طغي الخلاف حول أزمة تهجير الغجر من فرنسا علي التغطية الإعلامية لأعمال القمة الأوروبية في بروكسل, رغم أن جدول ألاعمال كان يتضمن لأول مرة سبل تطوير السياسة الاستراتيجية. وكذلك الأمنية الأوروبية وكيفية تحسين آليات تنسيق السياسة الخارجية للاتحاد وتطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي بشركائه الاستراتيجيين وذلك منذ اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية , ولذا شارك في أعمال القمة بصورة استثنائية وزراء خارجية الدول الأوروبية بجانب رؤساءالدول والحكومات فقد انتبهت دول الاتحاد الأوروبي بعد تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية وفشل مؤتمر المناخ الأخير في كوبنهاجن بسبب مواقف الدول النامية الي أن أمنها ورفاهيتها في المستقبل يرتبطان ارتباطا وثيقا بمؤثرات خارجية يشارك في صنعها وصياغتها لاعبون دوليون جدد, مما يتطلب تعميق الحوار مع هذه الدول المؤثرة في التطورات الدولية سواء كانت دولا واعدة اقتصاديا مثل الصين والهند والبرازيل, أو دولا ذات تأثير في محيطها الإقليمي مثل مصر وجنوب إفريقيا والمكسيك وشيلي. لذا توصلت الدول الأوروبية خلال قمة بروكسل الأخيرة الي أن الطريق نحو تحقيق وضمان مصالح الاتحاد الأوروبي اقتصاديا وسياسيا في المحافل الدولية يمر عبر توثيق علاقاتها الاقتصادية والتجارية والسياسية بدول مجموعة الشركاء الاستراتيجيين, وهو مايتطلب أولا اعدادا أفضل للقمم الثنائية التي يعقدها القادة الأوروبيون مع زعماء هذه الدول في المستقبل. كما يتطلب ثانيا توحيد المواقف الأوروبية إزاء القضايا العالمية والإقليمية لتبدو أوروبا بالفعل جديرة بالقيام بدور رائد في تحمل مسئولية الأمن الدولي ومواجهة التحديات العالمية, واخيرا سعت القمة الي التوصل لمفهوم مشترك لمسمي الشراكة الإستراتيجية وحصر الدول التي تندرج تحته لكي يتم التركيز علي تطوير العلاقات معها ابتداء من زيادة الاهتمام بمستوي التمثيل الدبلوماسي فيها وانتهاء بالتنسيق السياسي الشامل معها في إطار المؤسسات الأوروبية. ووفقا لما طرح في قمة بروكسل وكشفته مؤسسة كونراد أديناور الألمانية التابعة للحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا فإن هناك اتفاقا أوروبيا علي أن قائمة دول الشراكة الاستراتيجية تضم حتي الآن رسميا الولاياتالمتحدة والصين وروسيا والهند والبرازيل وشيلي والمكسيك وجنوب إفريقيا وكندا. غير ان كاثرين اشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي طلبت خلال القمة إدراج دول أخري رسميا في قائمة الشركة الاستراتيجية وهي مصر, وإسرائيل وأوكرانيا وإندونيسيا وباكستان وكوريا الجنوبية. وفيما يتعلق بمصر فإن وزارة الخارجية الألمانية اكدت رغبة الاتحاد الأوروبي في تطوير علاقاته سياسيا واستراتيجيا بمصر نظرا لثقلها الإقليمي وعلاقاتها الوثيقة بمحيطها العربي والإفريقي اضافة الي دورها في اتحاد البحر المتوسط وأهميتها الرئيسية بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط, إضافة الي دورها النشيط في المنظمات الدولية, فبعد اتفاقية الشراكة الأوروبية مع مصر التي دخلت حيز التنفيذ منذ خمس سنوات وحققت طفرة في العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي ثم خطة العمل المشتركة لصياغة العلاقات بين الجانبين في إطار سياسة الجوار الأوروبية عام2007 ومن بعدها الشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة في عام2008 باتت الخطوة التالية هي شراكة استراتيجية سياسية أوروبية مع مصر, كما أعلن الاتحاد الأوروبي نفسه اخيرا ترحيبه بتعميق الحوار السياسي المشترك مع مصر علي الصعيدين الثنائي وفي إطار الاتحاد المتوسط في مجالات مكافحة الإرهاب وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ونزع السلاح, وفي مجال الهجرة غير المشروعة. وقد اتفقت الدول الأوروبية في بروكسل علي أن هذه الشراكة الاستراتيجية الجاري صياغتها مع مصر ودول أخري يجب ان تقوم علي اساس الاعتراف بالحقوق والواجبات تجاه الطرف الآخر, وأن جعل التطوير المستمر للتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي مع هذه الدول هدف استراتيجي سيساعدها علي ايجاد فرص العمل ويفتح اسواقا جديدة للشركات الأوروبية وييسر عملية تنسيق المواقف السياسية, كما تم الاتفاق حول قيام الدول الأوروبية في المستقبل بالتنسيق فيما بينها قبل عقد قمم ثنائية مع شركائها الاستراتيجيين وتبادل المعلومات بين دول ومؤسسات الاتحاد الأوروبي مع مطالبة رئيس المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية بتقديم تصور للخطوط العريضة والمواقف المبدئية إزاء الدولة الشريكة وتركيز الضوء علي قضيتين أو اكثر من قضايا العلاقات المشتركة خلال لقاءات مسئولي الجانبين.