فئة عزيزة حملت اعباء وهموم أجيال من الأبناء والبنات... واوفت ما عليها.. تبحث حاليا عمن يتقاسم معها وحدتها وهمومها... هم فئة الأجداد الذين يعرفهم المجتمع بالمسنين, وكثير منهم استقر بهم الحال في دور المسنين أو مؤسسات الإيواء, إما طواعية أو جراء تخلي الاحباب عنهم من الابناء والبنات.. وهؤلاء يتطلعون إلي لمسة حنان... صباح ثاني أيام العيد في صحبة السيدة فريدة بدار الصفا اجتمعوا يتبادلون الذكريات. الحاجة عبلة صاحبة أكبر رصيد من السنوات بالدار10 سنوات توسطت صديقاتها, وتستدعي الذكريات عن العيد أيام زمان وسط لمة الأسرة, وقبل غدر الأيام والزوج بها, وهي التي كانت سيدة مملكة الأسرة يجتمع لديها الكبير والصغير الإخوة والأخوات والابنة الوحيدة وأبناؤها الصغار وتتذكر كيف كانت تملأ الفرحة أرجاء منزلها أيام الأعياد وليالي رمضان.. ولكن فجأة تتبدل ملامح الحاجة عبلة... وهي تتذكر خيانة الزوج ولم ترحمها الحياة الجديدة التي اختارها لها الزوج, فقررت اللجوء إلي الدار رغم قصور المعاش, ورغم علامات الألم التي اكتست وجوه الأمهات والجدات, رغم روح الدعابة والمرح لم تفارق المجموعة... السيدة أم مجدي نزيلة من25 سنة تري أن الدنيا ابتسمت لها لمجرد أن وجدت مكانا يأويها بعد غدر الابناء, والأصحاب داخل الدار تقام معهم شذوذ الزمان وعناده. أما الحاجة فريدة التي لم تنجب بنات فكان هروبها من وجه زوجات ابنائها إلي دار يمكن أن تجد فيه الونس والحنان والصدق تاركة شقتها بكامل أثاثها, وتجد في عزلتها عن ابنائها أن يبقي الود موصولا مادام أنها بعيدة, ولا ترهق أحدا منهم بطلباتهم, خاصة وهي التي كانت شعلة من الحركة والنشاط في عملها كحكيمة ولادة أتي علي يديها آلاف الأطفال من الاولاد والبنات, ولكن لم يرزقها الله ببنت التي تقول ربما لو كان لدي بنت كانت حياتي تغيرت إلي الأحسن, وكانت احاطتني بالحنان,ولكن الحمد لله الذي هداني إلي هذا المكان, حيث الاجتماعية ومحبة الزملاء... وكل ما تشكو منه الحاجة فريدة هو الغلاء, خاصة في أسعار الأدوية التي تستخدمها وتتجاوز600 جنيه شهريا, وكذلك متطلبات الاقامة في الدار. أما من لم يرزقهن الله بأولاد مثل الحاجة ثريا تنتظر مجيء الأخ للزيارة الذي كثيرا ما تلهيه مشاغل الحياة عنها رغم أنه حنين ويحبها ويسهم معها في دفع تكاليف الإقامة والعلاج لانها لا تمتلك سوي معاش الوالد الذي لا يتجاوز بضعة جنيهات, وما تشكو منه بالدار هو روتين الطعام والابتعاد عن طعم البيت الذي تعودته علي الرغم من السنوات الطوال التي قضتها بالدار إلا أنها تتحايل علي ذلك بمشاركة زميلاتها في إعداد طبخة خاصة لاسترجاع طعم البيوت التي تركتها وراءهن,. أما الحاجة هيام أم عبير صغيرة السن التي لم يتجاوز عمرها الخمسين عاما فتشكو غدر أهل الزوج بعد وفاة الزوج الذين فرقوا بينها وبين أبنائها بعد أن أخذوهم منها إلي محافظة أخري وتركها وحيدة بدون سكن, فلن تجد أمامها بعد تعرضها لحادث سيارة وإصابة رجلها بعاهة مستديمة سوي اللجوء للدار للعمل والاقامة بها, وكل ما تطلبه ان يستجيب المسئولون بطلبها بمنحها شقة صغيرة تضم فيها أولادها من جديد. من جانبها تقول السيدة نهلة المشرفة علي الدار: لدينا76 مسنا ومسنة جميعهم من القادرين علي خدمة انفسهم, ودفع رسوم الإقامة التي تبلغ600 جنيه. أما بدار الخلفاء الراشدين, فالحال لا يختلف كثيرا... كما تقول مدام إيمان مديرة المسنين لدينا29 مسنا,11 من الرجال والباقي سيدات, بالإضافة إلي ثلاثة مقعدين, وعن تكاليف العلاج التي يشكو منها البعض تقول المؤسسة تتحمل تكاليف الكشف والفحوص الطبية, ولكن هم يقومون بدفع تكاليف العلاج إلي جانب رسوم الاقامة التي تتراوح ما بين450 جنيها للحجرة المشتركة و650 جنيها للحجرة المفردة.