بعيدا عن مناطق الساحل المأهولة بالسكان وذات الكثافة السكانية العالية وتحديدا في منطقة وسط سيناء والتي شهدت تدفقا كبيرا للسيول خلال العام الحالي وامتلأ بها خزان سد الروافعة. وكذلك بمنطقة القسيمة والتي توجد بها عين طبيعية يتدفق منها الماء من أعلي قمة جبل تسمي عين القديرات.. وعين القديرات لها قصة تاريخية يرددها أبناء القبائل البدوية جيلا بعد جيل. فمنذ زمن كانت هناك عين طبيعية تنضح بالماء من أعالي الجبال قمة في الجبل منذ عهود الرومان, ولكنهم عمدوا إلي طمرها وإخفائها عندما زحفت الجيوش الإسلامية إلي مصر بقيادة عمرو بن العاص, ولم يتم اكتشافها إلا عام1800 م فقد استرعي انتباه أحد رعاة الأغنام من البدو ومن قبيلة تسمي قبيلة القديرات.. أن أحد الماعز التي يقوم برعايتها استبد بها العطش.. راحت تضرب بقدميها في هذا المكان بحثا عن الماء, ووجد أن هناك بللا في هذا المكان, فقام بالتعاون مع أهل القبيلة بالحفر أعلي قمة الجبل لتنفجر المياه مرة أخري من وسط الصخور الجبلية, وأطلق عليها اسم عين القديرات.. نسبة إلي القبيلة التي أعادت اكتشافها, وفي هذه المنطقة التي تتدفق منها المياه بشكل لا ممنوع ولا مقطوع لم تتواصل الجهود لتنمية القرية باستغلال هذه العين واستقرار المواطن السيناوي في تخزينها أو استغلالها الاستغلال الأمثل خاصة أن المنطقة المجاورة للعين يتواجد بها كميات كبيرة من أشجار الزيتون والتي تعتبر ثمارها من أجود أنواع الزيتون في العالم. والقضية باختصار هو كيفية تجميع هذه المياه واستغلالها في الزراعة بشكل مباشر خاصة زراعة القمح, والذي أصبح يمثل أزمة عالمية, ويمكننا من خلاله تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر فيما لو تم استغلال الأراضي الصحراوية واستغلال مصادرنا من المياه. ففي منطقة وسط سيناء أهم أهداف التنمية التي بدأت ملامحها تظهر علي أرض الواقع.. فالتاريخ والجغرافيا وكل العلوم الاستراتيجية تشير, بل تؤكد أن أبناء هذه المنطقة أهم ثروة بشرية يجب استهدافهم بالاستقرار, واتخاذ الإجراءات الفورية لتلبية احتياجاتهم. ويقول عبدالله جهامة رئيس مجلس قبائل وسط سيناء إن مشروع عين القديرات, يجري حاليا عمل دراسة لتطويره واستغلاله في الزراعة, وتحويل هذه العيون الطبيعية إلي منتجعات سياحية يقصدها الباحثون عن الجمال والطبيعة الساحرة. وأضاف: أن هناك أيضا مصدرا هاما من المياه وهو السيول, فقد قام مزارعو شمال سيناء بالتعاون مع وزارة الزراعة باستزراع6 آلاف فدان بالقمح والشعير, وإن كان المستهدف زراعة أكثر من15 ألف فدان, خاصة أن وزارة الزراعة قد وفرت10 جرارات زراعية بمنطقتي الحسنة ونخل تقوم بحرث وتجهيز الأراضي تمهيدا لزراعتها بالقمح والشعير, كما قامت الوزارة بنشر تعليمات خاصة بكيفية زراعة المناطق الصحراوية, كما تم تسليم تقاوي القمح والشعير عن طريق الإدارات والجمعيات الزراعية. وأوضح أن العامل الرئيسي في إنجاح هذه الزراعات يتمثل في القدرة علي الاستفادة من كل قطرة مياه, وهو ما يجب أن نلفت إليه الانتباه, فيجب أن تقوم وزارة الزراعة بمساعدة أبناء المنطقة في حجز المياه( الهرابات).. وهي عبارة عن حفر كبيرة بالأراضي المنخفضة يتم تبطينها بالبلاستيك لتجميع المياه واستخدامها في أغراض الشرب والزراعة, وكذلك كيفية استغلال العيون الطبيعية في الزراعة. ومن جانبه أوضح الكاشف محمد الكاشف رئيس الجمعية الزراعية بالعريش أن السهول القابلة للزراعة تبلغ8 آلاف كيلو متر مربع. أي89% داخل المحافظة فقط, وهو ما يتيح امكانية زراعة مليون ونصف مليون فدان باستخدام المياه الجوفية والعيون الطبيعية, وكذلك استغلال مياه السيول بسد الروافعة. ومن جانبه.. أكد الدكتور رجب حفني أستاذ بكلية الزراعة بالعريش: أن الدراسات تشير إلي امكانية زراعة150 ألف فدان علي مياه السيول, بالإضافة إلي300 ألف فدان في أعلي وادي العريش والجفاجفة والبروك من خلال كميات المياه المحتجزة خلف سدود مثل سد الروافعة ووادي الكرم وسط طلعة البدن, موضحا أن التجارب السابقة أوضحت امكانية زراعة أصناف عديدة من القمح بمناطق الشيحة والكونتلا والقسيمة.