانية والثالث يعشق الكرة, ويضطر في لحظة إلي أن يتحول إلي بلطجي ليدافع عن حقه وابنتها التي لا تثق في جمالها وتري أنها ممتلئة ولا يشغلها سوي الجلوس علي الإنترنت والحديث مع شباب لا تعرفهم ومحاولاتها الدائمة إيهام نفسها والآخرين من أصدقائها بأنها في حالة حب ومرغوبة. الفيلم مليء بالمفارقات الدرامية والمشاعر الإنسانية ولأول مرة أري عملا للمخرج أكرم فريد بهذا القدر من البساطة والانسيابية علي مستوي الصورة, إضافة إلي موسيقي عمرو إسماعيل المعبرة ومونتاج مها رشدي, الناعم والذي يتناسب مع تركيبة السيناريو والفيلم أعادنا إلي أفلام الأسرة والتي تفتقدها السينما المصرية منذ فترة طويلة, والأهم أن نشاهد فيلما تتصدر تتراته أسماء نجوم من العيار الثقيل أمتعونا في مباراة تمثيلية وهم لبلبة وأحمد فؤاد سليم ورجاء حسين إضافة إلي عدد من الوجوه الواعدة أهمها عمرو عابد وبالفعل تستحق شركة نيو سينشري التي قامت بإنتاج الفيلم التحية لتحمسها لهذه النوعية. شهير وسمير وبهير علي عكس فيلم ولاد البلد جاء فيلم سمير وشهير وبهير للثلاثي شيكو وأحمد فهمي وهشام ماجد يحمل أفكارا كوميدية جديدة, حيث يتخذ صناع الفيلم من تيمة العودة بالزمن للماضي كمحور أساسي لإيجاد مفارقات كوميدية خصوصا أن الفيلم قائم علي الفانتازيا والمبالغة التي تصل في أحيان كثيرة الي الشكل الكاريكاتوري بداية من أسماء الشخصيات وأسلوب الحوار الذي يقوم طوال الاحداث علي الافيه أو سوء التفاهم, وتدور أحداث الفيلم حول3 أشقاء من الأب ولدوا في نفس اليوم حيث تزوج والدهم من أمهاتهم الثلاثة في نفس اليوم ويتصادف أنهم يدخلون نفس الكلية, وكل منهم له شخصية مختلفة فأحدهم دنجوان رغم أن ملامحه لا تعبر عن ذلك فهو ممتلئ الجسد وذلك خلق مفارقات كوميدية عديدة, والثاني دلوع ومرتبط بوالدته بشدة ولا يستطيع أخذ قرار إلا بعد الرجوع إليها, والثالث لا هم له سوي أن يكون ممثلا ويعمل دوبلير بشكل أساسي ومجنونا بالنجم أحمد السقا, ورغم أنهم لا يتعاملون مع بعض إلا أن قيامهم بمشروع تخرج واحد يلزمهم بضرورة التعاون, ويضطرون إلي سرقة مشروع استاذهم في الجامعة وهو عبارة عن ألة زمن ونتيجة لخطأ ما يعودون إلي فترة السبعينينات, والتي أضفت علي الفيلم مزيجا من الكوميديا لطبيعة موضة الملابس في تلك الفترة ونوع الموسيقي في ذلك الوقت, وكان ذلك اختيارا ذكيا جدا كما ساعد الحس الكوميدي للمخرج معتز التوني في ترك الحرية للأبطال أمام الكاميرا. ولاد البلد رغم أنه أقل الافلام التي عرضت في مستواها الفني, بل نستطيع أن نقول دون خجل أنه فيلم يخاصم أبجديات السينما, الا أنه استطاع أن يتصدر المرتبة الأولي في الايرادات وهو مايفسر نوعية وطبيعة جمهور العيد, من شباب ومراهقين وحرفيين والذين يرتادون في الاغلب سينمات وسط المدينة حيث سجل الفيلم أعلي ايرادات من سينمات وسط البلد ويمتليء الفيلم منذ لقطاته الأولي بكم كبير من الرقص وقمصان النوم والإيحاءات الجنسية, حيث تدور أحداث الفيلم حول محاولة غسان رجل أعمال يجسد دوره أحمد راتب ترشيح نفسه بمجلس الشعب حتي يحصل علي الحصانة البرلمانية التي تساعده علي إستيراد بضائع فاسدة إلي مصر, ويستعين بمجموعة من قبضيات الحارة لكي يروجوا لحملته الإنتخابية, ويجسد سعد الصغير دور جاوا المطرب والميكانيكي في وقت واحد ويسعي إلي تحقيق حلم الغناء, وشقيقه محمد لطفي أو باندا الذي يخرج من السجن, ونري دينا أو سامية جمال وتجسد دور راقصة شعبية تعمل في كباريه ولكنها تخفي حقيقة أمرها عن أهل الحارة, وشقيقها علاء مرسي جميل جمال الذي يعمل قواد والحانوتي سليمان عيد ورامي غيط وشقيقته إنجي وجدان. ز س جعلته أشبه بمجموعة من الرقصات والأغاني والأفيهات الجنسية فقط دون مضمون حقيقي أو قصة يتفاعل معها محب الفن السينمائي, وهو ما يخرجه بالطبع من حسابات أي نقد فني لأنه ببساطة لن تجد شيئا تنقده, فلا نري سوي مشاهد رقص دينا, وأيضا مشاهد رقص شمس التي تعاني من العجز الجنسي لزوجها سليمان عيد وتحاول إثارته بإرتداء قمصان نوم وبدل رقص ساخنة, والمفارقة أن الخط الدرامي- إذا اعتبرنا من الأصل أن هناك خطوطا درامية في الفيلم- لا يتماشي مع قصة الفيلم التي تشير إلي جدعنة ولاد البلد في رفض الرشوة والإضرار ببلدهم وأنهم أفضل من الأغنياء الذين يبيع بعضهم البلد مقابل حفنة من الأموال, ونري مشهدا هزليا في نهاية الفيلم برفض ولاد البلد الرشوة التي يعرضها عليهم رجل الأعمال لكي يساعدوه في صفقة تهريب الشحنة الفاسدة حيث اقتبس المخرج مشهد النهاية لفيلم واحد صفر بطولة إلهام شاهين وهو المشهد الذي يصور تفاعل أبطال الفيلم مع انتصار منتخب مصر لكرة القدم وفوزه بالبطولة الأفريقية, ويبدو أن صناع الفيلم أرادوا أن يضيفوا الي الخلطة السبكية بعدا سياسيا وهو من المضحكات المبكيات عندما يري صناع فيلم بهذه الرداءة أنهم أصحاب رسالة.